"الغارمات": أم ياسر يتضاعف دينها من 102 دينار إلى 350 دينارا (فيديو)

اضافة اعلان

غادة الشيخ عمّان- الفقر والحاجة هو ما جعل من أمّ ياسر تقع في كارثة حولتها إلى غارمة ومهددة في أي لحظة بأن تسجن. هذا ما جاء على لسان الغارمة أم ياسر خلال حديثها في حلقة برنامج "ندوة لايف" التي بثت مساء أول من أمس على صفحة "الغد" على فيسبوك، والتي تناولت قضية الغارمات، بوجود ضيوف من بينهم الغارمة أم ياسر ومدير مشروع الغارمات في جمعية سنحيا كراما الخيرية ليث الحطيني إضافة إلى الزميل الصحفي جهاد أبو بيدر. وروت أم ياسر تجربتها والأسباب التي جعلت منها غارمة؛ أسباب بدأت بمرض زوجها الذي حال دون قدرته على العمل، وأسباب مرت بعدم قدرتها على سد ديونها لتستطيع أن تغطي مستلزمات بيتها وحاجات أطفالها الثمانية، انتهاء بالتسهيلات الكبيرة التي حصلت عليها من واحدة من شركات الإقراض؛ تلك الشركة التي وصفتها بأنها كانت الباب الوحيد لسد ديونها دون أن تدرك أنها كانت ستكون سببا في زجها في السجن. 51 دينارا كان التزام أم ياسر الشهري لسد قرضها من تلك الشركة الذي بلغ 500 دينار، والذي وصفته بـ"500 دينار بالنسبة لي يعني 20 ألفا"، التزمت في دفع 13 دفعة من أصل 15 لسد باقي القرض، وتخلفت عن آخر دفعتين بسبب عجزها المادي بعد أن تم تسريحها من العمل، ما جعلها مطلوبة للتنفيذ القضائي. وقالت "لدي ثمانية أطفال، كيف بدي أطعميهم، بقي زوجي ما يقارب العامين متربطا في السرير بسبب كسر في الحوض وخلع في ركبته اليمين، ومع الايام اذا لم يأكل لن يطيب واذا لم يشرف احد عليه لن يشفى، ما جعلني ألجأ إلى الديون التي أرهقتني واضطرتني إلى أخذ قرض من إحدى مؤسسات الإقراض". وبينت أن الباب الوحيد الذي وجدته مفتوحا لسد ديونها تلك المؤسسة، حيث اقترضت بكفالة صديقتها 500 دينار، وكل ما طلب منها صورة عن هويتها وعن دفتر العائلة. كنت أدفع كل شهر 51 دينارا، تقول أم ياسر، وتضيف: عملت في مقصف مدرسة والتزمت 13 شهرا لسد قرضي، لكن بعد فترة صاحب العمل سرحني، بقيت علي دفعتان أي مائة ودينارين "صدقا في تلك الفترة لم تكن هناك خبزة واحدة في بيتي، حاولت التفاهم مع مؤسسة الإقراض لمنحي فرصة لتسديد الدفعتين لكن كانوا قد وضعوا اسمي في التنفيذ القضائي". الأمر الذي صعب عليها أكثر، وأصبحت تلزم المنزل خوفا من الخروج والقبض عليها، وفي إحدى المرات ونظرا لاضطرارها الشديد للعمل بتنظيف أحد المنازل، تم إيقافها وإعلامها أنها مطلوبة، وبعدها جمعية سنحيا كراما الخيرية سدت عنها المبلغ الذي تضاعف إلى 350 دينارا من جراء الفوائد. وتحدثت أم ياسر عن المحصل في الشركة التي اقترضت منها، في سياق الحديث عن التهديدات والمعاملة القاسية التي تتعرض لها غارمات من مندوبين في مثل تلك المؤسسات في حال تأخروا عن سد التزاماتهن. وبينت أنه جاء إليها دون موعد وقام بالصراخ عليها وهددها أنه في حال لم تسد التزامتها خلال 12 ساعة "رح يصير اشي ثاني"، مشيرة في الوقت ذاته ووفق قصص لغارمات تعرفهن إلى أن هناك محصلين يقومون بتقدير الالتزامات المستحقة عليهن ويقومون بـ"الاستيلاء" على أجهزة كهربائية من المنزل. وبينت أن التسهيلات التي تقدمها مؤسسات إقراض المرأة هي التي تغري أي سيدة محتاجة، موجهة نصيحة لكل سيدة أردنية: "إذا ما جربتي لا تجربي وإذا جربتي لا تعيديها". بدوره، وجه الصحفي أبو بيدر أصابع الاتهام عما وصفه بـ"الكارثة الوطنية" من جراء تبعات تسهيلات ترخيص مؤسسات إقراض المرأة، إلى الحكومة. وكشف أبو بيدر، وهو ينظم ويدير حملات شعبية لسد ديون غارمين وغارمات ومتعثرين، عن أن عدد المطلوبين للتنفيذ القضائي على ذات القضايا وصل إلى 250 ألفا، أي ما يعادل سدس السكان، مبينا في الوقت ذاته أن العدد في تزايد. وبين أن هناك مبالغ تقام على أصحابها دعاوى قضائية تصل إلى 180-200 دينار، وغالبا ما يكون المطلوبون اثنين المرأة التي اقترضت وكفيلتها، لافتا إلى أن أغلب مؤسسات إقراض المرأة تشترط أن يكون الكفيل امرأة. واعتبر أن الأسلوب الذي تتبعه تلك المؤسسات أشبه بـ"الكمين"، مبينا أيضا ان هناك أساليب جديدة للتحايل أصبحت تمارسها بعض تلك المؤسسات مثل إنشاء مؤسسات تعمل لمدة قصيرة ثم تغلق، وبمشاركة بعض من المحامين يتم رفع دعاوى قضائية على المتعثرين عن السداد دون أن يعلموا أن الشركة التي اقترضوا منها قد أغلقت. كما اعتبر أن شعار تمكين المرأة من خلال مشاريع تساعدها بأخذ قرض من تلك المؤسسات هو "شعار زائف"، فمن غير المنطق أن تستطيع المرأة إنشاء مشروع بـ200 و300 دينار. وقال أبو بيدر إن هناك عدة حلول لمشكلة الغارمين والغارمات، مثل أن يكون في وزارة التنمية الاجتماعية صندوق لسداد ديون الغارمين السجناء، بدلا من أن تصرف على عائلاتهم وهم في السجن، فضلا عن أهمية استمرار الحملات الشعبية لسد ديون المتعثرين والسجناء على تلك القضايا بحيث لا تكون حملات على شكل فزعة بل تبقى مستمرة. إلى ذلك، اعتبر الحطيني أن قضية الغارمات هي "آثار المشكلة وليست المشكلة بحد ذاتها"، والتي قال إنها تكمن في عدة عوامل أولها: مؤسسات الإقراض نفسها وتسهيل ترخيصها وإنشائها والتي تحمل أسماء تختص فقط بقروض المرأة. إضافة إلى مشكلة ما أسماها العنف الاقتصادي الذي يمارس بحق المرأة، مشيرا إلى أن جمعية "سنحيا كراما" استقبلت ما يقارب الثلاثين حالة لغارمات أخذن قروضا بسبب ضرب أزواجهن لهن وإرغامهن على أخذ قرض. واعتبر الحطيني أن الحملة الوطنية التي جرت مؤخرا لسداد ديون غارمات لم تحل المشكلة بعد، فما تزال المشكلة مستمرة ما دامت مؤسسات الإقراض لا تمارس عليها رقابة. وبين ان هناك نوعا جديدا من الشركات التي تزيد من عمق المشكلة، مثل شركات تبيع بضاعتها بالأقساط كأجهزة الموبايل والثلاجات والغسالات والتي تتراكم عليها فوائد مضاعفة. ووفق الحالات التي تستقبلها الجمعية وبحسب الحطيني، فإن "التهديد الذي تتعرض له الغارمات من تلك المؤسسات والشركات، والذي أحدث شكلا جديدا من العنف تجاههن مثل الابتزاز الجنسي من الدائن لنساء اقترضن منه، والذي أدى ووفق حالات موثقة في الجمعية إلى اضطرار لجوء سيدات إلى السرقة خوفا من ذلك الابتزاز والتهديدات". وبين أن هناك العديد من الحلول لقضية الغارمات والتي أيضا "تستنزف وقت القضاء" ذلك من خلال تسجيل ما يفوق عن 25 قضية في العام الواحد، وأبرز هذه الحلول تشديد الرقابة على مؤسسات الإقراض، فضلا عن أهمية الحملات التوعوية لحماية النساء من الوقوع في ذلك "الفخ".