حمد وكريستيانو.. وقنطرة العبور!

كان ذلك قبل سبع سنوات، حين وضع الفتى كريستيانو رونالدو قدماً في دائرة النجومية في بطولة أمم أوروبا، وكان ظهوره وهو في سن التاسعة عشرة تثبيتاً لأحقيته في ولادة أوروبية لنجم برتغالي غض، لكنه ذو مفعول كبير أمام المرمى.اضافة اعلان
أوروبا كانت تتحدث عنه؛ لا سيما وأنه قبل ذلك قد دخل قلاع أولد ترافورد في مانشستر يونايتد، وكانت كلها معطيات يجب أن يأخذها مدرب المنتخب الأولمبي العراقي عدنان حمد بنظر الاعتبار، وهو يواجه في دورة أثينا منتخب البرتغال بسلاحه الأمضى (رونالدو) الصغير -بالمقارنة مع رونالدو البرازيلي الشهير- لم أجد ونحن في الفندق أي مَلمَح للقلق على وجه عدنان حمد الذي تعودته هادئاً ويكابد كل المصاعب (وحتى المصائب)، من أجل أن يبدو كذلك أمام لاعبيه وأمام الناس حتى لو كان مضطرباً في أعماقه.
سألته عمّا إذا كانت لديه معالجة معينة لكريستيانو رونالدو الذي سيواجهه فريقنا، فقال لي: «سيكون خارج أطواره، ولن يكون له التأثير الذي تتوقعه على فريقنا!».
لم أرد على عدنان حمد، لكني بحكم الصداقة الطويلة أدركت أنه قد دبّر أمراً ما، وفي الملعب بدأت المباراة وانتهت، وكان رونالدو في جو آخر خارج التوقعات تماماً، لقد أجهز عليه خط الدفاع العراقي وبالذات باسم عباس وحيدر جبار -على ما أتذكر- ولم نعثر له على أي تأثير سوى التصرف بحالة هيجان شديد، دفعته بالمحصلة إلى ارتكاب أخطاء الخشونة المتعمدة على لاعبينا، وهو اللاعب الذي كان من قبل يتلقى الضربات للحد من بأسه!.
انتهت المباراة وهزم الأولمبي العراقي نظيره البرتغالي، ولكن صورة رونالدو كانت تقبع في مخيلتي، ومعها كثير من تلك القراءات اللاحقة لأخباره، والتي كانت تقدمه على أنه فتى مشاكس يختلق المشاكل ويثير الزوابع!.
ولكن، وطبقاً لما ذهب إليه الشاعر العربي، فإن (كل قوي للزمان يلينُ)، والمعنى الذي أردته أن السنوات اللاحقة التي قضاها كريستيانو تحت ناظري السير الكيس فيرغسون، ثم في النادي الملكي، شذبت مهارته، وكيّفت تصرفاته وفقاً لما تقتضيه النجومية من احترام للنفس وللآخرين، وبدلاً من أن تمتلئ الصحف الرزينة أو الصفراء بـ(فتوحاته) سيئة الصيت، صارت تطيل الوصف لمهاراته الناضجة التي تبلورت معها صورته الإنسانية التي تشي بالكثير من الوقار، وهو ما يرى راصدوه من الكتاب والنقاد أنه سيدفعه إلى ارتياد آفاق متوالية للنجاح.
حصل كريستيانو على لقب الأفضلية الفردية في كثير من الاستفتاءات، سواء مع المان يو أو مع الريال.. لكن ما يدّخره لعشاق النادي الملكي غزير، وربما سيكون أوسع بكثير من عطائه التهديفي الحالي الذي مكنه حتى الآن من إحراز عشرين هدفاً في ست عشرة مباراة ضمن «الليغا»، فضلاً عن أهدافه المحلية الأخرى ومحصلته الأوروبية، وفوق هذا وذاك، فإن بلاده تتطلع إليه كي يكون قنطرة العبور إلى النجاح في بطولة أمم أوروبا المقبلة.
وإذا كتب لكريستيانو النجاح في مهمة الدوري ولاحقاً في دوري أبطال أوروبا، ثم بطولة أمم القارة، فإن من كنا نتصوره قبل سبع سنوات فتى يحلّق بجناحي الشهرة المبكرة التي ستودي به إلى الذبول، سيكون علامة برتغالية أوروبية عالمية فارقة، ستضع نفسها باقتدار في واحدة من عربات هذا القطار الطويل الذي يضم أساطين الكرة على وجه المعمورة.

[email protected].