لؤلؤة في لوحة "لافورنارينا" تكشف قصة حب رافاييل

   ميلانو - تبدو لؤلؤة مثبتة على رأس دبوس شعر مجرد تفصيلة لا أهمية لها في لوحة رافاييل الغامضة "لا فورنارينا" أو (العارية)، لكن مجموعة من المؤرخين ترى أنه يكشف علاقة حب سرية ظلت طي الكتمان لقرون.

اضافة اعلان

واظهرت دراسة جديدة نشرت في مايو ايار إن اللؤلؤة المثبتة على غطاء رأس ترتديه المرأة العارية في اللوحة جزء من شبكة تلميحات عن زواج فنان عصر النهضة في السر من صاحبة اللوحة، وهي ابنة خباز، على الرغم من خطبته الى قريبة كاردينال ذي نفوذ كبير في الفاتيكان.

والمعروف ان رافاييل توفي وهو أعزب عن عمر 37 عاما.

وقال موريزيو برنارديلي كروز رئيس تحرير صحيفة ستايل المتخصصة والذي قاد بحثا استمر عاما في لغز الحياة العاطفية لرافاييل: "كانت قصة حب مستحيلة."

وأضاف: "من الصعب المبالغة في تقدير مكانة رافاييل في روما فقد كان نجما ساطعا. المسافة التي كانت تفرق بينهما كانت مثل التي قد تفرق في يومنا هذا بين (نجم هوليوود) جورج كلوني وخادمته."

وتظهر اللؤلؤة كذلك في لوحته "لا دونا فيلاتا" أي "المرأة ذات الوشاح" مما يشير إلى ان صاحبة الصورة اسمها مارجريتا وهي الكلمة اللاتينية التي تعني لؤلؤة، وليس ماريا بيبينا خطيبة الرسام.

وتربط الؤلؤة مارجريتا بسلسلة من التلميحات التي تشير إلى الزواج في لوحة "فورنارينا" من شريط على ذراعها كتب عليه اسمه، وهو أسلوب غريب في التوقيع على لوحة إلى خاتم زواج اخفاه تلاميذه من الرسامين فيما بعد.

ويقول برنارديلي كروز: "قد يبدو ذلك مفتعلا بالنسبة لنا لكن هذه كانت الألاعيب اليومية في محافل مشاهير عصر النهضة."

وأضاف: "على الأقل حتى القرن الثامن عشر كان الجانب التلميحي من اللوحة مهم للغاية. إنها المدرسة الانطباعية هي التي بددت قدرتنا على قراءة لوحة كما نقرأ كتابا."

ويقول مؤرخ الفنون إنه عثر على أدلة تدعم التلميحات من وثائق معاصرة إلى صور بالاشعة السينية للوحة "فرونارينا" التقطت اثناء عملية ترميم أجريت لها مؤخرا.

ويقول: "بالطبع الأمر لا يتعلق فقط باللؤلؤة او بالوثائق. اليقين المطلق يأتي من طريقة ارتباط كل شيء بالاخر."

ومضى يقول: "لكن اللؤلؤة كانت ما اوحى إلينا بالأمر. ربما كنا نؤوّل التلميحات لو كان الأمر عكس ذلك."

وفكرة ان مارجريتا كانت عشيقة رافايل ليست جديدة تماما. فقد رسمها في القرن التاسع عشر الرسام الفرنسي جان اوجوست دومينيك وهي جالسة على ركبة رافايل. وبعد قرن كامل صور بيكاسو لقاءاتهما السرية في سلسلة من الرسوم الجريئة. وذكر الروائي اونوري دو بلزاك العاشقين كذلك.

لكن برنارديلي كروز وفريقه تجاوزوا الأسطورة ورصدوا الرموز المختلفة وكشفوا وثائق لاثبات زواج العاشقين في حفل سري وهو أمر كان شائعا نسبيا في ذلك الوقت.

ويقول المؤرخون إنهم اثبتوا كذلك بشكل قاطع أن مارجريتا هي موضوع اللوحتين "فورنارينا" و"فيلاتا" التي وصفها احد الفنانين المعاصرين بأنها "المرأة التي ظل رافاييل يحبها حتى مات".

وبنقل الوجه من لوحة إلى الأخرى باستخدام الكومبيوتر يظهر تشابه لا يمكن تجاهله.

ويقول برنارديلي كروز إن مارجريتا ظهرت كذلك في أعمال أخرى لرافاييل من "مدرسة اثينا" إلى جدران قصر فارنسينا في روما.

في "مدرسة اثينا" التي رسمت على جدران حجرة هي الآن جزء من متحف بالفاتيكان كل الشخصيات تنظر بعيدا او إلى بعضها البعض فقط مارجريتا ورافاييل نفسه ينظران مباشرة للزائرين.

وعلى الرغم من ظهورها في رسوماته يبدو ان وجود مارجريتا ذاته أبقي طي الكتمان إن لم يكن من جانب رافاييل نفسه فعلى الأقل من جانب تلاميذه.وتظهر الرسومات الأولية التي اكتشفت تحت لوحة "فورنارينا" اثناء عملية ترميم حديثة رسما تخطيطيا لسيدة ترتدي طرحة شفافة رسمت على عجل ربما من الواقع وهو ما يمثل دليلا آخر على صلة الفنان بملهمته.

والمرأة المرسومة في الرسم الأولي تظهر وسط خلفية من نباتات السفرجل والآس العطري التي ترمز للخصوبة والاخلاص وتضع خاتم زواج في يدها اليسرى.

لكن الصورة النهائية التي استكملت بعد وفاة رافاييل بيد غير ماهرة تغطي النباتات وخاتم الزواج.

ويقول برنارديلي كروز: "وقت وفاة رافاييل كانت مدرسته ترسم قاعة قنسطنطين في الفاتيكان وكانت تريد بأي ثمن ان تتجنب فقد هذه المهمة. فقد كان هذا يعني الإفلاس."

وأضاف: "ترك اللوحة قبل ان تكتمل فأخفى تلاميذه النباتات والخاتم وكل ما يمكن أن يرمز للزواج."

وكان مايكل انجلو المنافس الرئيسي لرافاييل يضغط على الفاتيكان لمنحه هذه المهمة.

ولإسكات الشائعات وضع تلاميذه لوحة على قبره تخلد ذكرى خطيبته الأبدية ماريا بيبينا وكانما لربط الاثنين بعد الموت.

وابعدت مارجريتا. وبعد أربعة اشهر من وفاة رافاييل سجل دير سانت ابولونيا في روما وصول الأرملة مارجريتا ابنة خباز في سيينا.