العنصرية المؤسسية حقيقة مقلقة في بريطانيا

السياسي البريطاني صادق خان، رئيس بلدية لندن - (أرشيفية)
السياسي البريطاني صادق خان، رئيس بلدية لندن - (أرشيفية)
البريطانيون مدينون لستيفن لورانس وعائلته بأن يحرصوا على اجتثاث جميع صور التمييز، سواء كان ظاهراً أم مؤسسياً، من قلب مجتمعنا. وعلى المؤمنين بالمساواة وحقوق الإنسان الآن أكثر من أي وقت مضى تجديد التزامهم بالقضاء على هذه الظاهرة المقلقة.اضافة اعلان
*   *   *
شكل نشر تقرير ماكفرسون في شباط (فبراير) 1999 -والذي جاء تكليلاً لجهود دؤوبة بذلتها عائلة ستيفن لورانس، ولا سيما والدته الملهمة، البارونة دورين لورانس- لحظة فاصلة في تاريخ العلاقات بين الأعراق في بريطانيا.
بالإضافة إلى عرضه التفصيلي لما ارتكبته شرطة العاصمة البريطانية من إخفاقات شائنة في إجراء تحقيق وافٍ عن مقتل ستيفن لدواع عنصرية، قدَّم التقرير للمرة الأولى اعترافاً رسمياً بحقيقة كثيراً ما علم بها سكان لندن من السود: أن العنصرية المؤسسية تنخر شرطة العاصمة.
لم يكن تقرير ماكفرسون حافزاً لإدخال تعديلات على القانون فحسب، بل أدى إلى صحوة المجتمع في شأن وجود عنصرية مؤسسية -وبتأثيرها الضار. وفتح أعين الرأي العام على الكلفة البشرية لهذا الوباء، كما سلط الضوء على أن العنصرية المؤسسية لا تقتصر على الأرجح على شرطة العاصمة وقوات الشرطة، بل لها وجود في مؤسسات ومنظمات أخرى كذلك.
وفيما سجلت السنوات الأخيرة إحراز بعض التقدم في مجال التصدي للعنصرية المؤسسية داخل الشرطة وغيرها، علينا أن نقر صراحة، بعد مرور ربع قرن على إعلان تقرير ماكفرسون، بأننا لم نبلغ المرحلة التي أملناها.
ظهر في المراجعة التي قامت بها البارونة كيسي العام الماضي أن شرطة العاصمة ما تزال تعاني من العنصرية المؤسسية. ونحن نعرف عن ارتفاع أعداد الوفيات بصورة متفاوتة في أوساط السكان السود خلال جائحة "كوفيد"، ونعي مدى غياب المساواة في صلب نظام العدالة الجنائية فيما يبلغ احتمال وفاة النساء السود أثناء الحمل أو عملية الولادة أربعة أضعاف احتمال وفاة نظيراتهن البيضاوات في المملكة المتحدة. ومن الواضح جداً أن العنصرية المؤسسية ليست مشكلة ملحة فحسب، بل هي مسألة حياة أو موت بالنسبة للسود من سكان لندن ومن البريطانيين في يومنا هذا.
وهذا واقع لا يسعنا تجاهله أو المجادلة بشأنه. ومع ذلك، يسود عند بعض الجهات اتجاه سياسي مقلق جداً يتسم بالاستخفاف بأهمية العنصرية المؤسسية أو نفي وجودها جملة وتفصيلاً. وبصفتي رئيس بلدية، فإنني أجزم بأن العنصرية المؤسسية ليست "زيفاً" أو "مسألة يثيرها تيار يقظة يفرط في الاهتمام بالعدالة الاجتماعية والقضايا التقدمية والليبرالية" -إنها حقيقة واقعة ومقلقة. ولهذا السبب، عملت مع مفوض الشرطة في سبيل وضع شرطة العاصمة على طريق إصلاح ثقافي ممنهج بعيد المدى. ولهذا السبب أيضاً لن أتوانى عن مساءلة الشرطة، بينما تجرى التغييرات المطلوبة بصورة ملحة. وأنا أتعهد بذلك لسكان لندن، ولن أرتاح قبل أن يصبح لديهم جهاز الشرطة الذي يستحقونه -جهاز موثوق يمثلهم وعلى مستوى المهمة المنوطة به حقا.
الآن، وأكثر من أي وقت مضى، على المؤمنين بالمساواة وحقوق الإنسان تجديد التزامهم بالقضاء على العنصرية بجميع صورها، سواء داخل جهاز شرطة العاصمة أو في أي قطاع أو مجال في مجتمعنا. بعد مرور 25 عاماً على التحقيق في مقتل ستيفن لورانس ونشر تقرير ماكفرسون، نحن مدينون لستيفن وعائلته، ولسكان لندن اليوم، بمتابعة حمل شعلة هذا النضال. إن من واجبنا جميعاً أن نحرص حقًا على أن تصبح العنصرية -سواء الظاهرة أو المؤسسية المضمرة- شيئاً من الماضي وليس وصمة عار تلاحقنا في زمننا الحالي، ولا آفة يبتلى بها أبناؤنا في المستقبل.

*صادق خان Sadiq Khan: سياسي بريطاني ورئيس بلدية لندن.