مصادر غير تقليدية للإيرادات العامة

ما تم إقراره في موازنة 2017 من خطط لحصد مبلغ إضافي من الإيرادات بقيمة 450 مليون دينار، يقع في خانة المألوف الذي اعتاد عليه الأردنيون خلال برنامج صندوق النقد الدولي للفترة 2012 - 2015.اضافة اعلان
وللعلم، فإننا مطالبون أيضا بتخفيض نسبة العجز في الموازنة العامة بمقدار 500 مليون دينار في العام المقبل، ما يعني أن الحكومة ستشرع، إن لم تغير نهجها، بالتحضير لحزمة جديدة من رفع الأسعار وزيادة الضرائب، للتماشي مع البرنامج الجديد للصندوق، والذي وقعت عليه الحكومة العام الماضي.
كل تلك المعطيات تصب في إجراءات تهدف إلى تخفيض العجز، وصولا إلى تحقيق فائض مع نهاية عمر البرنامج، وكذلك تحقيق معدلات نمو ليس من السهل تحقيقها.
وستكون هناك مراجعات منتظمة لمؤشرات الأداء الرئيسة من قبل بعثة صندوق النقد الدولي كل ستة أشهر، فإن كانت نتيجتها بخلاف المطلوب، يتم توجيه الحكومة للتقيد بشروط اللعبة من خلال زيادة الإيرادات أو تخفيض الانفاق لتتماشى مع البرنامج المتفق عليه، وإلا فلن تحصل على شهادة "حسن السلوك" الضرورية للحصول على مساعدات المانحين وقروضهم الميسرة.
ومن بين الأمور التي نحتاجها، تحسن معدلات النمو؛ فلو ارتفع النمو إلى 5 %، وهو رقم ليس من السهل تحقيقه، فذاك يعني أننا تفوقنا على المؤشرات، وبالتالي تنخفض المديونية وتنخفض الحاجة إلى فرض ضرائب جديدة، لأن الإيرادات التي تتحقق أفضل. لكن التجربة السابقة كانت سيئة؛ لكون الإجراءات التي اتخذت لجني العوائد وتشذيب الإنفاق قد أضعفت النمو، متزامنة مع أثر الصدمات الخارجية وتداعياتها المستمرة.
في ظل الأوامر الملكية الواضحة بتخفيف العبء عن المواطنين، ليس أمام الحكومة إلا أن تغير نهج وأسلوب تحقيق الإيرادات المستهدفة. لكن كيف؟
المطلوب من الحكومة، بموجب الإجراءات الجديدة، زيادة إيراداتها بمقدار 37.5 مليون دينار شهريا هذا العام، وصولا إلى مجموع 450 مليون دينار، وزعتها بشكل ضرائب على "الخلوي" وغيره من السلع والخدمات "الكمالية"؛ أي إنها لم تخرج من الصندوق بعد، وإن تراجعت عن زيادة الضريبة على البنزين ورفع رسوم إصدار جواز السفر.
ما نقترحه كالتالي: لدى الحكومة ما يسمى إدارة المساهمات الحكومية، والتي تتولى ما تبقى من مساهماتها في الشركات المساهمة العامة. ويمكن من خلال الإدارة الذكية والحصيفة لهذه الأصول التي تبلغ قيمتها مليار دينار، توليد إيرادات إضافية للخزينة كطريقة ونهج جديدين.
اليوم، لن تفيد الحكومة دعوات القطاع الخاص؛ سواء من الداخل أو الخارج، للاستثمار، فلا أحد منه يثق إلا بقراره وقدرته على تحديد توجهاته الاستثمارية، والمعروف أن الجميع لا يحب الضعفاء.
صحيح أن المهمة الأولى لمن يتولون إدارة القطاع العام هي توفير أفضل الخدمات للمواطنين وتجهيز البنى التحتية والتنظيم الفاعل للقطاعات المختلفة، إلا أن تطوير نهج عمل الحكومة وقيادته إلى شاطئ النمو وتوليد الإيرادات من المصادر غير التقليدية، أداة جديدة عليها إتقانها. فما ذكرناه من حسن استثمار أصول المساهمات الحكومية هو إنجاز يمكن تحقيقه في وقت أسرع نسبيا من الخطط طويلة الأمد، حيث سينعش السوق المالي ويؤدي الى زيادة الناتج المحلي الإجمالي ويجذب الاستثمار الأجنبي، ويفضي إلى توليد فرص عمل جديدة.