العراق يحشد قواته لتحرير الفلوجة من قبضة "داعش"

قوات عراقية تحتشد امس الاحد على مشارف مدينة الفلوجة لتحريرها من تنظيم داعش.(ا ف ب)
قوات عراقية تحتشد امس الاحد على مشارف مدينة الفلوجة لتحريرها من تنظيم داعش.(ا ف ب)

عمان-الغد- أكدت مصادر عراقية متطابقة، أمس الأحد، أن بغداد على وشك بدء معركة تحرير مدينة الفلوجة (50 كم غربي بغداد) من عصابة داعش الإرهابية.اضافة اعلان
وقال وزير التخطيط سلمان الجميلي الذي ينتمي لمدينة الفلوجة، إن "معركة تحرير الفلوجة باتت وشيكة، وقد وجهنا دعوات لسكان المدينة المدنيين الذين يحتجزهم داعش الإرهابي بضرورة الخروج إلى أماكن خارج سيطرة الإرهابيين لتجنب مخاطر الحرب".
وأضاف أن معركة تحرير الفلوجة التي أطلق عليها "كسر الإرهاب" ستشارك فيها قوات جهاز مكافحة الإرهاب والجيش والشرطة والمتطوعين من عشائر المدينة، ستكون بغطاء صاروخي مؤثر وقصف جوي عراقي ودولي.
من جهته، أكد قائد الشرطة العراقية الفريق رائد شاكر جودت، أن نحو 20 الف شرطي سيشاركون في معركة تحرير الفلوجة ومن ثم تأمين الطريق الدولي بين العراق والأردن.
يذكر ان الفلوجة التابعة لمحافظة الأنبار هي أول مدينة عراقية سقطت بيد عناصر عصابة داعش الارهابي منذ 28 كانون الاول (يناير) 2013.
اما الجيش العراقي، فدعا السكان في مدينة الفلوجة الى الابتعاد عن مقار تنظيم (داعش) وتجمعاته التي سيتم التعامل معها كأهداف للطيران الحربي وذلك خلال عملية تحرير الفلوجة .
كما دعا العوائل التي لا تستطيع الخروج من الفلوجة، الى رفع راية بيضاء للدلالة على مكان وجودها.
في سياق آخر أعلنت قيادة عمليات بغداد عن مقتل وإصابة 66 عنصرا من "داعش" وتدمير أوكارهم.
وذكر بيان لقيادة العمليات أن المدفعية وجهت ضرباتها على تجمعات لعناصر "داعش" في مناطق الرشاد، والروفة، والبوعودة، والبو شجل، والبو سديرة، والصقلاوية، والشيحة، والكرمة ) ، مما أسفر عن مقتل (25) من عناصر داعش، وجرح (29) آخرين وتدمير سيارتين وقتل من فيهما.. فيما تمكنت العناصر الأمنية من قتل أحد عناصر داعش وجرح ثلاثة آخرين، فيما تمكن طيران التحالف الدولي من قتل ستة من عناصر داعش وتدمير سيارتين لعناصره في منطقة الروفة غربي بغداد .
كما أعلنت وزارة الدفاع العراقية عن مقتل 11 انتحاريا والقبض على مسلح في قاطع الأنبار.
وذكر بيان للوزارة أن قوات اللواء 36 تمكنت من صد هجوم انتحاري لعناصر تنظيم داعش في منطقتي البوعيثة والبو فراج ، ما أسفر عن مقتل 11 انتحاريا، وتدمير سياراتهم.. مضيفا البيان أن قوة أمنية تمكنت من أسر أحد أفراد عناصر تنظيم داعش كان يحاول تفجير نفسه وتم تسليمه إلى الجهات المسؤولة.
وكان الجيش العراقي أصدر بيانات عديدة يشير فيها إلى إطلاق معركة تحرير الفلوجة منذ سيطرة تنظيم "داعش" قبل أكثر من عامين على المدينة التي تقع في محافظة الأنبار، كبرى محافظات العراق.
وحثت خلية الإعلام الحربي كافة المواطنين في الفلوجة على "تقديم المعلومات وطلب المساعدة من خلال بعث برسائل على الخط المجاني"، مطالبة "كافة العوائل التي لا تستطيع الخروج من المدينة رفع راية بيضاء".
وأشارت خلية الإعلام الحربي إلى أن "عملية تحرير الفلوجة هي عملية عسكرية عراقية تشارك فيها كل الوحدات من الجيش العراقي، وجهاز مكافحة الإرهاب، والشرطة، إضافة إلى سلاح الجو، وطيران الجيش، والحشد الشعبي والعشائري".
وفي سياق ردود الأفعال على اقتحام المنطقة الخضراء وسقوط ضحايا من بين المتظاهرين برصاص الشرطة، دعا رئيس الوزراء حيدر العبادي في خطاب متلفز، الليلة قبل الماضية، إلى "التكاتف والتصدي لمؤامرات المندسين البعثيين المتحالفين مع "الدواعش" المجرمين، والذين يقومون بأعمال إرهابية في المدن لإيقاع الفتنة بين المواطنين والدولة لإنقاذ "الدواعش"، الذين نطاردهم في كل مكان".
من جانبه، دعا زعيم "ائتلاف الوطنية" إياد علاوي الحكومة إلى "التحاور مع المتظاهرين، وعدم استخدام العنف ضدهم". أما زعيم "التيار الصدري" السيد مقتدى الصدر، فكان له موقف آخر معاكس تماما لحديث العبادي ومتضامن مع المتظاهرين، وأطلق مصطلح الثورة على ما جرى أمس.
في هذه الأثناء، اعتبر الأمين العام لمنظمة "بدر" هادي العامري، الذي كان يستعد وبقية فصائل "الحشد الشعبي" لمعركة الفلوجة، أن بعضًا ما يحاول سحب عناصر المنظمة إلى معركة جانبية، ودعا إلى الحذر وعدم "الانجرار إلى أي صدام آخر"، وأكد أن المعركة الحقيقية هي المعركة مع الإرهاب.
و يرى مراقبون أن حديث العامري قد يكون في محله. وهذا يعني أن هناك معركتين: إحداهما في الفلوجة، والأخرى في بغداد. وفي الوقت الذي استجمع "الحشد الشعبي" قواه للرد على تفجيرات بغداد، التي تلت اقتحام "الخضراء" الأول، واتجه إلى معركة الفلوجة؛ جاء اقتحام "الخضراء" الثاني، وعاد الموقف إلى مربعه الأول.
ولفتوا الى انه قد تكون معركة بغداد هي الأهم، وإن قال العامري إنها جانبية. فخسارتها قد تعني بالضرورة خسارة معركة الفلوجة. ومعركة بغداد هنا سياسية بامتياز، وقد قدح شرارتها الصدريون و"التيار المدني" منذ تموز/يوليو 2015، ولا تزال تداعياتها متواصلة. ومفادها أن العدو الأكبر في العراق هو غياب الدولة والفساد والمحاصصة الطائفية وليس "داعش" فحسب.
أما منطق الصدريين، فهو يرى أن معركة الفلوجة هي المعركة الجانبية، وليست معركة بغداد. ومن هنا اختلف الطرفان - الصدريون والبدريون، رغم أن الطرفين يضمهما "التحالف الوطني"، الذي أصبح كما يبدو، عاجزاً عن احتواء تداعيات الخلاف الذي يتطور بين أطرافه من سيئ إلى أسوأ.
وقد تكون المعركة الاقتصادية هي التي تقف خلف المعركة السياسية في بغداد. وقد تدفع شروط التسوية الاقتصادية القاسية مع صندوق النقد الدولي، والتي وافقت عليها الحكومة قبل أيام، إلى حل الأزمة السياسية بشروط قاسية أيضا، تفاديا للانزلاق نحو المجهول.
وعليه، يرى المراقبون إن العبادي، وإن بدا أمس متماسكا، فهو في الواقع أصبح على المحك. وهو يخوض حربا على أكثر من جبهة، بخاصة بعد أن اقتحم المتظاهرون مكتبه ومجلس وزرائه. وقد زاد الاقتحام الثاني بلة طين الأزمة السياسية، التي تنتظر قرار المحكمة الاتحادية في الـ25 من مارس/أيار الجاري.
وقال المراقبون ان الأمور تتجه بعد الاقتحام الثاني، لاستكمال أمرين أساسين هما: التصويت على بقية الظرف المغلق، وهو مراد المقتحمين، لإخراج الدولة العميقة من مؤسسات العملية السياسية؛ ثم مواجهة السلاح  الخارج على سلطة الحكومة، قبل التفرغ لمعركة نينوى أو الفلوجة. وبين هذا وذاك أمور متروكة لتطورات الأحداث.
وكان العراق شهد غير مرّة  اعلانات رسمية عن قرب تحرير الفلوجة، لكنها جميعا تؤول الى نهايات غير سارّة.
فقبل نحو أربعة أشهر، استعدت قوات "الحشد الشعبي" لاقتحامها وكانت قادرة على ذلك، ولا سيما أنها نجحت مع الجيش والشرطة وجهاز مكافحة الإرهاب في تطهير تكريت وبيجي وجزيرة سامراء ومحافظة ديالى بالكامل وجرف الصخر وبوقت قياسي؛ وكل المدن المحررة هي أكبر من جغرافيا الفلوجة وأعقد منها.
وعند الاستعداد لاقتحام الفلوجة مع الجيش، تعرضت وحدات من قوات الحشد لضربة جوية، وسقط عدد من عناصرها بين قتيل وجريح، وقيل حينها إنها كانت خطأ من طائرات التحالف.
والمراقبون لفتوا الى ان ضغوطا أميركية مورست لإبعاد قوات "الحشد الشعبي" بسبب مطالبات بعض السياسيين. وعندها أعطت الحكومة الإشارة لجهاز مكافحة الإرهاب والجيش والشرطة بالتقدم لاقتحام الفلوجة مع بقاء قوات الحشد على تخوم المدينة. وعندها أيضا ومع تقدم أولى القطعات العسكرية، تعرض الجيش لضربة جوية من طائرات التحالف، وقيل أيضا إنها كانت خطأ غير مقصود؛ وأسفرت الضربة الجوية عن سقوط العشرات من الجنود ما بين قتيل وجريح.
ويتهم مراقبون كثيرون واشنطن وسفارات عدد من الدول بلعب دور مثير ومخيف لافتعال أزمات تؤجل موقعة الفلوجة. والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: ما سبب بروز عراقيل كلما دنا موعد معركة الفلوجة؟ وما سر تأخير الأميركيين تحرير هذه المدينة التي باتت مرتعا للإرهاب، وتفضيلهم الذهاب إلى تحرير الموصل كما يقول وارن؟ علما أن الألوف من عناصر القوات الأمنية العراقية موجودة في الأنبار وقريبة من الفلوجة وبعيدة عن الموصل، ولا سيما أن وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي نفسه قد أكد في تصريح أن تحرير الفلوجة سيكون قبل الموصل.
واكد المراقبون أن تحرير الفلوجة في هذه المرحلة الحساسة، التي تشهد خلافات سياسية، يمثل فرصة استثنائية لرئيس الحكومة حيدر العبادي للتصالح مع الشارع. وعلى الرغم من عدم وجود سقف زمني لحسم المعركة، فإن تطهير الفلوجة قبل موعد الذكرى الثانية لسقوط الموصل سيشكل ضربة موجعة للإرهاب.-(وكالات)