قضايا تحرّر المرأة والثّورات العربية

في جلسة حواريّة عقِدت في "اتّحاد المرأة الأردنية"، حول واقع المرأة العربية اليوم في ظلّ الثّورات التي يشهدها الوطن العربي، وضمّت عدداً من المثقّفين والمثقّفات، تمّ طرح السّؤال التالي: ترى متى يتمّ البتّ في قضايا تحرّر المرأة العربية؟ ثمّ ما المعوقات الحقيقية التي تقف في طريق إنجاز هذا التّحرّر؟اضافة اعلان
في تلك الجلسة، تمّ استعراض المناخات الجديدة التي تمرّ بها المنطقة، حيث تنخرط المرأة جنباً إلى جنب مع الرّجل في إشعال الثورة وقيادتها، وتقديم التّضحيات من أجل المستقبل القادم.
أحد الحضور أبدى تخوّفه من تأجيل قضيّة تحرّر المرأة إلى مرحلة تالية، لا يمكن لأحد أن يتكهّن بموعدها، وتدليلاً على كلامه، فقد تحدّث عن غياب هذه القضيّة عن دائرة الاهتمام الرسمية والشعبية في أعقاب نيل البلدان العربية لاستقلالها في أربعينيّات وخمسينيّات القرن الماضي حتى الآن، أمّا النتيجة، فكانت مزيداً من جرائم الشرف المرتكبة بحقّ النساء، ووضعها؛ أي المرأة، على هامش الحياة والأحداث.
إحدى المثقفات ردّت المسألة برمّتها إلى التقاليد الدينية والاجتماعية السائدة، والتي لا تسمح بإجراء أيّ تغييرات، كون هذه التقاليد ثابتة ولا تتغيّر.
عند هذه النّقطة من الحوار، احتدم الجدل حول ماهيّة الديني من غير الديني في قضايا المرأة، هذا بالإضافة إلى وجهات النّظر المتعدّدة التي أفرزها الفكر الديني نفسه في العصور الماضية والحديثة. أحد الحضور قال إنّ الأمر مرتبط بمصلحة المجموع العام، وقد استشهد على ما ذهب إليه بموقف الخليفة عمر بن الخطّاب من مسألة زواج المتعة، حيث قام عمر بمنع هذا النوع من الزواج، رغم أنّه كان متداولاً في عهد النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم وعهد الخليفة أبي بكر الصّديق.
موضوع تحرّر المرأة هو من المواضيع القديمة الحديثة في حياتنا، والذي يطفو على سطح الأحداث في فترة ويختفي في فترة أخرى. وعلينا هنا أن نتحلّى بالشّجاعة الكافية لنقول إنّنا حتى الآن لم نعطه حقّه سواء على مستوى الطرح، أو على مستوى ابتكار القوانين والتشريعات الحقيقية التي تعترف بحقّ المرأة في الحياة وتساويها بالرّجل.
ثمّة جهتان يمكن أن نستفيد منهما في هذا المجال: الجهة الأولى وتتعلّق بالجوانب المضيئة في التّراث العربي التي نظرت إلى المرأة نظرة احترام وتقدير. الجهة الثانية وتتعلّق بالحقوق المكتسبة الكثيرة التي نالتها المرأة في الغرب، والتي أهّلتها لإفراز نماذج قيادية في مجتمعاتها على أعلى المستويات.
يجب ألا يغيب عن البال ونحن نناقش هذا الموضوع المهمّ، هو أنّ هاتين المرجعيّتين (وجهة نظر التراث ووجهة نظر الغرب) ينبغي ألا يكونا حاسمتين ونهائيّتين بما يتعلّق بقضايا تحرّر المرأة، ففي التراث نقائص وسلبيات مثلما فيه إيجابيات، أمّا المرأة في الغرب، فما تزال أسيرةً لسطوة الذكورة في كثير من القضايا، وذلك رغم الشّوط الكبير الذي قطعته على طريق التّحرّر.
نعود إلى النّدوة لنقول، إنّ الحاضرين قد أجمعوا على ضرورة أن تأخذ الثورات العربية المعاصرة في حسبانها قضية تحرّر المرأة، بكلّ جديّة وعمق، وإلا ستبقى مجرّد ثورات شكليّة.