الحكم على فاقئ "عيني زوجته" ينصف ضحايا العنف الأسري

رسم تعبيري لمناهضة العنف ضد المرأة - (أرشيفية)
رسم تعبيري لمناهضة العنف ضد المرأة - (أرشيفية)

نادين النمري

عمان - "السجن المؤبد" على فاقئ عيني زوجته، الملقبة بـ"سيدة جرش"، الصادر عن محكمة الجنايات الكبرى، بإدانة المتهم بها بجرم الشروع بالقتل، رغم أنه حكم قابل للطعن الوجوبي، إلا أنه انتصر للضحية.

اضافة اعلان


الضحية، قالت في تصريح لـ"الغد"، إنها "سعيدة بالحكم"، وقالت "أخذت حقي اليوم، وقرار القضاء عادل"، مشيرة إلى أنها لم تكن تتوقع القرار فـ"جميع المحيطين بها قالوا إنّ زوجي لن يسجن، وإنْ سجن، فسيحكم لفترة قصيرة، لكن الحكم أنصفني، وهو ردع لكل من يفكر بإيذاء زوجته أو أخته أو أي فرد من عائلته".

وكانت الضحية، تعرضت لجريمة بشعة على يد زوجها الذي أقدم في تشرين الثاني (نوفمبر) 2019 على فقء عينيها إثر خلاف بسيط، أمام أطفالها الثلاثة، وقالت في تصريح سابق لـ"الغد"، إنها "تعرضت لسنوات طويلة لعنف أسري على يد زوجها، لكنها كانت تتحمّله للاستمرار برعاية أطفالها وعدم الابتعاد عنهم".


الجريمة أثارت الرأي العام، فنظمت وقفات احتجاجية تحت شعار "طفح الكيل"، نفذتها ودعت إليها مؤسسات حقوقية ونسوية، طالبت فيها بتغليظ العقوبات في الجرائم الواقعة داخل نطاق الأسرة وجرائم العنف الأسري.


مديرة مجموعة القانون لحقوق الإنسان "ميزان" المحامية إيفا أبو حلاوة (محامية الضحية) قالت إن "الحكم أنصف الضحية، ويتناسب مع طبيعة الجرم والنتيجة والأذى الواقع عليها".

ولفتت إلى أن "الضحية وأسرتها يشعرون الآن بالعدالة"، لافتة لأهميته لجهة تحقيق الردع لمن تسوّل له نفسه بالاعتداء على أفراد أسرته، أو ممارسة العنف عليهم، فضلا عن التوعية بألا تهاون مع جرائم العنف الأسري.


وبينت أبو حلاوة أن "ميزان"، تولت رفع قضية طلاق للضحية من زوجها، وحصلت على حكم من المحكمة الشرعية بالطلاق والتعويض وكامل حقوقها المالية، معتبرة ذلك سابقة قضائية في قضايا الشقاق والنزاع، مؤكدة أن هناك متابعة للتحصيل على الحقوق المالية عبر الحجز على أموال وممتلكات الجاني.


الأمينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المرأة سلمى النمس، قالت إن قرار المحكمة تاريخي، يعكس تبني القضاء الأردني لمفهوم الردع التام لأشكال العنف الأسري والعنف ضد المرأة.


وأضافت النمس أن أهميته تكمن في تبنيه لقضية، ساندها الرأي العام بقوة ما "سيكون له دور مؤثر في الردع والوعي المجتمعي، للحد من العنف الأسري، والتأثير على الممارسات داخل الأسر".


وأضافت إن ذلك "سيكون له تأثير ليس فقط على القرارات القضائية المستقبلية بل وعلى توجيه الخطاب العام، وردود الفعل المجتمعية والاعلامية حول العنف ضد المرأة، وأنه لا يمكن تبريره بأي شكل من الأشكال".


وقال الامين العام للمجلس الوطني محمد مقدادي إن "الحكم يعزز ما نحن مقتنعون به، فالأحكام القضائية دوما منصفة للضحايا، وتنفذ عقوبة مناسبة لمرتكبي الجرم، وهي منصفة أيضا للمجتمع الذي استاء من هذا الفعل".


واضاف مقدادي "عبر اطلاعنا على كثير من القرارات القضائية، هناك اهتمام بالتفاصيل التي بناء عليها يصدر القضاء الحكم".


وأوضح قائلا "أعتقد بأن هذا الحكم مناسب جدا، ونتمنى أن يكون رادعا، ومن هذه النقطة أتمنى من وسائل الإعلام الإشارة إلى ذلك، وان يعرف المجتمع بالعقوبةـ حتى يدرك المُعنِّفون ألا تساهل مع جرائمهم البشعة".

وقال "الجرائم في الأسر، ليست شأنا خاصا، فهناك ملاحقة قانونية وتوعية بالاحكام القضائية بها"، مشددا على الوقاية منها باجراءات حمائية ووقائية، والتوعية بالتعامل معها، والتخلص من اشكالية الوصمة التي تقف عائقا امام التبليغ عنها.


وزاد مقدادي، ان الردع يتطلب توعية إعلامية، بأن العنف الأسري يعاقب عليه القانون، فالكثير من الأسر تعتقد بأن هناك ممارسات، لا يعاقب عليها القانون لكن القانون يعاقب وهو منصف للضحايا.

وكانت قضية "سيدة جرش" بتفاصيلها المؤلمة، سلطت الضوء على قضايا العنف الأسري والإشكاليات المتعلقة بمنظومة حماية الأسرة والنساء من العنف، وبالذات إشكالية ضعف التبليغ في قضايا العنف الأسري، وتشديد العقوبات في الجرائم التي تقع في إطار الأسرة.


وطالب حقوقيون حينها بتغليظ عقوبة الإيذاء في جرائم العنف الأسري، وإلغاء إسقاط الحق الشخصي، نظرا لخصوصية هذا النوع من الجرائم، إذ تخضع الضحية للضغط الأسري والقرابي لإسقاط حقها.


وسلطت القضية الضوء على ضرورة التوعية بقانون الحماية من العنف الأسري، وتفعيل بند إصدار أمر الحماية والذي يتم بموجبه إبعاد المعنف عن الضحايا أو الناجين من العنف.

خاصة أن أمر الحماية يوفر حلا أمثل في عدة حالات عنف، ويمنع تفاقمها، كما في حالة "سيدة جرش" التي بدأ بها العنف لفظيا وجسديا إلى أن وصل إلى الشروع بالقتل.