مخيم غزة: "جوال الزيتون" مصدر ربات البيوت لإعالة أسرهن

صابرين الطعيمات

جرش - تحزم أم رضوان "زوادة" طعامها في ساعات الفجر الأولى، متوجهة الى كروم الزيتون كما اعتادت في كل موسم، لتقوم "بلملمة" ما تركه وبدون قصد، أصحاب الكروم من ثمار أثناء القطاف. اضافة اعلان
حبات زيتون متناثرة سقطت سهوا، وأخرى لم تطلها عيون القطافين لتبقى مكسبا موسميا، لأم رضوان في عملية ما يعرف بـ"الجوال" والتي تأمل من خلالها الحصول على "مونتها" من الزيت وبيع ما يزيد عن الحاجة.
وتقول أم رضوان إنها تعتمد على هذه المهنة حالها كحال المئات من نساء مخيم جرش، ممن قست عليهن ظروف الحياة وحملهن فقدان أزواجهن أو مرضهم مسؤولية إعالة أسرهن.
وتضيف أنها تتشارك و5 نساء أخريات من المخيم في عملية "الجوال" ويجمعن يوميا ما يقارب 3 أكياس يتسع كل منها حوالي 25 كغم من ثمار الزيتون ويقمن بعصره وبيع الزيت، بعد اقتطاع "مونة المنزل" وتقاسم الأرباح فيما بينهن.
وتقول فتحية أبو سيدو والتي تعيل 7 أيتام إن موسم "جوال الزيتون" من المواسم التي تنتظرها العديد من النساء في مخيم غزة، حيث يبدأ العمل عادة بعد انتهاء أهالي جرش من قطاف الزيتون.
ولا تتحرج فتحية من عملها في جوال الزيتون محاولة بذل أكبر جهد خلال الموسم وتحصيل أكبر قدر ممكن من المال يعيلها وأطفالها الأيتام خلال موسم الشتاء.
وتصف فتحية عملها بـ"المرير" لخروجها مبكرا في ساعات الصباح الأولى، وما يتطلبه العمل من تواجدهن في الخلاء بين كروم الزيتون وقطع مسافات طويلة بحثا عن حبات زيتون متناثرة وبقايا ثمار معلقة على الأشجار.
وبينت أن النساء العاملات في "جوال الزيتون" يتحملن قساوة العمل نتيجة ما تفرضه الظروف الجوية من صعوبات ليس أقلها تساقط الأمطار الذي تصحبه موجات البرد القارس.
ويعد موسم القطاف باب رزق تنتظره عائلات اللاجئين في المخيم في كل عام، في وقت تنتشر فيه البطالة بين غالبية السكان بنسبة تصل الى 50 %، وبشكل يضطر معه العديد من الطلبة الى ترك مقاعدهم الدراسية لغايات البحث عن مهنة تشد من أزر العائلة.
يذكر أن مخيم غزة أقيم كمعسكر طارئ العام 1968 لاستيعاب 11500 من اللاجئين الفلسطينيين الذين غادروا قطاع غزة بعد نكبة 1967، ولا يحمل معظم سكانه أي إثبات للشخصية، وينطبق ذلك على جيل الأبناء والأحفاد.
وكان سكانه يحملون وثائق مصرية من السفارة المصرية في بداية إنشاء المخيم يصدرها الحاكم العام المصري لقطاع غزة إلا أن السلطات المصرية أوقفتها بعد العام 1987.
وتصل البطالة بين الرجال إلى 39 %، فيما تبلغ بين النساء 81 % وهي مرتفعة بالمقارنة بـ39 % للاجئات الفلسطينيات في الأردن وفق دراسة تعد الأولى من نوعها أعدتها وكالة الغوث الدولية بتمويل من الاتحاد الأوروبي العام 2007.
وتحاكي عائلات ما فرض عليها من أوضاع اقتصادية واجتماعية فتنشئ أطفالها منذ نعومة أظفارهم على تمرس الأعمال الحرة، ومرافقة والدتهم في العمل في الحقول والمزارع.
ضيق الحال وعدم قدرة معيلها على تدبر مصروف أصغر أبنائه سنا، دفع بمهند إلى مرافقة والدته في "جوال الزيتون"، وكغيره من أقرانه يجهد في جمع كميات أكثر من الزيتون، وتتلخص مهمته بالصعود إلى قمم الأشجار وجمع ما ترك عليها من حبات.
وتؤكد نساء مخيم "جرش" أنه "لا بد من الشد على أيدي أطفالنا وتحفيزهم على العمل، وأضفن "أن الطفل لازم يكبر على ذهن متفتح".
يذكر أن عدد سكان المخيم يبلغ حوالي 30 ألف نسمة، وتبدو مظاهر الفقر فيه واضحة إذ إن 64 % من سكان المخيم يعيشون على دولار في اليوم، ونسبة من هم تحت خط الفقر النسبي 42 %، بحسب الدراسة التي بينت أن "97 % من الأسر ليس لديها مدخرات لمواجهة الاحتياجات المفاجئة من سكان المخيم".

[email protected]