نساء يدفعن أرواحهن ثمنا لإدمان أزواجهن

8aejrav8
8aejrav8

نادين النمري

عمان- يقرع وقوعُ جريمتي قتل منفصلتين خلال شهر ذهب ضحيتهما سيدتان قتلًا يشتبه أنه على يد زوجيهما صاحبي أسبقيات في جرائم المخدرات، ناقوس خطر، في وقت يؤكد خبراء ضرورة إيجاد نظام للإحالة والمتابعة للأسر الأكثر اختطارا، كعائلات معتادي الإدمان وأصحاب الأسبقيات في قضايا التعاطي.

اضافة اعلان


وكانت الشابة هيفاء أبو هاني قضت حرقا يشتبه أنه على يد زوجها أمام أطفالها الثلاثة، لتلحق بها الشهر الماضي أم لسبعة أطفال يشتبه قيام زوجها بقتلها نحرا بعد فترة قصيرة من خروجه من السجن، ليقوم بقتلها، وبشبهة الاشتراك مع ابنه الأكبر أمام أبنائها الستة الذين تتراوح أعمارهم بين عامين و12 عاما.


وتشترك كلا الجريمتين بوجود أسبقيات جرمية تتعلق بالمخدرات لدى كلا المتهمين في الجريمتين، ورغم عدم وجود ملفات سابقة لأي من الحالتين لدى إدارة حماية الأسرة أو بلاغات شكوى بعنف أسري، لكن خبراء يدعون إلى إيجاد آلية إحالة من قبل إدارة مكافحة المخدرات لحماية الأسرة، باعتبار أن أسر معتادي التعاطي من الفئات الأكثر اختطارا إلى جانب إيجاد فرق تقص خاصة تعمل على متابعة العائلات المختطرة التي تقع من ضمنها عائلات متعاطي المخدرات وعائلات المنخرطين في أعمال الأتاوات، فضلا عن تفعيل التشخيص المبكر لحالات الإدمان.


وكانت جمعية معهد تضامن النساء “تضامن” قالت في بيان صحفي سابق أن العام الحالي وحتى نهاية الشهر الماضي شهد 13 جريمة قتل نساء راح ضحيتها 14 امرأة، في حين بينت إحصاءات إدارة حماية الأسرة أنه حتى نهاية آب (أغسطس) الماضي بلغ عدد جرائم القتل الأسرية 20 جريمة أودت بحياة 22 ضحية منهم 12 أنثى و10 ذكور بين بالغين وأطفال.


وفي وقت لا تحدد الإحصاءات دوافع أو أسباب هذه الجرائم، لكن التقارير المنشورة في وسائل الإعلام تشير في اكثر من قضية الى وجود جوانب تتعلق بأسبقيات لدى المتهمين أو حالات تعاط، وفي ظل إحجام ضحايا العنف عن التبليغ يرى خبراء أن الآلية الأنجع لمواجهة تفاقم حالات العنف هو الوصول إلى الحالات عن طريق قوائم الحالات الأكثر اختطارا ورفع برامج التوعية بأهمية التبليغ.


وفي هذا السياق، يقول الأمين العام للمجلس الوطني لشؤون الاسرة الدكتور محمد مقدادي، إنه “حسب منظمة الصحة العالمية فإن العنف قضية صحية، ما يعني ان هناك حاجة لتطوير النظام الصحي للتعامل مع حالات العنف المختلفة ضمن نهج تشاركي مع جهات شريكة”.


ويضيف: “هناك 5 جذور للعنف أبرزها تعاطي الكحول والمخدرات، وهو سبب أساسي في حصول العنف داخل الاسرة، الى جانب عوامل أخرى كالمتعلقة بالفرد من أمراض نفسية أو بيئة محيطة تشجع على العنف أو الفقر وغيرها من الأسباب”.


وفيما يخص المخدرات، يقول مقدادي إن “المخدرات سبب رئيسي ومساعد لحدوث العنف”، لافتا الى ان متعاطي المخدرات ممن يتم التعرف عليهم لا ينبغي الاكتفاء بمعاقبتهم عندما نتكلم عن أسرهم، فهناك حاجة لتوفير العلاج لهم ومتابعة أسرهم وتحويل هؤلاء الاشخاص للخدمات النفسية الاجتماعية الصحية ومتابعة الأسر.


ويبين ان الخطورة ليست من هؤلاء الأشخاص على أنفسهم فقط، بل على أسرهم، لافتا إلى جرائم القتل الأسرية الأخيرة التي يرتبط الكثير منها بخلفية للجناة بتعاطي للمخدرات، معتبرا ان برامج المتابعة هي بمثابة صمام وقاية وحماية لهذه الأسر.


من ناحيته، يوضح مستشار الطب الشرعي الخبير في مواجهة العنف الدكتور هاني جهشان، أن جذور العنف تتراوح بين عوامل اجتماعية عامة، أهمها شيوع المواقف التقليدية التي تنظر للعنف على أنه نمط شرعي مقبول، وبين عوامل بالمجتمع المحلي كالفقر والبطالة والاكتظاظ السكاني، وبين اضطراب في العلاقة ما بين الأفراد بما في ذلك أفراد الأسرة، وهناك عوامل متعلقة بالفرد من أهمها معاناة الضحية أو المعتدي من الإدمان على المخدرات أو معاناته من الأمراض أو الاضطرابات النفسية.


ويتابع أن “كثيرا من الأزواج يرتكبون العنف ضد زوجاتهم بسبب معاناتهم من اضطرابات في الشخصية أو التعود على الكحول والمخدرات والعقاقير المنبهة، وكثير من الأسر لا تتعامل مع المرضى النفسيين من أفرادها إلا بالشعوذة وأوهام السحر والأرواح النجسة، والتي ترافقها أشكال من العنف والتعذيب بوسائل مهينة ولا إنسانية”.

وحذر جهشان من أن وجود الأمراض النفسية غير المشخصة وغير المتابعة طبيا، بما فيها الإدمان على المخدرات، يشكل مجازفة تهدد أسر المرضى النفسيين وتعرضهم جميعا لمخاطر العنف والإهمال، بما في ذلك عواقبهما القاتلة، وهذا الواقع الأليم موجود بسبب شيوع ثقافة سائدة مكبلة بالجهل وبالوصمة الاجتماعية والتمييز.


ولفت إلى أنه مقارنة مع عامة السكان، هناك نسبة عالية من الاضطرابات والأمراض النفسية ضمن نزلاء مراكز الإصلاح، لذلك يجب توفير طبيب اختصاصي بالطب النفسي وخدمة الرعاية الصحية للنزلاء، وتوفير الممرضين المختصين في هذا المجال، كما يجب العمل على الكشف المبكر على النزلاء الذين يعانون من أمراض نفسية.


وأشار الى أن المحور المهم للوقاية من العنف الأسري، بما فيه العنف القاتل داخل الأسرة، يعتمد على التشخيص المبكر للإدمان وتوفير العلاج المهني المتخصص من قبل خدمات متكاملة طبية نفسية واجتماعية، وللأسف تتفاقم المخاطر إذا كان المدمن داخل أحد مراكز التأهيل، حيث يقول الواقع المؤلم إن خدمات الطب النفسي والخدمات الاجتماعية ليست بأفضل أوضاعها.


واعتبر جهشان ان هناك ضعفا في واقع حال الخدمات الاجتماعية في القطاع الصحي، وأيضا في واقع الخدمات الاجتماعية المتردي في مراكز الاصلاح وإدارات الأمن العام الاخرى، ما يشير بشكل جلي إلى وجود فوضى في هذه الخدمات في الأردن، والذي يشكل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان.


وقال: “هناك مسؤولية على الحكومة إن كان بمبادرة من وزارة التنمية الاجتماعية أو وزارة الصحة، بتوفير عدد كافٍ من الباحثين الاجتماعيين في القطاع الصحي، وأيضا على الحكومة ان توفر عددا كافيا من المهنيين في المجال الاجتماعي، يغطي بالإضافة للقطاعين الاجتماعي والصحي، القطاع التربوي والقطاع القانوني (إدارة حماية الاسرة وإدارة مكافحة المخدرات ومراكز الاصلاح الخ…).
وطالب بأن تجمعهم نقابة مهنية بقانون يضبط الممارسة بحيث تتحمل وزارة التنمية الاجتماعية مسؤولية تنفيذه والإشراف على هذه النقابة، حيث ثبت إخفاق عدة محاولات لإنشاء جمعيات لهذه المهنة.


من جانبها، دعت المديرة التنفيذية لمجموعة القانون لحقوق الانسان المحامية ايفا ابو حلاوة الى ضرورة ايجاد فرق تقص خاصة تعمل على متابعة العائلات الأكثر تعرضا لخطر العنف، والتي يقع من ضمنها عائلات متعاطي المخدرات وعائلات المنخرطين في أعمال الأتاوات، فضلا عن تفعيل التشخيص المبكر لحالات الإدمان.


وتوضح أبو حلاوة أن ذلك “يتطلب تفعيلا للتبليغ سواء من الجهات مقدمة الخدمات مثل الجهات التعليمية والصحية والاجتماعية والشرطية، الى جانب رفع الوعي بالتبيلغ لدى المواطنين”.


وتضيف: “في حالات التعاطي والادمان، لا يكفي ان يكون العمل على التأهيل مقتصرا على المتعاطي، بل يجب أن يشمل العائلة كاملة لضمان عدم تعرضها للعنف، وأيضا لضمان توفير الحماية لهذه العائلة في حال قررت التبليغ، وحماية المبلغين والشهود”.

إقرأ المزيد :