خوارزمية الموت

نشر الطبيب والكاتب الأميركي "سيدهارتا مخريجي" صاحب كتاب "سيرة السرطان" الشهير مقالة في صحيفة نيويورك تايمز حول امكانية استخدام برامج الكمبيوتر للتنبؤ باحتمالية وفاة مريض ما أو تحديد كم بقي له على قيد الحياة. اضافة اعلان
قد يبدو الأمر مستغربا للوهلة الاولى لكن الاطباء الذين يتعاملون مع الامراض المستعصية يواجهون هذا السؤال بصورة متكررة من قبل المرضى وأهليهم خاصة في المجتمعات الغربية الأكثر تقبلا لفكرة الموت والتعايش معها، حيث يغتنم الناس هناك الفسحة المتبقية لهم في إتمام بعض الأمور المؤجلة او لوداع بعض الأحبة الذين قد لا تسنح لهم فرصة أخرى لوداعهم، حيث خلصت دراسة سابقة الى فشل غالبية الاطباء في التنبؤ بمواعيد تقريبية لوفاة مرضاهم مما يعرضهم للوم.
لقد قام باحث من جامعة ستانفورد الأميركية باستخدام احد برامج الكمبيوتر والمصمم بطريقة تحاكي تصميم وترتيب خلايا الانسان العصبية بمحاولة إيجاد سمات مشتركة قد تؤشر الى قرب وفاة المرضى  وذلك من خلال تزويد الكمبيوتر بمعلومات عن مئتي الف مريض مصابين بأمراض مستعصية مستخدما ملفاتهم الطبية الالكترونية التي تؤرخ بدقة لسيرتهم المرضية.
لقد قام البرنامج بتحديد موعد تقريبي دقيق لوفاة معظم المرضى بدقة بلغت 90 % من خلال دراسة أنماط معينة صاحبت الاشهر الاخيرة من رحلتهم مع المرض مثل عدد مرات دخولهم للمستشفى ومراجعة اقسام طبية بعينها واجراء فحوصات مخبرية وشعاعية معينة ونتائج بعض هذه الفحوصات.
يذكرنا هذا بالقصة العجيبة للقط أوسكار الذي تم تبنيه صغيرا من قبل العاملين في احدى دور رعاية المسنين، ونشرت قصته في الدورية الطبية الشهيرة والرصينة New England Journal Of Medicine عندما لاحظ الاطباء تكرر وفاة عشرات المرضى بعد وقت قصير من زيارة هذا القط لهم في غرفهم والجلوس بقربهم، بحيث دأب الاطباء على الاتصال بأهالي المرضى الذين يزورهم اوسكار وطلب حضورهم لتوديع أقاربهم، وقد تم تعليل هذه الظاهرة وقتها بقدرة هذا القط على تحسس رائحة الموت لخلايا جسم الانسان.
طبيا توفر إمكانية معرفة الوقت المتبقي للمرضى على قيد الحياة فرصة لتجنيبهم بعض الآلام التي قد تنجم عن بعض الاجراءات والتدخلات الطبية غير الضرورية كما تساعد في تدخل فرق الرعاية التلطيفية مبكرا، وتساعد على توجيه الموارد المحدودة المتوفرة لأولئك المرضى الاكثر استفادة منها.