الذكاء الانسيابي والذكاء العملي.. ما الفرق بينهما؟

ترجمة: أفنان أبو عريضة عمان- في منتصف القرن العشرين، انغمس الباحثون في إيجاد حل للغز كبير، وهو كيف يمكن لبعض المهارات كالابتكار والتحليل أن تكون مرتفعة في الصغر وتبدأ بالتراجع مع مرور الزمن. في حين أن القدرة على ربط واستيعاب المفاهيم المعقدة ترتفع مع الوصول إلى منتصف العمر ويمكن أن تستمر بالتزايد حتى عمر متقدم. خرج الباحثون بتفسير خلال العقود المنصرمة – وهو أن مجموعتي المهارات السابقة تنتميان لنوعين مختلفين من الذكاء: الذكاء الانسيابي والذكاء العملي. الأول، وبناءً على تفسير عالم النفس رايموند كاتيل، هو القدرة على إيجاد حلول لمشاكل مجردة. في حين أن النوع الثاني يمثل المعرفة والعلم الذي اكتسبه الفرد على مدار سنين حياته. بمعنى آخر، في شبابك يكون بمقدروك إيجاد حلول بشكل أسرع ومع تقدمك بالعمر تبدأ بتمييز المشاكل التي تستحق أن تستثمر وقتك وجهدك في حلها. خلال عقدك الأول في حياتك المهنية، سوف يكون بوسعك التقدم والتعلم أكثر عند قيامك بمهام تحتاج التفكير السريع، وهي مهام تعتمد على الذكاء الانسيابي، وفق ما نشر على موقع “ذا أتلانتك”. في المقابل، الأشخاص الذين يستمرون على وتيرة عالية من النجاح في الخمسين والستين والسبعين من أعمارهم يعتمدون أكثر وأكثر على قدرتهم في تطبيق معرفتهم ومقارنتها بأنماط سابقة وتعليم غيرهم والتعلم منهم. هذا ما يسمى بالذكاء العملي، وهذه المهارات إن استثمرت بالشكل الصحيح تكون أكثر قيمة وفائدة من الذكاء الانسيابي. وكوننا نعيش في ثقافة يهيمن عليها الشباب عامة، وخصوصاً في بيئة العمل، يميل الأفراد والمؤسسات للمبالغة في أهمية وقيمة الذكاء الانسيابي والتقليل من دور الذكاء العملي. ذلك يعود إلى المطالبات الدائمة من المجتمع بالحصول على منتجات جديدة وابتكارات مهمة. البحوث المتعلقة بالذكاء الانسيابي والعملي تقترح استلام أصحاب الذكاء المختلف مناصب مهنية تعتمد على نوع ذكائهم. عند بداية حياتهم المهنية، يجني الموظفون ثمار الذكاء الانسيابي وفوائده ومع مرور الوقت يجب عليهم التحول إلى مناصب تتماشى مع خبراتهم. فمثلاً قد تبدأ في العمل بعد التخرج في مناصب تتطلب القيام بالعديد من الوظائف وتتطلب المهارات وبعد الحصول على سنين خبرة كافية سيكون من الطبيعي انتقالك إلى منصب إشرافي وإداري. لربما يكون باستطاعتك فعل ذلك ضمن وظيفتك الحالية، وإن لم تتمكن من فعل ذلك قد تحتاج أو تختار تغيير وظيفتك وطبيعتها في منتصف الطريق. لكن ما يهم هو البحث عن فرصة تتناغم مع قدراتك ونقاط قوتك وخصوصاً في سن متقدمة حين تكون أكثر كفاءة في الأدوار البنيوية والاستثمارية في الغير. اتخاذ قرارات كهذه يجب أن تبنى على القيمة التي يمكن لذكائك العملي أن يضيفها لك. قد يكون أوجك الابتكاري في سن العشرين، لكن أوجك المادي والمعرفي يكون في سن الخمسين وما بعده. مع بداية تعرف المؤسسات إلى أهمية الذكاء العملي، أصبحت تستثمر في برامج لتهيئة موظفيها الأكبر سناً للانتقال لوظائف تتناسب مع مهاراتهم وذكائهم العملي، حيث أن جميع المؤسسات تحتاج إلى معلمين أصحاب خبرة عميقة في مجال عملهم. وعلى الموظفين الكبار في السن الشعور بالحماس عند تمكنهم من نقل خبراتهم واستثمارها في الأجيال القادمة. اقرأ المزيد: اضافة اعلان