"أمثال" للحط من قيمة المرأة وحياتها!

بيننا وبين المدنية صحراء كبيرة، سوف نعجز لا محالة عن أن نقطعها بالأدوات التي تتوفر لدينا اليوم. التعليم الذي نظنه حلا، ما يزال هو المشكلة، والقيم السائدة تساعد على أن نبقى ما وراء تلك الصحراء متشبثين بأفكار وعادات لا يمكن أن تساعدنا على المضي نحو المستقبل.اضافة اعلان
أمس، قرأت لأحدهم نشر على صفحته على "فيسبوك" ما دعاه "سبب العنوسة في إربد"، مجموعة من الأمثال المتداولة في مناطق إربد المختلفة. الأمثال قد تكون لـ"الفكاهة"، فقط، غير أنها تكشف عن جانب نفسي مهم، وعن ثقافة سائدة تنظر إلى المرأة؛ ابنة، أخت وزوجة، كمتاع يمكن أن تفعل به ما تشاء، وأنك أنت صاحب الولاية على حياتها.. وموتها.
الأمثال، هي محصلة الخبرة الإنسانية، وتعكس قيم المجتمع وثقافته ونظرته إلى الأمور، وعندما تكون تلك الأمثال عنيفة ودونية في تعاطيها مع المرأة، فذلك يكشف، من دون مواربة، الثقافة المجتمعية التي تنتشر بيننا، وتجبرنا على التعامل مع المرأة على أساسها.
31 مثلا اشتمل عليها إدراج صاحب الصفحة، ولا يوجد فيها مثل واحد تعامل مع المرأة ككائن بشري، بل جميعها تعاملت معها كمتاع أو "شيء" زائد يمكن الاستغناء عنه بكل سهولة، ويمكن رميه في النفايات أو حرقه وقتله وضربه بالنعال!
من عينات الأمثال الموجودة في الإدراج: "ارمِ بنتك بالنيران ولا تجوزها بكفرعوان. اطعنها شبرية ولا تجوزها بالأشرفية. احرقها بالنار ولا تجوزها بصنعار. ساويها جبنة عكاوي ولا تجوزها لملكاوي. اكسر لها كل الأسنان ولا تجوزها بسما الروسان. اضربها قد ما تقدر ولا تجوزها في إبدر. اقتلها وروح عالمحاكم ولا تجوزها في حاتم. اكسر إيدها من الكوع ولا تجوزها بالسموع. اضربها بالنعال ولا تجوزها في سال. ادفنها تحت الرمال ولا تجوزها بزمال. اطلق عليها طلقتين ولا تجوزها بجفين. احرقها وخليها تصيح ولا تجوزها بالصريح".
قائمة الأمثال تطول، وتتنوع كثيرا طرق الحط من قيمة المرأة والاستخفاف بحياتها وكرامتها، ما يفتح الباب واسعا أمام الدعوة إلى دراسة هذه الأمثال وغيرها لنتعرف على اللاوعي الذي يؤسس لثقافتنا المجتمعية الحقيقية التي تختفي وراء كذب وتدليس وتظاهر كبير نريد أن يفهمه الآخرون عنا. لا بد من دراسة جميع المأثور الشعبي الذي يعد انعكاسا حقيقيا لقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا، لكي نكف عن طرح السؤال الأبله: لماذا تكثر لدينا جرائم الشرف؟!!
الحط من قيمة المرأة وكرامتها وحقوقها وحياتها لا يقتصر على الأمثال، بل يتمثل في العديد من جوانب الحياة اليومية، وما هذه الأمثال إلا انعكاس للثقافة التي يتشبع فيها المجتمع، والتي يؤازرها كثير من الأفعال والأقوال و"الحكم الشعبية" والممارسات المجتمعية، وصولا إلى قوانين مجحفة ما تزال ترفض مساواتها بالرجل. ثم يسألون: لماذا نحن متخلفون!!!