جمانة وحدها.. أمام مجنزرة الحرب الإسرائيلية

يحتمل الناس، بطريقةٍ لا يصدقها عقل، الاستمتاع برؤية الأسرى الفلسطينيين يدخلون اليوم أسبوعهم الثالث، في معركة الجوع، معركة الأمعاء الخاوية التي بدأت في الثالث من الشهر الحالي، وما تزال مستمرة حتى هذه اللحظة، وما يزال العدو الغاصب المحتل، يمارس عليهم أسوأ وأشنع حالات الإذلال والتنكيل والتعذيب. ويستمتع "الغاصب" أيضا، بالصمت العربي والعالمي، وصمت الأفراد والهيئات الدولية التي لم تحرك ساكنا حتى الآن، وكأن ما يحدث لهؤلاء الأسرى يحدث لمخلوقات من طينة أخرى لا تعيش على هذا الكوكب.اضافة اعلان
اليوم الأربعاء، ينوي الأسرى الفلسطينيون المضربون عن الطعام الانتقال إلى مستوى جديد في معركتهم القاسية، بالامتناع عن شرب الماء تيمناً بالإضراب الإيرلندي في السجون البريطانية في بداية الثمانينيات، والذي أودى بحياة عدد منهم. وإذا حدث ذلك مرة أخرى، فإن العالم أجمع سيكون مداناً بالمشاركة في جريمة كبرى، وسيكون الناس جميعاً مساهمين فعليين في التعسف "الإسرائيلي" الذي شدد مؤخرا الخناق على الأسرى بمزيد من العزل الإنفرادي، وراح يمارس عليهم حيلا "قذرة" بدأها بمنع مشاهدة الأخبار ومصادرة احتياجاتهم الشخصية ومنع الزيارة عنهم، وتطورت لنشر الإشاعات والأكاذيب بينهم.
اليوم الأربعاء، يقف جميع المتضامنين مع الأسرى الفلسطينيين أمام السفارات "الإسرائيلية" حول العالم لفضح الممارسات الإجرامية التي يمارسها المحتل الغاصب داخل السجون وخارجها، والتهديد بالتصعيد الشعبي والتحول للتصعيد العسكري لنصرة الأسرى والدفاع عنهم، وكذلك مطالبة المجتمع الدولي، الغائب، وهيئاته وأفراده بالتدخل الفوري لإنقاذ الأسرى الفلسطينيين ومطالبة جامعة الدول العربية بالتحرك الحقيقي، واتخاذ قرار بسحب السفراء "الإسرائيليين" من الدول العربية خاصة مصر والأردن، وإعلان المقاطعة الثقافية والسياسية والاقتصادية والإعلامية مع سلطات الاحتلال.
وكما هو مؤلم وموجع بشدة ما يتعرض له الأسرى في سجون ومعتقلات المحتل، مؤلم أكثر أن الأمة العربية قد انشغلت في وسائل إعلامها ومواقع التواصل الاجتماعي فيها، خلال الأسبوع الماضي، بالتباكي على موت المدعو "ستيف جوبز" الأميركي، وقبلها بشهور احتفلت ورقصت وغنّت، حتى الصباح، لزواج الأمير البريطاني "إدوارد"، لكنها، وخلال الأسبوعين الماضيين، لم تتوقف للحظة عند موضوع الأسرى الفلسطينيين. وإذا كان هناك مرور فهو المرور الخجل السريع المخزي، وهذا يطرح تساؤلا مثيرا أمام مجمل ما يحدث لهذه الأمة حقا! وكنموذج بسيط، نرى أن بعض الشباب العربي قد وضع علامة التفاحة على صورته الشخصية في مواقعه الاجتماعية، حزنا على موت "جوبز"، لكنه ليس مستعدا، ولا أدري لماذا، أن يضع صورة واحدة، من الصور الكثيرة، التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون، أو عائلاتهم، في أي موقع تواصل اجتماعي، فمن هي أميركا وبريطانيا بالنسبة لنا، أمام الطفلة جمانة علاء شحادة أبو جزر التي اعتقل أبوها العام 2003، ثم توفيت والدتها وعمرها 4 شهور، ثم توفي كل من عمها وجدها اللذين تناوبا كفالتها، وتقف اليوم وحدها، أمام أقسى مجنزرة حرب وحشية في العصر الحديث تطالبها بالإفراج عن والدها المعتقل؟!

[email protected]