أسعار صرف العملات في المصارف الإسلامية وجوازها شرعا

تعبيرية
تعبيرية

 يعتبر سعر الصرف لأي عملة عبارة عن السعر النسبي مقارنة بعملة أخرى، بمعنى آخر عبارة عن عدد الوحدات النقدية التي يمكن الحصول عليها مقابل وحدة نقدية المراد صرفها أو استبدالها، وسعر الصرف يقسم إلى نوعين، الأول هو سعر الصرف الاسمي والثاني هو سعر الصرف الحقيقي، اما السعر الاسمي فهو السعر الذي يتم على أساسه مبادلة عملتين نقديتين ويخضع لعملية العرض والطلب في أسواق العملات، اما سعر الصرف الحقيقي هو عبارة عن السعر الذي بموجبه يمكن معرفة أو قياس القوة الشرائية للعملة الخارجية بالمراد استبدالها، وهناك تقسيمات اخرى يخضع لها سعر الصرف إذا كان القياس يتم على أساس قيمة عملتين، ويسمى سعر الصرف الثنائي، كما يرتبط سعر الصرف بعامل الزمن حيث يتم تحديد سعر الصرف لحظة تنظيم عقد التبادل ويسمى سعر الصرف الآني وهناك سعر الصرف الآجل وهو السعر الذي يحدد سلفا عند ابرام الصفقات التبادلية الآجلة أي يتم تنفيذها بعد أجل معين.    اضافة اعلان
على العموم تتغير أسعار الصرف وفقا للتغير في العرض والطلب على العملات المطلوبة وقد يحدث ذلك عدة مرات في اليوم الواحد طالما استمرت حركة التغير في العرض والطلب على العملة، وهنا نجد حالتين من التعامل مع نظام الصرف الأول وهو سعر الصرف المرن الناتج عن لجوء بعض الدول إلى تحرير سعر الصرف لعملاتها المحلية مقابل العملات الاجنبية القابلة للصرف ويتم ذلك من خلال بيع وشراء العملات الاجنبية بهدف المحافظة على اسعار الصرف عند مستويات مقبولة، والحالة الثانية هي تحديد سعر صرف ثابت لا يتأثر بحركة العرض والطلب وهذا قد يؤدي إلى حالة من الاستقرار الاقتصادي خاصة في الاسواق المالية،ويولد حالة من الاطمئنان لدى المستثمرين الاجانب وفي التجارة الخارجية كذلك.
اوردنا هذه المقدمة عن مفهوم سعر الصرف بشكل عام لنتعرف على آلية التعامل مع اسعار الصرف في مصارفنا الإسلامية نظرا لحساسية العلاقة المرتبطة بمبادلة العملات والربا،  فحسب الفلسفة المالية الإسلامية القائمة على احكام الشريعة الإسلامية فان صرف العملات يعتبر من الخدمات المصرفية التي تقدمها المصارف الإسلامية لعملائها لكونها من المعاملات الجائزة شرعا ولا توجد بها اي شبهة للربا وهي مشابهة لنفس الخدمة التي تقدمها البنوك التقليدية سوى انها في المصارف الإسلامية تخضع لاحكام الشريعة الإسلامية وضوابطها مستدلين في مشروعيتها من قوله تعالى : "وأحل الله البيع وحرم الربا"،(سورة البقرة اية 275) و قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم"،(سورة البقرة اية 188)، فعملية الصرف ينطبق عليها مفهوم البيوع لكونها تتم بين نوعين من النقود مختلفين، ولو كانت النقود من نفس الصنف لانطبق عليها قول الرسول الكريم صلى الله علية وسلم :(الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ) رواه مسلم (1587).
ومن الأحكام الشرعية التي يتقيد بها المصرف الإسلامي في عملية الصرف ان يتم التقابض في مجلس العقد الذي تتم به عملية الصرف ، ولا يجوز استلام بعضها وتأجيل البعض الآخر، ودليل ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم قال:( فإذا اختلفت الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد). 
إذن من خلال كل ما سبق، يتضح جليا أن حكم الصرف في الإسلام هو الجواز والإباحة، شريطة الالتزام باحكام الشريعة الإسلامية، وبناء على ذلك فإن الخدمات المصرفية التي تقدمها المصارف الإسلامية اليوم لعملائها جائزة شرعا وتتحقق بها شروط الجواز التي اقرها الاسلام في القرآن الكريم والسنة النبوية.

*باحث في التمويل الإسلامي