"فيديو الفيصلية" يقرع جرس إنذار العنف المدرسي

جانب من أعمال الفوضى والتخريب بمدرسة الفيصلية كما ظهر بالفيديو أمس- (الغد)
جانب من أعمال الفوضى والتخريب بمدرسة الفيصلية كما ظهر بالفيديو أمس- (الغد)

الاء مظهر 

عمان - أثارت مقاطع "فيديو"، تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي أول من أمس، تظهر طلابا من مدرسة الفيصلية للبنين في محافظة مأدبا يقومون بتخريب ممتلكات المدرسة ويعتدون على مرافقها، استياء عاما، ودعا خبراء إلى المطالبة بضرورة اجتثاث آفة العنف من المدارس.

اضافة اعلان

وبحسب "الفيديو"، أقدم طلاب في أول يوم دراسي أول من أمس على أعمال تخريب وعنف وتكسير متعمد لأثاث ومقاعد المدرسة، فضلا عن رمي براميل من الطابق العلوي للمدرسة، والاعتداء على سيارة مدير المدرسة من خلال افراغ عجلاتها من الهواء، وهو ما دفع وزارة التربية والتعليم الى تشكيل لجنة تحقيق للوقوف على حقيقة ملابسات أحداث المدرسة، بحسب ما أكد الناطق الإعلامي للوزارة وليد الجلاد.

وشدد الجلاد على أن "هذه التصرفات غير مقبولة ابدا حيث توجهت فرق من الوزارة إمس إلى المحافظة والتقت مدير التربية والتعليم ومدير المدرسة والمعلمين وأولياء أمور الطلبة للوقوف على خلفية الواقعة والأسباب التي دفعت الطلبة للقيام بهذه الممارسات"، لافتا إلى العملية التعليمية انتظمت بداخل المدرسة أمس الاثنين.

أستاذ علم النفس والإرشاد النفسي المساعد في جامعة فيلادلفيا عدنان الطوباسي، أكد أن "ما يحدث في مدارسنا من اشكاليات "يصل احيانا الى حد التدمير والعنف على يدي الطلبة ويساهم اولياء الأمور أحيانا في ذلك"، مشيرا الى أن هذه السلوكات "تدعو للتساؤل: أين تقف وسائل التربية والتعليم في حث الطلبة وذويهم والأسرة الإدارية والتدريسية في المدرسة على اجتثاث مثل هذه الحالات التي طرأت على مجتمعنا منذ عدة أعوام".

وقال، إن للأسرة دورا كبيرا ومؤثرا في إعداد ابنائها نفسيا وتنشئتهم وتربيتهم على مبدأ التعاون والتسامح وفهم الآخر، وكذلك إدارة المدرسة ومعلميها الذين عليهم أن يبثوا في نفوس الطلبة ادوات وقيم التعاون والمشاركة والإخلاص للمدرسة ومحتوياتها.

وأشار إلى "اهمية إعادة الدور العقابي الذي تم التهاون به منذ فترة كي يضبط الأوضاع السلوكية في المدارس وكي نجتث مثل هذه المظاهر التي تؤذي الطلبة وأهاليهم ومسيرة التعليم في الأردن".

وأضاف، أن المعنيين "مطالبون بأن تكون ادواتهم العقابية صارمة لاجتثاث مثل هذه السلوكيات، وكي نعيد للمدرسة والمجتمع فضيلة التعاون وبناء منظومة اخلاقية قائمة على المحبة وخدمة المدرسة واهميتها في إنتاج جيل تعليمي يساهم في بناء الوطن وتنميته".

 بدوره أوضح مستشار الطب الشرعي الخبير في مواجهة العنف لدى مؤسسات الأمم المتحدة الدكتور هاني جهشان، أن العنف ليس قدرا حتميا علينا تقبله، "وإنما آفة من الممكن علاجها ومن الممكن الوقاية منها إذا تحمل المواطن والأسرة والمدرسة والحكومة أدوارهم بمسؤولية، كلا في مجاله".

وأكد ان المدرسة مكان "يتوقع أن يتوفر فيه الأمن والسلامة والحماية من أي أذى بهدف الحفاظ على سلامة الأطفال ونموهم الفكري والنفسي وتطورهم بشكل طبيعي، بالإضافة لتنمية قدراتهم الإدراكية والمعرفية"، موضحا ان "قيم اللاعنف وقبول الآخر يفترض أن تكون سائدة في كافة المراحل التربوية؛ من الحضانة إلى المدرسة الثانوية، ويشمل ذلك المؤسسات التربوية الرسمية والخاصة وغير الرسمية، وأماكن التعليم الديني، ومراكز التعليم المهني، الدروس الخاصة، والمدارس اليومية والصيفية".

وبين جهشان ان المرجعية الأساسية في مواجهة العنف المدرسي هو "تطبيق القوانين السائدة بوزارة التربية والتعليم بتجريم العقاب الجسدي ضد الطلاب بما في ذلك تطبيق قانون العقوبات، وزيادة الوعي بمبدأ اللاعنف للأطفال والمعلمين والأهالي، وتنفيذ برامج تدريبية على مبدأ اللاعنف".

وأشار الى ضرورة تطبيق سياسات تدريس تكون "صديقة للأطفال" تشمل الإدارة الجيدة والتي من شأنها إشاعة الأمن والأمان في بيئة مدرسية يكون الطفل بها هو المحور الرئيسي للعملية التعليمية، وهذه هي الطريقة المثلى كي يحترم الطالب القوانين والآخرين ويعرض عن العنف ضد زملائه ومعلميه وضد المدرسة".

وأوضح أن بيئة المدرسة "الصديقة للأطفال" انعكاس لحقوق الطفل، وهي البيئة التي تتعامل معه من منظور شمولي (جسدي ونفسي واجتماعي)، وتكون قائمة على نوعية ومخرجات التعليم الجيد، ومناسبة لمرحلة نمو وتطور الطفل، وتتصف بالمرونة وتستجيب للتنوع، وتوفر المساواة بالفرص لجميع الطلاب، لافتا الى أن البيئة المدرسية الصديقة للأطفال هي الحل الوحيد لمواجهة العنف المدرسي سواء أكان مرتكبه الطفل أو المعلم.

وبين جهشان ان مسؤولية إدارة المدرسة بتوفير البيئة الصديقة للأطفال تشمل أيضا تطبيق تعليمات الضبط المدرسي بانتظام وعدالة ومساواة وشفافية، والمحافظة على مرافق المدرسة نظيفة وسليمة، وتوفير المناهج المدرسية المناهضة للعنف والبرامج اللامنهجية، لافتا الى ان هناك حاجة لتدريب المعلمين على وسائل الضبط اللاعنفية من مثل احترام كرامة الطفل (حمايته جسديا ونفسيا واجتماعيا)، وأن يتم تعديل السلوك بطرق تعليمية لا بأساليب عنفية، وتطوير السلوك الاجتماعي للطفل والتحكم بالذات، واحترام المجتمع والقدرة على اتخاذ القرارات وتطبيق العدل والمساوة وتعلم المهارات الاجتماعية، والتعاطف مع الآخرين.

من جانبه، اعتبر استشاري النفسي والتربوي الدكتور موسى مطارنة ان السلوك الذي قام به الطلبة "لا يشكل ظاهرة يمكن تعميمها على جميع المدارس"، مشيرا الى ان "هذه الحالة لم تنتج عن حالة مخطط لها وإنما نتيجة لضعف الكادر الاداري في المدرسة، فلو كان هناك تهيئة واستقبال للطلبة وانشطة لما تجمع الطلبة بهذه الطريقة وتمادوا بهذا الشكل".

وقال، إن الأيام الأولى للمدرسة يجب ان تكون لتهيئة الطلبة والاجتماع بهم وإشغالهم بالأنشطة اللامنهجية لتفويت الفرصة على الطلبة غير المنضبطين سلوكيا من ممارسة سلوكهم المرفوض".

وأضاف، إن على التربويين ان يدركوا أن "دور المدرسة اصبح غير تقليدي وأن عليهم إعداد برنامج لتهيئة الطلبة في بداية عامهم الدراسي بشكل متكامل بحيث يحتوي انشطة مختلفة تقرب الطلبة من المدرسة والمعلم لخلق حالة تربوية صحيحة".