الوطن البديل وكيد الكائدين

تختلف الأفكار والنوايا في تفسير فكرة الوطن البديل. ويرى البعض أن حرمان الفلسطيني من أي جنسية أخرى، وخاصة الأردنية، هو تثبيت لحقه في جنسيته الأصلية، ومواجهة صارمة لمعركة يخوضها الجانب الإسرائيلي في تفريغ فلسطين من أهلها. وتنقسم الآراء حول هذه النظرية، فمن الناس من يرى أنها حقيقة قطعية يجب الصمود في دعمها لأنها تعبر عن نوايا حسنة وصحيحة، ومن الناس من يرى أنها مجرد ذريعة يتندر بها من لا يأبهون للحقوق الفلسطينية بقدر اهتمامهم بنظريات أخرى مُخبأة ويجري تداولها على نطاق ضيق، في بعض الأحيان، وهي تعارض وجودا فلسطينيا في الأردن.
حين تجلس وحدك تفكر في كل هذا، وفي الحل الجذري الذي يمكنه حقا أن يحفظ الحقوق الفلسطينية كاملة، ويحفظ أملاك الغائبين، ويحفظ حق العودة وتعويض اللاجئين، ويحفظ هوية كل أردني حصل على الجنسية قبل فك الارتباط في العام 1988، ويمنع أن يصبح الأردن وطنا بديلا، وكذلك تفكر في الواجب الأردني الذي لم يتخل عنه الأردن في الماضي، ولن يتخلى عنه الآن، تجاه مجموعة كبيرة من الفلسطينيين، لم يحصلوا على أي من حقوقهم، ولا يحصلون على حياة مستقرة آمنة في التنقل والسفر والتعليم والصحة وغيرها، ستعترف وحدك، أن الحل الوحيد والجذري هو دعم إقامة الدولة الفلسطينية، بكل وسيلة ممكنة، ووضع كل الإمكانات التي تؤسس أن يحصل الفلسطيني على حقه كاملا كإنسان دفع ثمنا مؤلما على مدار أكثر من 63 عاما.
إذا حصل الفلسطيني على حقوقه كاملة، وأقيمت الدولة الفلسطينية على حدود آمنة للطرفين، فإن الجدل حول فكرة الوطن البديل سينتهي، والسباق المحموم لطرح موضوع سحب الجنسيات والرقم الوطني، وأنه صحيح وغير صحيح، سيتلاشى، وسيحصل الفلسطيني على حقه في تقرير مصيره، سواء في الداخل أو في الخارج، وسيتوقف كل الذين يركبون الموجات العاصفة عن استخدام ذرائعهم لتبرير أفعالهم، وسيتخلص المتخوفون من خوفهم، فيما يتعلق بترتيب البيت الداخلي الأردني، ورسم وترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وستنتهي المساومات التي ظهرت مؤخرا، في الحصول على حصة ودور في فلسطين، بعد غياب دام دهرا، والتي أرادت أن تظهر أن الدور الأردني قد أصبح ضئيلا في دعم الدولة الفلسطينية، فحاولوا تشويهه سنوات طويلة، وحين فشلوا وجدوا أن مدخل الربيع العربي هو الفرصة الوحيدة لاستعراض عضلاتهم، وبيان حرصهم المزيف على الحقوق الفلسطينية.
ليت كل الأردنيين، وفي أيام كهذه تتألق فيها ذكرى الثورة العربية الكبرى، ويزهو خلالها الجيش العربي الأردني، الذي تلقى أوامر الحسين، رحمه الله، بالقتال بأيديهم وأظافرهم دفاعا عن القدس وليس عن النفس، وليتهم مع عبق رائحة ذكرى الكرامة العطرة، التي سجّل فيها النشامى والأبطال أول نصر على آلة الحرب الإسرائيلية، أن يجتهدوا جميعا في الحفاظ على هذا التاريخ المشرف والمشرق، وعلى جهود رجالات الأردن وفلسطين، وعلى العلاقة الحميمية العذبة بين الشعبين اللذين أصبحا شعبا واحدا رغم كيد الكائدين، بأن يتوقفوا عن طرح ما يفسد هذه العلاقة، وأن يحاربوا كل من يطعن فيها ويعمل على تشويهها، وأن يقفوا جميعا، صفا واحدا، وصوتا واحدا، خلف القيادة الهاشمية الحكيمة، مطالبين بالحقوق الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

اضافة اعلان

[email protected]