كيف استطاعت منى زكي الاستحواذ على مشاعر المشاهدين في "لعبة نيوتن"؟

Video thumbnail for youtube video s_6ztjh9niu
Video thumbnail for youtube video s_6ztjh9niu

غادة الشيخ

عمّان- كما الطفل الذي يحاول جاهداً أن يداري عينيه وهي تسقط فوق وجنتيه من جراء النعس، وكما الأم التي تنام على جنبها ويدها أسفل خدها وتتنفس أكسجين الهم، وكما الفتاة التي يهرب منها النوم من جراء انشغالها بحالة تشوقها بماذا سترتدي في أول يوم جامعي الذي سيصادف يوم غد، هكذا هو حال مشاهدي المسلسل المصري "لعبة نيوتن"، التي تلعب مشاهد كثيرة منه على وتر الفضول، التحليل والتشويق، وحتى الشعر بالهم بماذا تخبئه الحلقة الجديدة منه.

الأمر لا يحتاج عمل دراسة إحصائية لمعرفة مرتبة مسلسل "لعبة نيوتن" في سباق مسلسلات رمضان لهذا العام، فالمسلسل الذي هو من بطولة كل من الفنانة منى زكي وكل من الفنان محمد فراج ومحمد ممدوح ووجوه فنية جديدة ذات خبرة تمثيلية توزاي خبرات وجوه فنية قديمة، أصبح جزء أساسي حاضر في يوميات شهر رمضان المبارك مثل "متلازمة" الفيمتو.

“لعبة نيوتن”.. شخصيات متغيرة والحقيقة ليست كما تُرى!

كما أصبح موعد عرضه مضبوطاً على ساعة متابعيه سواء في خاصية التذكير "الريمايندر" الإلكترونية في الهواتف الذكية، أو الريمايندر الذهني في عقول عشاق المسلسل.

الحديث عن أسباب نجاح "لعبة نيوتن" يطول الحديث عنه، لكن لعل التركيز على دور بطلة المسلسل الفنانة منى زكي وأدائها يعكس حيزاً لا بأس منه من المساحة الواسعة والارتفاع العالي الذي سببته قفزات نجاحات المسلسل منذ اليوم الأول من حلقاته.

يقال ومنهم الفنانة منى زكي يتدربون على أدوارهم في أعمالهم الفنية بطرف كحفظ نص السيناريو أو التدريب على الأداء، ومن المعروف أيضاً كما يشهد عليه نقاد عرب أن الفنانة زكي إنسانة ذكية جداً، لا تقبل بتمثيل أي دور ولا تهتم بالمظهر الخارجي بقدر قواها الحسية خلال التمثيل، كما أنها تحرص دائماً على أن تستحوذ على الكاميرا وتجبر المشاهد دون أن يدرك على أن تتوجه عيناه عليها حتى لو كان هناك عشرة أشخاص يشاركونها المشهد.

ذكاء منى زكي ظهر من جديد في أداء دورها في مسلسل "لعبة نيوتن"، وعودة لطريقة تدرب الفنانين على أدوارهم من المرجح حد اليقين أنها وأثناء تدربها بشكل فردي على دور "هناء" الذي تجسده في المسلسل، كانت تدرك وهي تؤدي الدور أمام مرآتها أن هناك بعض من مشاهدها سوف تقتحم انتباه المشاهد بها، بطريقة تلمس وجدانه ويتأثر جداً فيها.

اضافة اعلان

من بين تلك المشاهد، عندما كانت تستجوب "مدام هناء" أخصائية نفسية للتأكد من سلامة ذهنها حتى تأخذ طفلها التي أجبرت على الابتعاد عنه بعد ولادتها، ذلك المشهد أثر على متابعيه جداً وظهر ذلك بقوة على وسم #لعبة_نيوتن المتصدر على موقع "تويتر"، عندما اعتقدت مدام هناك أن أصول الأخصائية النفسية عربية فهي في بر الأمان، ذلك لأنها وبحسب اعتقادها بالتأكيد ستتفهمها، وتتفهم تحديداً عفوية العرب وانهزامهم لانفعالاتهم العفوية كما العاطفية.

منى زكي أو مدام هناء في حديثها مع الدكتورة لم تقصد أن تكون خبيثة كي تلعب على وتر العاطفة أمام طبيبتها العربية الأصل، بل اعتقدت أن من تجلس أمامها وتستجوبها ستفهم ماذا كانت تقصد عندما ذكرت عبارة "حموت نفسي" أمام الأطباء في المستشفى وهي تهددهم بأن تأخذ ابنها، تلك العبارة التي فهمها العقل الأجنبي بأنها سوف تنتحر.

من بين العبارات المؤثرة التي قالتها هناء للدكتورة وهي تبرر أنها لا تقصد المعنى الحرفي الذي اعتقده الأطباء، عندما قالت: "احنا العرب يا دكتورة لما بنحب حد بنقوله بموت فيك".

أثر تلك العبارات والمشهد بأكمله كان ذا وقع كبير على متابعي المسلسل، تماماً مثل تأثرهم بمشهدها وهي تهرب عندما هربت من المستشفى، وبحثت حولها عن من "تفضفض" له فلم تلق سوى الاتصال بزوجها رغم خلافها الكبير معه، المحور المؤلم في هذا المشهد هو ما جرى خلال الاتصال، فمنى زكي أو هناء لم تنطق أي حرف بل سقطت على ركبها واكتفت بالسماع لصوتها المحتقن الذي ظهر في زفير نفسها، كما اكتفت بسماع صوت حبيبها أي زوجها الذي مهما احتدت العلاقة بينهما إلا أنه الوحيد سيسمع كلام صمتها في ذلك الاتصال ويفهمه.

مشهد آخر حديث خبط قلوب متابعي "لعبة نيوتن"، في الحلقة الخامسة عشرة، عندما كانت هناء واقفة أمام القاضية في جلسة النطق بمصير حضانة ابنها، ورغم أن القاضية وبعد استماعها للمحامين بدت عليها ملامح اتخاذها حكم يرضي "مدام هناء"، إلا أنه ورغم ذلك طلبت هناء بعد أن سألتها القاضية إن كان لديها ما تقوله.

"عاوزة أتكلم بالعربي" قالت هناء وهي تنظر إلى مترجم المحكمة، وكان ما خرج منها من كلام كأنها تجلس مع صديقتها المقربة ليست قاضية، وبدأت بتحرير دواخلها التي كانت معبأة منذ فترة أزمة طفلها بعبارات سلسلة وعاطفية جداً ليس بسبب دموعها التي انهمرت أمام القاضية، بل من جراء الصدق الخالص الذي ظهر في كلامها، وكأنه كلام ينطقه القلب لا اللسان.

تلك بعض من المشاهد وغيرها كثر، علقت في ذهن متابعي "لعبة نيوتن"، وقبل حلول الحلقة الأخيرة من المسلسل، لا بد من الاعتراف بأن منى زكي نجحت في تحديها مع نفسها وهي تتدرب أمام مرآتها أنها ستترك أثرا قويا لمتابعيها، لكن ربما لا تعلم الفنانة زكي أنها لم تؤثر بالمتابعين فقط بل فتحت الكثير من جوارحهم من الماضي.