وزير تحت 25 عاما

لماذا لا يكون لدينا وزراء شباب؟ سؤال يتردد هذه الأيام على صفحات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، بعد انتشار تغريدات لحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد، يطلب فيها ترشيح طلبة جامعيين لتعيينهم برتبة وزراء. اضافة اعلان
وللإجابة عن هذا السؤال، فإن علينا أن نستوعب جملة من المعيقات والتحديات التي تقف حجر عثرة أمام تولي الشباب لمواقع المسؤولية في بلدنا. ولعل أول هذه التحديات يتمثل في الخلل الموجود في المنظومة التعليمية على مستوى المناهج والنهج التعليمي المتبع. فمنظومتنا التعليمية، للأسف، تحتاج إصلاحات هيكلية جذرية، لتتمكن من إفراز قيادات شبابية قادرة على المبادرة والإبداع وتولي المسؤولية، بدلا من تخريج أفواج من الشباب الذين تعودوا أسلوب التلقين.
وعلى الرغم من امتلاك الشباب في أيامنا هذه للكثير من الأدوات التي تتيح لهم فرصة الاطلاع على مختلف الأفكار والثقافات والأيديولوجيات، إلا أن عدم امتلاكهم لأدوات التحليل العلمية نتيجة غيابها عن النهج التعليمي، يجعل الفائدة التي يحصلون عليها من الانفتاح على العالم محدودة للغاية. وهو الأمر الذي يفسر عدم قدرة العديد من الشباب على تطوير أنفسهم بما يمكنهم من تبوؤ مناصب قيادية.
العائق الثاني تشريعي بامتياز؛ إذ تشترط  بعض القوانين تجاوز سن معينة للوصول إلى منصب قيادي عام. فمثلا، يشترط قانون الانتخاب أن يتم الشخص ثلاثين عاما قبل السماح له بالترشح والوصول إلى القبة. وأرى شخصيا أن هذا الشرط يتناقض مع الدستور الذي ينص على أن الأردنيين متساوون في الحقوق والواجبات. وبالتالي، فإن حرمان الشباب من الفئة العمرية بين الثامنة عشرة والتاسعة والعشرين من حقهم في الترشح، هو انتقاص من حقوقهم المكفولة دستوريا. إضافة إلى ذلك، فإننا نجد أنفسنا أمام تناقض في هذا القانون الذي يعطي الحق لمن أتم الثامنة عشرة في أن يصوت، ويمنعه من الترشح، أي إن القانون يثق به كناخب ولا يثق به كنائب.
وبالانتقال من السياسة إلى المجتمع، فإننا نجد أنفسنا أمام عقبة كبيرة تتمثل في الموروث المجتمعي الذي يقدس التراتبية السنية داخل العائلة أو العشيرة؛ فتكون السلطة على الأغلب للأكبر سناً، حتى لو كان الأصغر أكثر كفاءة ومقدرة على تولي زمام الأمور. هذا الموروث ينعكس على مجالات الحياة كافة، ويحرم الشباب من فرصة ممارسة أدوار قيادية، فقط لأنهم أصغر عمرا.
تحد آخر لا يمكننا إهماله، يتمثل في سيطرة القيادات المتقدمة في السن على المناصب القيادية، ووقوفهم أمام وصول الشباب إلى هذه المناصب. وبنظرة بسيطة إلى العديد من المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، فإننا سنرى هذه الحقيقة بوضوح. إذ على سبيل المثال، أغلب قيادات الأحزاب السياسية هي قيادات كبيرة في السن، وتشغل مناصبها منذ سنوات عدة، إن لم يكن منذ عقود عدة.
الأردن بلد فتي، يشكل الشباب الجزء الأكبر من سكانه، ولهم الحق الكامل في دخول الحياة العامة واحتلال مناصب قيادة على أساس الكفاءة والاستحقاق. ودعونا لا ننسى أن جلالة الراحل الحسين تولى قيادة هذا البلد عندما كان شابا في الثامنة عشرة من العمر. وكذلك فإن جلالة الملك عبدالله الثاني أطلق عليه لقب الملك الشاب عندما تولى الحكم.