التاريخ الزمني: تاريخيا، نادرا ما كانت الساعات مسألة وقت فقط

ساعة شمسية ضخمة ومرصد بُنيا في العام 1734 في جانتار مانتار قرب جايبور، الهند - (المصدر)
ساعة شمسية ضخمة ومرصد بُنيا في العام 1734 في جانتار مانتار قرب جايبور، الهند - (المصدر)
ترجمة: علاء الدين أبو زينة تقرير خاص* - (الإيكونوميست) 4/8/2021 عرض موجز لكتاب "عن الوقت: تاريخ الحضارة في اثنتي عشرة ساعة" About Time: A History of Civilisation in Twelve Clocks. تأليف: ديفيد روني. (دبليو. نورتون). 288 صفحة. * * * في العام 2015، أصدر كيم يون أون، المرشد الأعلى لكوريا الشمالية، مرسوما يقضي بوجوب إرجاع عقارب كل ساعة في بلاده بمقدار نصف ساعة. وكانت الفكرة هي تصحيح ما رآه خطأ تاريخيًا. فقد حكمت اليابان كوريا بين العامين 1910 و1945. وخلال تلك الفترة، استبدلت المنطقة الزمنية الحالية لكوريا بواحدة جديدة بتقديم الوقت لمدة نصف ساعة إلى الأمام. وأوضحت وكالة الأنباء الكورية الشمالية أن "الإمبرياليين اليابانيين الأشرار ارتكبوا جرائم لا تغتفر، مثل حرمان كوريا من توقيتها الطبيعي". لكن تلك الاستعادة للتوقيت لم تدم طويلاً. في العام 2018، وبينما كان مزاج أكثر ليونة، تحدث كيم عن حزنه لرؤية الساعات وهي تَعرض أوقاتًا مختلفة في بيونغ يانغ وسيول؛ عاصمتي كوريا الشمالية والجنوبية على التوالي. ونتيجة لذلك، تم تقديم عقارب جميع ساعات الشمال بإخلاص إلى الأمام بمقدار نصف ساعة مرة أخرى. غالباً ما يكون الوقت، كما يجادل ديفيد روني في كتابه الجديد، موضوعًا سياسيًا -إضافة إلى كونه موضوعاً تكنولوجياً أو ثقافياً أو إمبريالياً أو دينياً. ومتسلحًا بهذه البصيرة، كان السيد روني -الأمين السابق لضبط الوقت في "المرصد الملكي" في غرينتش- أحدث مؤلف يجرب مع أسلوب الكتابة العصري الذي يستخدم الأشياء اليومية كوسيلة لتحليل تقلبات التاريخ وانعطافاته. وكما يلاحظ السيد روني، فإن الساعات نادرًا ما تُصنع لمجرد قياس الوقت ببساطة. إنها تُبنى، مثل أي تقنية أخرى، مع وضع هدف بشري في الاعتبار. ولذلك، على الرغم من أن الكتاب منظم حول 12 ساعة، ويبدأ بالعالم القديم وينتهي بالعالم الحديث، فإنه يظل أكثر ميلاً إلى أن يكون عبارة عن مجموعة من التأملات التاريخية والشخصية بالساعات أكثر من كونه عرضاً تاريخياً منظمًا وخطيًا لضبط الوقت. وكانت النتيجة كتابًا رائعًا وجذاباً في أغلبه، لكنه غير متساوٍ أحياناً بشكل محبط بالمقدار نفسه. وفيه، تعمل حكايات الساعات كنقاط انطلاق للمناقشات الاستطرادية حول أشياء أخرى. ثمة جزء عن ساعة شمسية ضخمة ومرصد اكتمل إنشاؤهما في العام 1734 في جانتار مانتار (في الصورة المرفقة) بالقرب من جايبور، على سبيل المثال، الذي يؤسس في الكتاب لمناقشة حول مساهمات العلماء المسيحيين والهندوس والإسلاميين في علم الفلك الهندي في القرن الثامن عشر. ووفق الكاتب، فإن أدوات الملاحة عبر الأقمار الصناعية، مثل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، هي عبارة عن مجموعات من الساعات الفضائية فائقة الدقة التي توفر بيانات عن الموقع والوقت للجميع، من المتداولين الماليين، وشبكات الكهرباء عالية التردد، إلى متسلقي الجبال وسائقي الشاحنات. لكنّها اختُرعت في الأساس من أجل شن الحرب، حيث توفر تحديداً موثوقاً لمواقف الجنود الأميركيين وتسمح بتنفيذ ما يصفه أحد المسؤولين بأنه "نظام قصف إنساني". وبعبارات أخرى، تسمح لك معرفة الوقت "بضرب ما تحاول ضربه وعدم ضرب ما تحاول عدم ضربه" -من الناحية النظرية على الأقل. في بعض الأحيان يكون نهج روني التجزيئي آسرًا. ويتميز الفصل حول كيفية توحيد الوقت وجعله قياسياً واحداً منيراً بشكل خاص. قبل أن توفر الكهرباء والراديو طريقة ملائمة لمزامنة ضبط الوقت، كان من الممكن أن يختلف الوقت في إحدى المدن بشكل ملحوظ عنه في المدينة التالية. وتنص النسخة المقبولة عمومًا من القصة على أن انتشار السكك الحديدية، مع حاجتها إلى مزامنة الجداول الزمنية، هو الذي أجبر البلدان على الاستقرار على وقت واحد. لكن روني يروي كيف اكتشف هو وصديقه أدلة تشير إلى أنه، في بريطانيا على الأقل، كانت قوانين الترخيص الفيكتورية التي تنظم ساعات عمل الحانات بالقدر نفسه من الأهمية في وضع نهاية لـ"التوقيت المحلي" عندما طلبت من كل حانة في أراضيها أن تعرف متى ستوقف تقديم المشروبات في المساء. وثمة ثيمة تسري في الكتاب، هي مشاعر الاستياء من النظام المفروض على حياة الناس العاديين من خلال الساعات التي أقامها حكامهم. ويعود هذا الشعور إلى فترة الرومان على الأقل، الذين اشتكوا من الكيفية التي تم بها اغتصاب الإيقاعات الطبيعية السهلة للجسم والعالم الطبيعي على يد الساعات الشمسية والساعات المائية المستبدة. وبعد ألفي عام من ذلك، عبَّر سكان أوروبا الصناعية، الذين تحكمت في حياتهم ساعات المصانع التي تحدد ساعات عملهم، عن الشكاوى نفسها بالضبط تقريبًا. مع ذلك، في أوقات أخرى، يخطئ نهج روني في إصابة الهدف. وعلى سبيل المثال، تبدو مناقشة عمل "بنك جودريل" Jodrell Bank، المرصد البريطاني للراديو، ودوره في الحرب الباردة، شيئاً مثيراً للاهتمام، لكنه في الحقيقة موضوع منفصل عن الساعات وضبط الوقت. كما أن الأجزاء التي تتحدث عن الصين الإمبراطورية أو الإمبراطورية المغولية تولد شعوراً بالاندفاع والتسرع وبأنها قصيرة جداً. وربما كانت الكتابة لتستفيد من وجود محرر أكثر صرامة، حيث يولّد الكتاب شعوراً بأنه محشو في بعض الأماكن. ويعمل تدفق متواصل لصيغ التفضيل، خاصة في النصف الأول، في الغالب على إضعاف تأثيرها في القارئ. لكن هذه تظل عيوباً بسيطة فيما هو، بخلاف ذلك، طريقة آسرة لقضاء بضع ساعات من الوقت الثمين مع كتاب مفيد. *نشر هذا العرض تحت عنوان: Horological history: Throughout history, clocks have rarely been just a matter of timeاضافة اعلان