دمشق تتقهقر في إدلب وتضغط على المعارضة في حلب

جريح يتلقى علاجا في مشفى ميداني في دوما أول من أمس - (ا ف ب)
جريح يتلقى علاجا في مشفى ميداني في دوما أول من أمس - (ا ف ب)

عمان-الغد- صعّد الجيش السوري أمس عملياته في ريف حلب لتضييق الخناق على المعارضة في المدينة قبل بدء التفاوض لتطبيق خطة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، وسط مطالبة الائتلاف الوطني السوري المعارض بتوسيع تجميد القتال إلى جنوب البلاد حيث تحقق المعارضة مكاسب عسكرية، في وقت أفيد عن "تقهقرط عدد من حواجز الجيش أمام هجمات المعارضة في ريف إدلب شمال غربي البلاد. اضافة اعلان
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن قتل 26 معارضاً وتسعة من قوات النظام والمقاتلين الموالين لها في اشتباكات في منطقة حندرات إثر هجوم شنته القوات الموالية للنظام التي حققت تقدماً خلال هذه المعارك.
وأعلن مصدر في "حزب الله" اللبناني الذي يقاتل إلى جانب القوات النظامية في تصريحات لصحفيين أن "عشرات المسلحين" المعارضين قتلوا في هذه الاشتباكات، فيما أفادت "وكالة الأنباء السورية الرسمية" (سانا) بسيطرة الجيش النظامي على "مزارع الملاح بالكامل وعلى منطقة جنوب وغرب حندرات في ريف حلب".
والمعركة في حندرات المستمرة منذ أسابيع حاسمة لمقاتلي المعارضة الذين يسعون لإبقاء سيطرتهم على بعض أرجاء هذه المنطقة الاستراتيجية من أجل المحافظة على خطوط إمدادهم التي تمر عبر طريق رئيسي تسعى القوات النظامية إلى السيطرة عليه. وأوضح عبدالرحمن أنه "في حال سيطرت القوات النظامية على كامل المنطقة فإن ذلك سيخضع المناطق التابعة للمعارضة في حلب للحصار التام".
وأجرى السفير رمزي رمزي نائب المبعوث الدولي محادثات مع مسؤولين سوريين في دمشق لتطبيق خطة "تجميد" القتال بدءاً من حلب، بالتزامن مع لقاء دي ميستورا وزراء الخارجية الأوروبيين في بروكسيل مساء أمس.
وقال "الائتلاف" في بيان إنه أبلغ المبعوث الدولي "رفض تجميد القتال في حلب فقط، إذا لم يشمل باقي المدن السورية كالقلمون ودرعا (جنوب)، خشية أن ينقل نظام الأسد قواته من جبهة حلب إلى الجبهات القتالية الأخرى" وبضرورة أن تكون خطته صادرة بقرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع "منعاً لخرقه من قبل نظام الأسد".
وفي ريف إدلب المجاورة، قتل 12 من القوات النظامية في معارك خاضتها هذه القوات مع مقاتلي المعارضة الذين هاجموا معسكري الحامدي ووادي الضيف قرب مدينة معرة النعمان الخاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غربي البلاد. وأفادت شبكة "الدرر الشامية" المعارضة أن "مقاتلي "أحرار الشام" و جبهة النصرة تمكنوا من تحرير حواجز عسكرية عدة تابعة لقوات الأسد خلال معركة تحرير معسكرات وادي الضيف والحامدية"، مشيرة إلى أن "حواجز قوات الأسد بدأت في الانهيار أمام تقدُّم الثوار الذين تمكنوا من تحرير حاجزَي الضبعان والزعلانة في وادي الضيف، إضافةً إلى السيطرة على حاجزَي القاروط والكمين في محيط معسكر الحامدية ليرتفع عدد الحواجز المحررة إلى سبعة حواجز". وأكدت "الدرر الشامية" مقتل غدير سليمان قائد العمليات العسكرية للقوات النظامية في وادي الضيف وعدد من جنوده".
وسيطرت جبهة النصرة وحلفاء اسلاميون لها خلال ساعات الاثنين على معسكرين لقوات النظام السوري في ريف ادلب (شمال غرب)، بعد عامين من المحاولات المستمرة من قبل كتائب معارضة، في ما يشكل ضربة لمحاولات الجيش التقدم شمالا، وتهديدا لمدينة إدلب الخاضعة لسيطرته.
ويقع معسكر وادي الضيف شرق مدينة معرة النعمان الاستراتيجية التي استولى عليها مقاتلو المعارضة في التاسع من تشرين الاول (أكتوبر) 2012، بينما يقع الحامدية المحاذي لقرية الحامدية جنوب المدينة على طريق دمشق-حلب.
وتسبب سقوط معرة النعمان بقطع طريق اساسي للإمداد بين دمشق وحلب على القوات النظامية. ومنذ ذلك الوقت، حاولت القوات النظامية مرارا استعادة المدينة، فيما سعت مجموعات من المعارضة المسلحة على مدى عامين الى إسقاط المعسكرين، من دون ان تنجح في ذلك.
ويرى خبراء ان سقوط المعسكرين اليوم سيصعب على القوات النظامية استعادة معرة النعمان والتقدم نحو الشمال السوري من وسط البلاد وتحديدا حماة، بينما ستفسح السيطرة عليهما الطريق أمام جبهة النصرة، الفرع السوري لتنظيم القاعدة، لتوسيع نفوذها في هذه المنطقة التي تفرض سيطرتها عليها تدريجيا منذ أسابيع.
كما أن خسارة المعسكرين الاستراتيجيين قد تعبد الطريق وفقا للخبراء امام جبهة النصرة والكتائب الاسلامية الاخرى للتقدم نحو مدينة ادلب، وهي المدينة الوحيدة المتبقية تحت سيطرة النظام في هذه المحافظة، او حتى حماه جنوبا.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبدالرحمن لوكالة فرانس برس "سيطرت جبهة النصرة وتنظيم جند الاقصى وحركة احرار الشام على معسكر الحامدية بشكل كامل عقب اشتباكات عنيفة مع قوات النظام التي انسحبت باتجاه بلدتي بسيدا ومعرحطاط" جنوبا.
كما ذكر المرصد في بريد الكتروني ان المهاجمين تمكنوا "من أسر 15 عنصرا من قوات النظام بينهم ضابط على الاقل"، في حين نفذ الطيران الحربي ما لا يقل عن 17 غارة على منطقة معسكري وادي الضيف والحامدية، وقصف الطيران المروحي بثلاثة براميل متفجرة على الاقل المنطقة ذاتها.
وقبيل سقوط معسكر الحامدية في ايدي جبهة النصرة وحلفائها، خرج معسكر وادي الضيف القريب عن سيطرة القوات النظامية، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان ايضا، اثر هجوم كاسح قادته جبهة النصرة.
وأوضح المرصد في بريد الكتروني "سيطرت جبهة النصرة مدعومة بتنظيم جند الاقصى على معسكر وادي الضيف ومحيطه بريف مدينة معرة النعمان، بعد هجوم عنيف بداتاه صباح أمس، تمكنتا خلاله من السيطرة على حواجز ومواقع قوات النظام داخل المعسكر ومحيطه".
وأعلنت جبهة النصرة على احد حساباتها على موقع "تويتر" سيطرتها على المعسكر، لكنها شددت على انها "الفصيل الوحيد المشترك في تحرير وادي الضيف"، مشيرة الى ان مقاتليها يفككون الغاما في المعسكر و"يطاردون" الجنود السوريين الذين غادروه.
وكانت ابرز قوى المعارضة السورية المسلحة تحاصر معسكر وادي الضيف ومعسكر الحامدية منذ حوالى عامين دون ان تتمكن من السيطرة عليه، الى ان هاجمته جبهة النصرة بمساندة حلفائها بعدما فرضت سيطرتها على مناطق محيطة به اثر معارك مع كتائب معارضة.
ويرى توماس بييريه الخبير في الشؤون الإسلامية في جامعة ادنبره ان القوات النظامية تحاول "التقدم نحو الشمال (...) وصولا الى قواتها المتمركزة جنوب حلب"، الا ان خسارتها لهذين المعسكرين "سيدفعها الى التخلي عن طموحاتها هذه" بالسيطرة على طريق طويل من حماة في الوسط الى حلب شمالا.
ويضيف ان خسارة المعسكرين "رمزية ايضا كونهما يقعان (...) في قلب" المنطقة الاهم في سورية والتي "يدعي النظام السيطرة عليها".
كما أن هذه الخسارة تمثل بحسب بييريه "هزيمة شخصية للضابط (العقيد) سهيل الحسن" الملقب بالنمر والذي تصفه حسابات في شبكات التواصل الاجتماعي مؤيدة للنظام بأنه "الجندي المفضل" لدى الرئيس السوري الاسد، بعدما تمكن الجيش بقيادته من فتح الطريق المؤدي الى حلب قبل نحو عام.
من جهته، يقول المحلل في مركز بروكينغز الدوحة تشارلز ليستر ان احداث اليوم "تحمل اهمية استراتيجية كبرى كونها قد تؤدي الى تعبيد الطريق امام هجوم كبير على (مدينة) ادلب وشمال حماة" من قبل جبهة النصرة وحلفائها.
وخلال هجومها على معسكر وادي الضيف "استخدمت جبهة النصرة دبابات وأسلحة ثقيلة اخرى كانت قد استولت عليها الشهر الماضي من "جبهة ثوار سوريا" (المدعومة من الغرب)"، وبينها صواريخ "تاو".-(وكالات)