"الأحلام المكررة".. هل تحمل في داخلها رسائل مخفية؟

03
03
رشا كناكرية عمان- تتحدث سلمى وفي صوتها نبرة من الخوف وهي تستذكر الحلم الذي يراودها باستمرار وتستيقظ منه والخوف يتملكها، يتمثل بـ “طريق مظلم لا نهاية له وهي تهرب من شخص لا تعلم من هو”. شعور القلق والخوف الذي تمر به سلمى لتكرار هذا الحلم مرة بعد الأخرى جعلها تدخله في دائرة الكوابيس، لا تتمنى أن تراها في نومها هربا من شعور الضيق والاختناق التي تعيشه لمجرد رؤيته، فتبقى في دائرة من القلق والتوتر منتظرة بفارغ الصبر انتهاء اليوم بلا أي مكروه بحسب قولها.

علماء: الكوابيس مفيدة لصحتك النفسية

النساء أكثر عرضه للكوابيس.. والرجال يكذبون حول أحلامهم

تدرك سلمى تماما أنه “مجرد حلم” لا أكثر، ولكن رؤيته المستمر لسبب لا تعلمه جعلها تخاف منه وتصفه بـ “النحس المستمر” فهو باق في ذهنها ولم يمح من ذاكرتها رغم محاولاتها الكثيرة لتناسيه والتغاظي عنه إلا أنه يلاحقها في نومها. لا تعرف سلمى إن كانت هذه الأحلام تبعث برسائل وإشارات كإنذار لحدوث أمر ما وهذا ما جعلها تكره أحلامها وتجد صعوبة في النوم بسبب الخوف. الأحلام التي يراها الإنسان في نومه متعددة ومختلفة، ولكن في بعض الأحيان يرى ذات الحلم عدة مرات، وهذا يجعله يشعر بالقلق والخوف منه، متساءلا عن سبب تكراره. بالرغم من أن البعض ينظر للأحلام على أنها عادية ولا تؤثر على شيء، إلا أنها لدى آخرين نافذة لما يحدث في الحياة. دكتور علم الطاقة عبد الناصر جرار يوضح لـ “الغد”، أن “هنالك رابطا لما نراه في احلامنا والحياة الواقعية التي نعيشها، ويظهر ذلك كردة فعل لما يحصل معنا عن طريق ما يدور في العقل الباطن”. ووفق جرار، في عالم الأحلام “لا تحدث الأمور بالطريقة التي نريدها فنحن نتلقى الرسالة بطريقة أخرى وهذا يعتمد على الإنسان وشعوره وحالته قبل ذهابه للنوم كالفرح والحزن وحتى تناول الطعام قبل النوم له تأثير على الأحلام”. ويبين جرار أن الأحلام تعتمد على الحالة النفسية التي يمر بها الإنسان.. ولكن هنالك من يصبح أسيرا لأحلامه ويتأثر بها لدرجة كبيرة، ولذلك الأمر آثار سلبية تضعف الإنسان وقد تصل به الحالة لأن يعاني من “فوبيا” بسبب أحلامه، ويشعر بالضيق، وبالتالي يخاف حتى من خلوده للنوم. ويلفت جرار إلى أن الأحلام قد تكون انعكاسا للعقل الباطن، وهنالك أحلام لاإرادية توصل للإنسان رسائل، وقد يعتمد ذلك أحيانا على المنطقة التي ينام بها كتواجد رأسه على زاوية البيت أو منطقة فيها طاقة سلبية أو إيجابية فهي تتأثر بهذا الأمر أيضا. ومن جهة أخرى فإن السبب الرئيسي في تكرار حلم ما هو أن الإنسان لاشعوريا يفكر بشكل دائم وعند النوم العقل الباطني يرسل رسائل ويوجهها له. ويوضح جرار أهمية عملية التنفس الصحيحة، وعلى الإنسان قبل النوم أن يأخذ شهيقا وزفيرا بطريقة صحيحة، ويكون من المعدة أكثر من الصدر لكي يصبح الجسم قادرا على السيطرة، لأن مصدر الطاقة في جسم الإنسان من المعدة. ووفق جرار، من الممكن أن تكون الأحلام بسبب رغبة الإنسان بأمر يريد أن يحصل عليه، فيحلم به بشكل مستمر وهذا انعكاس لطريقة التفكير والرغبة. وفي مقابل ذلك فإن “قانون الجذب” يجذب الأحلام السعيدة، إذ يعتمد ذلك على تفكر الإنسان بطريقة إيجابية قبل النوم، فمهما كان يعاني من مشاكل في حياته عليه أن يسلم أمره لله، وأن يترك الأمور لمجراها فإن كثرة التفكير تؤثر على ما سيراه في حلمه، بحسب جرار. ويشدد جرار على أنه مهما كان الإنسان يعاني من مشاكل عليه أن ينساها عند وقت النوم ومن الطرق المعتمدة لذلك هي “عد الخراف” والهدف منها هو نسيان ما يشغل البال والغرق في النوم، مبينا ذروة النوم هي 8 ساعات في اليوم وقبل ذلك من المهم التفكير بأمر يحبه المرء وأن يتناسى ما يقلقه. وكشفت فرضية جديدة طرحها إريك هول، أستاذ مساعد باحث في علم الأعصاب بجامعة تافتس الأميركية، في دراسة جديدة نشرت في مجلة (patterns) العلمية، أن الأحلام فوق الواقعية “السريالية” تساعد على ضبط تصور الدماغ للواقع اليومي، من خلال تقديم محفزات غير متوقعة وفوضوية بالنسبة لنا. بمعنى آخر أن الدماغ يظهر واقعا مشوها خلال الأحلام ليساعدنا على فهم “واقعنا الحقيقي” بشكل أفضل، ولكسر النمطية والرتابة. ويعتقد هول أن العقل البشري يقوم بهذا حتى يبقي الدماغ على أهبة الاستعداد. مضيفا أن “الحياة مملة في بعض الأحيان، والأحلام موجودة حتى تمنعك من أن تعتاد على هذا النمط الممل، وتصبح جزءا من نظام الرتابة في العالم”، بمعنى آخر فإن الأحلام الغريبة، حسب هذه الفرضية، هي وسيلة الدماغ ليبقي صاحبه سليم العقل. ومن الجانب النفسي يبين الدكتور علي الغزو أن الأحلام نوعين أحدها واقعي وآخر لا يتعب الإنسان وهو “الكوابيس”، والنوع الأول انعكاس لما يحصل على أرض الواقع أو ممرات تمر بك وكأنك تعيش فيها، بينما النوع الثاني وهو الكوابيس، قد تكون نتيجة سلوكيات الإنسان نفسه وضميره هنا يبقى مشغولا بها. وينوه الغزو أن جزءا كبيرا من الأحلام مربوطة بالحياة الواقعية التي نعيشها، لذلك على الشخص مراجعة ذاته، والوصول إلى حالة نفسية يشعر فيها بارتياح داخلي واستقرار نفسي ليتخلص من الكوابيس والأفكار السلبية التي تسيطر على عقله ويراها في أحلامه. وهنالك من يصبح أسيرة لأحلامه، وفق الغزو، ويسمح لها بأن تؤثر عليه ليصبح إنسانا انطوائيا يبتعد عن التجمعات ودائم القلق والتوتر الزائد، فضلا عن ابتعاده عن المكان الذي يراه في حلمه، وتجنب التواجد فيه. إلى ذلك، يصبح الإنسان انفعاليا وأحيانا يحاول الانسحاب والهروب من واقعه، إذ يُخرج العقل الباطن كل الأمور الدفينة التي في داخله، وتكرار الأحلام من الممكن أن تكون إشارة من الداخل لحل أمر ما عالق ويؤثر في النفس.اضافة اعلان