"الحقد الطبقي" في زمن "الكورونا"

تتعرض الفئات الأضعف في المجتمع وعلى رأسهم العمال والموظفون بالقطاع الخاص في الأزمات وخصوصا تلك التي آثارها سلبية جدا على القطاعات الاقتصادية كافة وعلى المجتمع، كـ»أزمة كورونا» الحالية إلى الاستقواء من قبل أصحاب العمل، فنجدها الأكثر تضررا من جميع الفئات المجتمعية الأخرى.اضافة اعلان
نحن، هنا لا نتحدث عن الفئات العمالية كعمال المياومة الذين فقدوا عملهم جراء حظر التجول والذين يجب أن تساعدهم الدولة فورا، وإنما نتحدث عن عمال وموظفين في القطاع الخاص، لن يحصلوا على أجورهم جراء تعطل المؤسسات والشركات التي يعملون فيها، وكذلك عن العمال والموظفين الذين سيتم الاستغناء عنهم في خضم الأزمة، جراء تعطل جزئي أو كلي للمؤسسات والشركات التي يعملون فيها أيضا.
طبعا، هذه المعاناة شديدة، ولكن تتباين من مؤسسة إلى أخرى، فمثلا مؤسسات تحملت الشهر الماضي الخسائر، وصرفت رواتب العاملين فيها كاملة، بينما وجدنا مؤسسات، مع أن تعطلها لم يكن طوال الشهر الماضي، لم تصرف رواتب العاملين لديها، بذريعة عدم قدرتها وخسارتها.
ويبدو من الملاحظات التي تم الحديث عنها على نطاق واسع، أن هناك مؤسسات وشركات تتهرب من مسؤوليتها القانونية والأخلاقية والمجتمعية، فتحمل الأضرار كافة للعاملين لديها، أو تحاول تحميلها للضمان الاجتماعي، دون أن تتحمل أي جزء من المسؤولية، بذريعة أن خسائر مالية هائلة لحقت بها.
فمثلا، راج الحديث النقدي عبر وسائل الإعلام المتنوعة ووسائل التواصل الاجتماعي، عن كيفية تعامل الكثير من المدارس الخاصة مع المعلمين العاملين لديها، وشكوى نقابة أصحاب المدارس الخاصة من الخسائر الكبيرة التي لحقت بالمدارس، وعدم قدرتها على الإيفاء بالتزاماتها من أجور وغيرها للمعلمين.
فالكثير من المدارس الخاصة، بحسب النقابة التي تمثلهم، لا تستطيع دفع أجور المعلمين، ولكننا نعرف أن غالبية هذه المدارس، تحصل الرسوم من الطلبة مسبقا، وهي لذلك بدلا من أن تتحمل مسؤولياتها، وأن تقلل ولو قليلا من الأرباح التي حققتها على مدار سنوات بفضل المعلمين العاملين لديها، من خلال إعطاء جزء منها لهؤلاء المعلمين في هذه الأزمة الخطيرة والتي من المؤكد أضرارها أكبر على المعلمين من المدارس الخاصة، نجدها «تبكي» وتؤكد أنها غير قادرة على دفع الأجور المستحقة للمعلمين.
لقد تندر وانتقد نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع رد نقيب أصحاب المدارس الخاصة على معلمة في لقاء تلفزيوني، عندما طالبت بتحويل رواتب المعلمين في القطاع الخاص إلى البنوك وعدم ترخيص أي مدرسة خاصة لا تلتزم بذلك، حيث وصف النقيب هذه المطالبة بـ»الحقد الطبقي».
لا يمكن أن تقنع المدارس الخاصة أو غيرها من المؤسسات والشركات المجتمع، بأنها باتت عاجزة عن دفع أجور العاملين فيها، فقط بعد تعطل نصف شهر، سيما أن غالبيتها حصلت الرسوم من بداية الفصل الدراسي.
المهم، نحن الآن في ظروف استثنائية حقيقية، تتطلب تعاونا من الجميع لتجاوزها، والغريب، أن الكثير يرددون ذلك، ولكنهم، عند الواقع يستقوون على العمال والموظفين لأنهم الفئات الأضعف.
الحكومة لا يجب أن تقف مكتوفة الأيدي في مثل هذه الحالات، وعليها أن تتعامل بمنتهى الجدية مع أي جهة أو مؤسسة تحاول تحميل الفئات الأضعف التي هي بالأصل تعاني أعباء إضافية.