الأطفال والأجهزة الذكية.. أنشطة بدنية غائبة وضعف بالمهارات

figuur-i
figuur-i

مجد جابر

عمان- سيطرت حالة التوتر والقلق على نفس الأربعينية ريهام خليفة، التي لاحظت مؤخرا ازدياد وزن طفلها "ورد" ابن الإثني عشر عاما، وبشكل ملحوظ، مبينة، بأنه يجلس ساعات طوال أمام شاشات الأجهزة الذكية، مما أثر على صحته، إذ أصبح يشعر بالإرهاق والتعب جراء قيامه بأي مجهود بسيط.اضافة اعلان
وتعترف ريهام أن الخطأ هو خطؤها منذ البداية، عندما عودت صغيرها على مسك الهاتف النقال، واشغاله به، كما وفرت بين يديه "الآيباد"، فأصبح متنقلا بين الإثنين، وهذا ما جعله يتعلق بالأجهزة الإلكترونية، ويعتبرها ملاذه الوحيد للتسلية واللعب، لافتة الى أنه لا يميل للعب مع أقرانه أو القيام بأي نشاط رياضي أو ترفيهي.
وتتابع أنها بعد أن تنبهت للأمر، باتت تشركه بالعديد من الأنشطة، رغم رفضه للفكرة، ولاحظت تذمره طوال الوقت، وعدم اندماجه مع الأطفال، وبمجرد وصوله المنزل يسارع للأجهزة الذكية، لحين خلوده للنوم.
ولعل أبو عبدالله يعاني ذات المشكلة، إذ تنبه بوقت متأخر أيضا بأن ابنه البالغ من العمر (16 عاما) لديه إدمان شديد بالجلوس أمام شاشة الحاسوب، وكأنه يعيش في عالم غير عالمهم، فلا يجلس معهم ولا يعرف شؤون عائلته.
ويشير الى أن هذا الأمر أثار قلقه وخوفه، خصوصا وانه في عمر المراهقة، ما جعله يلتفت له، بل ويحاول مساعدته في تخطي الأمر، خصوصا أن الابن يتناول وجباته الغذائية داخل غرفته، وأغلبها "جاهزة من المطاعم".
ويضيف أنه الآن يحاول معه جاهدا بالتسجيل في أي مركز رياضي، أو تخصيص ساعة يومية لممارسة الأنشطة الرياضية، بهدف تنشيط دماغه، وتحريك عضلاته التي أصابها الخمول والكسل، جراء "القوقعة" التي يعيش بها.
وفي دراسة جديدة أجريت تبين فيها أن المراهقين الكسالى أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب من أقرانهم النشطين، وتشير الدراسة إلى أن التمارين الخفيفة مثل المشي قد تساعد في تقليل هذا الخطر.
وبعد متابعة أكثر من 4000 شاب من سن 12 إلى 18 عاما، وجد الباحثون أن مستويات النشاط البدني انخفضت مع تقدم الأطفال في العمر، لكن أولئك الذين كانوا أكثر خمولا من عمر 12 إلى عمر 16 عاما كانوا الأكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب في عمر 18.
وعلى العكس كان الأطفال، الذين مارسوا نشاطا بدنيا خفيفا أو زادوه على مر السنين، أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب عند بلوغهم سن 18 عاما.
وقال آرون كاندولا الذي أشرف على فريق الدراسة وهو من كلية لندن الجامعية في بريطانيا "تشير نتائجنا إلى أنه يجب على الشباب الحد من أسلوب الحياة الخامل وزيادة نشاطهم الخفيف خلال فترة المراهقة… هذا يمكن أن يقلل من خطر الاكتئاب في المستقبل".
وأضاف، "يجب على معظم الأطفال ممارسة أي نشاط لمدة 60 دقيقة يوميا".
وذكر الباحثون أن النشاط البدني يساعد في تحسين الثقة بالنفس ويقلل الإصابة بالالتهابات أو يحفز نمو خلايا عصبية جديدة في الدماغ.
وفي ذلك يذهب الاختصاصي الأسري الاستاذ أحمد عبدالله الى أن تأثير الأجهزة الذكية على حياة المراهقين أصبح واقعا لا يمكن إنكاره، فالانشغال لساعات على الألعاب الإلكترونية والتواصل هو مؤشر من مؤشرات الخلل في إدارة الزمن لدى المراهقين، بالإضافة الى الميل للعزلة الاجتماعية الحقيقية والدخول في عوالم افتراضية عبر الوسائط ، مما يؤدي الى انسحاب اجتماعي، وبالتالي قلة في المهارات الاجتماعية التواصلية.
ويشير عبدالله الى أن تعديل هذا السلوك يتطلب إعادة بناء القانون المنزلي الذي ينظم العلاقة مع الأشياء، فالاستخدام له زمن محدد، وآلية محددة، وهذا الاستخدام يكون نتيجة اتمام الدور المطلوب من المراهق ومسؤولياته كالدراسة مثلا، مبينا أن ضبط عملية الاستخدام من خلال القانون المنزلي، ومحاولة إيجاد البدائل قدر الإمكان.
وفي ذلك يذهب اختصاصي الطب العام الدكتور مخلص مزاهرة أن ادمان الابناء على هذه الاجهزة يؤثر على الدماغ وتطوره، الى جانب تأثيره على النظر، كما أن جلوسه ساعات طوال أمام الأجهزة الإلكترونية، وتناوله الطعام يزيد من وزنه، مما يؤثر على لياقته البدنية، الأمر الذي قد يعرضه لأمراض كثيرة بعد ذلك.
ويضيف، ونتيجة لذلك يميل الطفل للعزلة، ويصبح غير اجتماعي، ولا يتحدث مع أهله، وهذا التفاعل هو من أكثر الأمور وأهم الأشياء التي تطور من شخصية الطفل، مبينا، وفي المحصلة ينشأ طفل لديه نقص في المهارات السلوكية والاجتماعية.