الملقي في "الهيئة"

حسنا فعل رئيس الوزراء د. هاني الملقي، عندما توجه فورا بعد أداء اليمين الدستورية إلى مقر الهيئة المستقلة للانتخاب، برفقة وزير الشؤون السياسية والبرلمانية موسى المعايطة، ووزير الإعلام د. محمد المومني. فالانتخابات النيابية الآن على قائمة سلم الأولويات السياسية في البلاد، وزيارة الحكومة للهيئة تأكيد على التقاطها لأحد أهم نقاط كتاب التكليف السامي؛ والحديث هنا عن التعاون مع "الهيئة" لإنجاح العملية الانتخابية.اضافة اعلان
ملف الانتخابات سيكون أحد المؤشرات على عمر حكومة الملقي؛ فاذا نجحت في توفير الدعم اللازم للهيئة للوصول إلى انتخابات ناجحة، فإن ذلك يعني زيادة فرص بقاء الملقي في "الدوار الرابع" لفترة تمتد إلى ما بعد الانتخابات النيابية التي ستجرى في أيلول (سبتمبر) المقبل. أما إذا لم تتعامل الحكومة مع هذا الملف بالطريقة الصحيحة، فإنها قد تكون حكومة تصريف أعمال، لمدة أربعة أشهر لا أكثر.
نجاح الانتخابات يعتمد على وجود علاقة صحية وصحيحة بين الحكومة و"الهيئة". وأساس هذه العلاقة هو احترام الحكومة لاستقلال "الهيئة" التزاما بالدستور، والقوانين التي تلزم الحكومة نصا بتوفير كل ما تطلبه "الهيئة" من دعم بما في ذلك التنسيق بين "الهيئة" ووزارة الداخلية عند وضع الخطة الأمنية.
العلاقة بين الحكومة و"الهيئة" فيها العديد من الملفات، بدءا من الملف اللوجستي؛ إذ إن الحكومة بوزاراتها ومؤسساتها هي الرافد الأكبر للهيئة المستقلة بالكوادر التي ستعمل على الأرض في يوم الاقتراع، والمتوقع أن يصل عددهم لأكثر من أربعين ألف شخص. هؤلاء في غالبيتهم سيكونون موظفي حكومة، سيتم انتدابهم للعمل مع "الهيئة" كأعضاء لجان ومراكز وغيره. وهنا من المهم أن يكون هؤلاء المنتدبون على معرفة كاملة بأن "الهيئة" هي مرجعيتهم القانونية والإدارية خلال فترة انتدابهم.
ملف التوعية والمشاركة هو من الملفات المهمة التي يجب أن تساند فيه الحكومة "الهيئة". فرغم أن "الهيئة" ستقوم بحملة توعية حول القانون والإجراءات وحث الناخبين على المشاركة، إلا أن هناك دورا كبيرا ومهما يقع على عاتق الحكومة في هذا الشأن. فوزارتا الإعلام والشؤون السياسية والبرلمانية بالتحديد، يجب أن تكونا على تنسيق كامل مع "الهيئة" في الجانب الإعلامي والتوعوي، بحيث تكون الجهود تكاملية ومتناسقة.
الملف الثالث في العلاقة بين الحكومة و"الهيئة"، يتمثل في دور وزارة الشؤون البلدية والمؤسسات الرسمية المستقلة، مثل أمانة عمان والبلديات، في التعامل مع المخالفات أثناء الحملات الانتخابية. وللأسف، فإن التجربة على أرض الواقع في هذا الشأن لم تكن إيجابية في الانتخابات كافة التي أدارتها "الهيئة" منذ انتخابات 2013 وما تلاها من انتخابات تكميلية في عدد من الدوائر. فالتعاون من قبل هذه الجهات مع "الهيئة" لم يصل إلى المستوى المأمول، ولم تقم هذه الجهات بالاستجابة لطلبات "الهيئة" في كثير من الحالات التي شهدت وجود دعاية انتخابية مخالفة تستوجب الإزالة. وهنا لا بد من تذكير وزارة الشؤون البلدية وأمانة عمان والبلديات، بأنها ملزمة قانونا بالاستجابة لطلبات "الهيئة"، بموجب الفقرة (أ) من المادة الخامسة من قانون الهيئة المستقلة للانتخاب، والفقرة (ب) من المادة (22) من قانون الانتخاب.
أما فيما يتعلق بالخطة الأمنية أثناء الانتخابات، فإن الفقرة (ب) من المادة الخامسة من قانون "الهيئة" تؤكد على وضع هذه الخطة بالتنسيق بين "الهيئة" ووزارة الداخلية. والخطة الأمنية هنا تتجاوز تأمين مراكز الاقتراع، إلى التعامل مع الجرائم الانتخابية كافة التي يمكن أن تحدث، وخاصة جرائم شراء الأصوات أو الضغط على الناخبين أو التعرض لهم. ويجب أن تكون الخطة الأمنية شاملة لكل السيناريوهات التي يمكن أن تنشا نتيجة اتخاذ قرارات قد ينتج عنها توقيف مرشحين أو مناصرين لهم، بحيث تتحمل الحكومة مسؤوليتها في التعامل مع أي محاولات لإحداث شغب أو تعطيل الاقتراع نتيجة هذه القرارات.
أعود مرة أخرى لزيارة د. الملقي لمقر الهيئة المستقلة للانتخاب، والتي لا يمكن تقييمها إلا بأنها خطوة إيجابية. لكنها كانت لتكون أكثر قوة وإيجابية لو رافق كل من وزير الداخلية ووزير الشؤون البلدية دولة الرئيس في هذه الزيارة.