حكومات وموازنات وعجوزات

تتأهب وزارة المالية الإسبانية لرسم موازنتها للعام المقبل بعد أن عانى الاقتصاد الإسباني من الأزمة الاقتصادية العالمية مثله مثل غيره من الاقتصادات الأوروبية والعالمية، ما انعكس بعجز غير مسبوق في الموازنة سواء بمقياس إسبانيا أو بمقياس ضوابط الاتحاد الأوروبي، فأصبحت الخزينة الإسبانية بحاجة لزيادة في إيراداتها بمبلغ 16 بليون دولار على الأقل.

اضافة اعلان

وأبرز ملامح الخطة المالية للحكومة الإسبانية الاشتراكية رفع ضريبة القيمة المضافة من نسبة 16% إلى 18%، ورفع ضريبة القيمة المضافة على القطاع الفندقي والمطاعم من نسبة 7% إلى 8% وإبقاء ضريبة القيمة المضافة على المواد الغذائية الأساسية عند نسبة 4% دون تغيير، ورفع ضريبة الدخول المتأتية عن غير العمل من نسبة 18% إلى 19% ورفع الضريبة على الدخول التي تزيد على (6000) يورو لتصبح 20% وتخفيض الضريبة على مؤسسات الأعمال الصغيرة طالما أنهم لا يسرحون عمالتهم، وتخفيضها عليهم إن وظفوا عمالة جديدة، وكما تقول وزيرة المالية الإسبانية فإن هذه التغييرات تهدف لزيادة مشاركة الأغنياء وليس الطبقة الوسطى في تمويل الخزينة الإسبانية، هذا علما بأن المعارضة أطلقت على خطة وزارة المالية بأنها وصفة للبطالة ومزيد من عجز الموازنة والضرائب، وأن رئيس وزرائهم ما يزال يخفي الحقائق عن الشعب الإسباني وذلك استمرارا لنهجه في بداية الأزمة عندما قال إن إسبانيا لن تتأثر بالأزمة الاقتصادية العالمية.

وفي بريطانيا يتنافس الحزبان الرئيسيان في الانتخابات في السنة المقبلة على كسب أصوات الناخبين ومحورها كيفية الخروج من الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الاقتصاد والمواطنون البريطانيون، وكيفية معالجة العجز الكبير الذي دخلت فيه الموازنة البريطانية. فوزير مالية الظل في حزب المحافظين أعلن عن مغامرة سياسية عندما صرح بخطة الحزب "للحيلولة دون غرق بريطانيا في الديون"، إذا فاز بالانتخابات برفع سن التقاعد إلى (64) عاما بحلول عام 2016 بدلا من 2026 كما كان مقررا في السابق وتجميد رواتب كبار موظفي الدولة واستثناء أصحاب الأجور القليلة من هذا التجميد مما فتح الباب لخلافات الحزب مع الاتحادات العمالية واحتمال فقدان الوزير وحزبه للشعبية خلال ستة شهور من تولي السلطة وتنفيذ خططه العلاجية.

هذا في حين يعلن رئيس الوزراء البريطاني عن خطط حكومته في مواجهة عجز الموازنة المتصاعد (متوقع أن يصل إلى 175 بليون جنيه)، وذلك ببيع ممتلكات حكومية خلال السنتين المقبلتين تصل قيمتها إلى 16 بليون جنيه ومن بينها خط سكة الحديد السريع وحصة الحكومة في مجمع اليورانيوم الأوروبي، هذا بينما تصف المعارضة خططه هذه بما يشبه "بيع ممتلكات الأسرة من الذهب".

أما الموازنة الأميركية، فقد وصل عجزها إلى 5 و1 تريليون دولار، مما يؤخر قدرتها على الخروج من الأزمة للخطر ويعرض الدولار لتذبذبات مقلقة لها وللعالم.

أردنيا يتوقع أن يصل عجز الموازنة إلى 1.1 بليون دينار، وهو رقم مرتفع بكل المقاييس، يزيد من خطورته رصيد دين عام فاق كل التوقعات، وانخفاض في صادراتنا كما وقيمة وانخفاض في تحويلات العاملين الأردنيين في الخارج وانخفاض في التدفقات الاستثمارية المباشرة من الخارج وانعكاسات ارتفاع سعر النفط العالمي.

لا عجب مع هذا كله أن تشتد حاجتنا لطواقم جديدة في مواقع القيادة ممن يفهمون أهمية الرقم ودلالاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية والقادرين على رسم برنامج اقتصادي ومالي أردني يقوم على مشاركة أوسع وقدرة على التنفيذ للخروج إلى بر الأمان.