حتى نصل إلى صيف مائي آمن .. ماذا يجب أن نفعل؟

سد الكفرين أحد سدود المملكة الرئيسة -(أرشيفية)
سد الكفرين أحد سدود المملكة الرئيسة -(أرشيفية)

رنيم الصقر

اضافة اعلان

عمان - ماذا يجب أن نفعل حتى نصل إلى صيف مائي آمن؟ خصوصا وأن المشكلة المائية كما هي من حيث تذبذب مياه الأمطار، وارتفاع درجات الحرارة، وغيرها من واقع يهدد تحقيق الأمن المائي للأردنيين.


يقدم خبراء في قطاع المياه حلولا مبتكرة للحد من عجز المياه المتوقع حدوثه في الصيف الحالي، وينطلق ذلك من الاستراتيجية الوطنية للمياه (2016-2025)، للوصول إلى قطاع مياه "مرن وفعال وماهر ومستدام"، في ظل مشكلات ما تزال ماثلة في القطاع سواء سلوكية ترتبط بأداء الناس في المنزل، أو إدارية كسرقة المياه، أو فنية بسبب اهتراء شبكات المياه، أو سياسية أو طبيعية تتعلق بتذبذب التساقط المطري.


لكن، يبقى السؤال، ماذا يجب أن نفعل كحلول فورية لمواجهة المشكلة، بدلا من انتظار إنجاز مشاريع كبرى كتحلية مياه البحر الأحمر التي يتوقع أن "تحل مشكلة المياه على المدى البعيد" لكنها مكلفة وتحتاج إلى سنوات.


يقترح خبراء المياه اللجوء إلى تعميم سلوكات ترشيدية للاستهلاك، تعتمد على وعي وتنفيذ الناس لها في القطاعين المنزلي والزراعي.
ويقول أستاذ هندسة المياه في الجامعة الأردنية رضوان الوشاح إن مشكلة شح المياه تشكل تحديا يواجه الأردن، وعلى المواطنين استخدام بعض التقنيات الترشيدية لإدارة الموارد المائة المنزلية، مشددا على ضرورة التركيز على فواقد الشبكات المائة عبر السيطرة على التسريب في الخطوط الناقلة وتحسين نظام الفوترة والحد من الاعتداءات المتكررة على الشبكات والخطوط الرئسية.


وأضاف الوشاح في حديثه لـ"الغد" أن "العطش قادم لا محالة، وسيؤثر على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الأردن"
وفي هذا الصدد، ومن منطلق تقديم حل منطقي يعتمد على المواطنين، يؤكد خبير المياه في المركز الوطني للبحث والتطوير الدكتور إلياس سلامة أن وزارة المياه والري- على سبيل المثال- بدأت في تحلية مياه البحر الاحمر بوقت متأخر، حيث كان من المفترض أن تتم هذه العملية منذ سنوات، على الرغم من كل التنبيهات التي جاءت للوزارة لإنقاذ قطاع المياه في الأردن".


لكن يطرح سلامة حلا وصفه بـ"المنطقي" مقارنة بالوضع القائم، وهو اللجوء إلى المزارعين القائمين في المناطق المرتفعة ولديهم آبار يستخدمونها لـ"مصالحهم الشخصية" إلا أنها تحتوي على المياه الوفيرة، والذي بدوره سيحل مشكلة شح المياه إلى أن يتم تطبيق عملية تحلية مياه البحر الأحمر والتي ستحتاج مدة من الوقت.


وبين أن شراء المياه لمدة سنة أو أكثر من المزارعين أو شراء آبارهم بشكل كامل "سيشكل فارقا كبيرا في مشكلة قطاع المياه لهذا الصيف".


ولفت سلامة إلى أن مقترح تحلية المياه يعتبر الحل الأمثل لمشكلة عجز المياه على المدى البعيد، وسيتم تطبيق عملية التحلية من خلال شركات عالمية تبني المصنع الخاص بها على شط البحر وتبدأ بعملية تحيلة المياه أولا بأول وتبيع المتر المكعب بقيمة 35 – 37 قرشا، وهو سعر زهيد ويوازي سعر عملية استخراج المياه الجوفية، مشددا على أن هذا الحل "سينهي العجز المائي في الأردن إلى ما نهاية لأنه يعمل ضمن مبدأ البيع والشراء، يسمح بتصدير المياه تحت السيادة والرقابة الأردنية".


لكن تظل مسألة ما هي أبرز الحلول المبتكرة التي يسعى الخبراء والعاملون في قطاع المياه تعميمها على الناس ورفع الوعي بها لترشيد الاستهلاك سواء في المنزل أو قطاع الزراعة، خصوصا وأنها تنصب على السلوكات في المنزل، مثل كيفية التعامل مع الحنفية، وسيفون الحمام، أو تتعلق بالحصاد المائي لجمع وتخزين مياه الأمطار على أسطح المنازل للأغراض المنزلية والزراعية، أو إعادة استخدام المياه الرمادية (الخارجة من المنزل باستثناء مياه المراحيض)، ورفع كفاءة الري لغايات الزراعة من خلال الري بالتنقيط أو الموضعي.


غير أن هذه الحلول المبتكرة، وكونها ترتبط بوعي الناس وقناعاتهم فضلا عن مدى القدرة على توفرها بكلف قليلة، تظل محل جدل.
ويرى فارس محمد، من سكان عمان، أن الحديث عن حلول مبتكرة وحلول غير مبتكرة، "لا يهمه بقدر ما يهمه أن تصل المياه إلى منزله، فانقطاع المياه خصوصا في فصل الصيف غير مقبول".


ويشدد وضاح الفاعوري، من سكان مدينة السلط، على أن الحلول والمشاريع الكبرى، كتحلية مشروع مياه البحر الأحمر، ومياه الديسي فقد" سمع عنها منذ أن كان طفلا ولم تصل منازل الأردنيين إلا عندما أصبح شابا في مقتبل العمر"، داعيا الحكومة للتركيز على الحلول الحقيقية والبحث عن مصادر مياه جديدة وليس البحث عن حلول تكلف الملايين وربما المليارات دون أن تكون تمتلك هذه الأموال، متسائلا ما هي جدوى هذه الحلول إذا كانت لن تطبق على أرض الواقع.


غير أن الواقع المائي يؤكد أن الأردن سيعاني صيفا قاسيا هذا العام، حيث هناك العديد من المؤشرات التي تدق ناقوس الخطر في الواقع المائي، خصوصا وأن الموسم المطري لم يسجل سوى كميات متواضعة لم تتجاوز 60 %.


وتسبب نقص الموسم المطري بانخفاض مخزون المياه في السدود عن العام الماضي بنحو 80 %، خصوصا في السدود المستخدمة لغايات الشرب، ما يشكل ضغطا كبيرا في تأمين كميات مياه كافية للمناطق والذي بدوره يؤكد وجود عجز في بعض هذه المناطق نتيجة هذه الحصص المتواضعة.


وكانت وزارة المياه والري أكدت أن العجز المائي قد يصل في هذا الصيف "الحرج" إلى نحو 15 مليون متر مكعب، مناشدة المواطنين لتفهم هذا الواقع والتعاون معها وترشيد الاستهلاك من خلال اتباع الحلول الابتكارية.


فيما أدرج تقرير دولي متخصص في قطاع المياه، الأردن من بين الدول المتوقع أن تواجه عجزا خطيرا بوضع المياه حتى العام 2025، وسط مخاوف من حرمان نصف سكان العالم من الوصول الموثوق لمصادر مياه نظيفة وآمنة.


الناطق الإعلامي باسم وزارة المياه والري عمر سلامة أكد في تصريحاته لـ"الغد" أن مشروع الناقل الوطني (العقبة – عمان) لتحلية مياه البحر الأحمر من المقرر أن يتم تنفيذه ليوفر 150 مليون متر مكعب من المياه سنويا.