معالجة الأخطاء الطبية بحاجة لنهج إصلاحي شامل للقطاع

8zpe3kiq
8zpe3kiq

محمد الكيالي

عمان- في الوقت الذي أكد فيه جلالة الملك عبدالله الثاني، أن القطاع الطبي الأردني يتمتع بسمعة طيبة ينبغي المحافظة عليها، مع ضرورة تقييم أداء أي قطاع ضمن منظور شمولي، ومعالجة الأخطاء أينما طرأت، دعا أطباء إلى ضرورة إيجاد نهج إصلاحي شامل للواقع الطبي العام من خلال خطة عمل استراتيجية تستند إلى فترة زمنية محددة.اضافة اعلان
وأكدوا أن النهوض بواقع الخدمات الطبية في القطاع العام، تحديدا، لا يقع على عاتق الأطباء فقط، بل يتعلق أيضا بالموارد المالية، والحوكمة، وزيادة الكوادر الطبية والصحية المدربة والمؤهلة، إضافة إلى رفع عدد المستشفيات الحكومية، وعدد الأسرة، مع الارتقاء بالرعاية الصحية الأولية، إلى جانب تعديل قانون المسؤولية الطبية والصحية.
وقال نقيب الأطباء الأسبق، استشاري التخدير والإنعاش والعناية المركزة، الدكتور طارق طهبوب، إن العمل في القطاع الطبي "تتخلله أخطاء، وهذا شيء يحدث في جميع أنحاء العالم"، مبينا أن الأخطاء الطبية على المستوى العالمي هي السبب الثالث للوفاة في الدول المتقدمة.
ولفت طهبوب إلى أنه "لا يوجد ما يبرر الأخطاء الطبية التي تحدث"، مقرا بأن هناك مشاكل مزمنة في بنية القطاع الصحي تجب معالجتها، مشيرا إلى أن القطاع الطبي العام يعاني من مشاكل تتعلق بالحوكمة، وتناقص ميزانيته وكوادره الصحية والتمريضية وعدد أسرته.
بدوره، أوضح نقيب الأطباء الأسبق، اختصاصي الأمراض الباطنية، الدكتور أحمد العرموطي، أن من أهم المشاكل التي يواجهها القطاع الصحي العام، هي مشاكل تتعلق بالإدارة وبيئة العمل، ونقص الكوادر الطبية والتمريضية، ونقص التأهيل والتدريب، إضافة إلى هجرة وخروج الكفاءات الطبية من القطاع العام.
وأكد العرموطي أن تطوير الخدمات في وزارة الصحة يجب أن يعتمد على تطوير كوادرها الصحية وتدريبها وتأهيلها وزيادة عددها، وليس عبر شراء الخدمات الصحية، مع زيادة التمويل، وإيجاد بروتوكولات طبية وحوكمة.
من جهتها، أشارت اختصاصية التخدير والعناية المركزة في مستشفى البشير، عضو مجلس نقابة الاطباء، سابقاً، الدكتورة مها فاخوري، إلى أن ميزانية وزارة الصحة في العام 2015 بلغت 8.1 % من الميزانية العامة للدولة، فيما انخفضت في العام 2019 إلى ما يقارب 6 %، مبينة أن النسبة العالمية هي 12 % أو أكثر من الموازنة العامة لأي دولة.
وتحدثت فاخوري، عن أهم المشاكل التي يعاني منها القطاع الطبي في وزارة الصحة، مشيرة إلى أن هناك قضية مستمرة وهي تغيّر رأس الإدارة في الوزارة، لافتة في إلى أنه وفي آخر عقد من الزمن، مر عليها 12 وزيرا و11 أمينا عاما.
وبينت أن التغيير والإصلاح في القطاع الطبي العام وحل مشاكله يحتاج لأشخاص من القطاع ذاته وهم من الذين يعلمون طبيعة هذه الإشكاليات وكيفية حلها وفق مدد زمنية محددة.
وبين التقرير السنوي لوزارة الصحة للعام 2019، التغيرات التي حصلت بين عامي 2015-2019 على القطاع الطبي في الأردن بشقيه العام والخاص، حيث تشير الأرقام إلى أن عدد الأسرة في العام 2015 كان 13115 سريرا، وفي العام 2019 أصبح 14693، بزيادة 1578 سريرا في 4 سنوات.
وأوضحت فاخوري، أن التقرير أشار إلى أن الزيادة في الأسرة كانت موزعة على 54 سريرا في وزارة الصحة، وفي الخدمات الطبية الملكية كانت 540 سريرا، وفي المستشفيات الخاصة كانت الزيادة بمقدار 965 سريرا.
ووفق التقرير، بلغ عدد الدخول لمستشفيات الوزارة في العام 2019، نحو 412 ألف حالة، والوفيات منها كانت 7394 حالة، وبنسبة بلغت 1.8 %، وهي نسبة مقبولة عالميا. وفيما يخص عدد الأطباء في وزارة الصحة، أكدت أنه بلغ 5694 طبيبا يتوزعون على 1562 طبيب اختصاص، و2626 طبيبا مقيما، و1496 طبيبا عاما، وهذا يبين أن النسبة الأكبر من الأطباء هم من المقيمين، فيما يبلغ عددهم في القطاع الخاص أكثر من 20 ألف طبيب وطبيبة.
وحول الكوادر التمريضية في القطاع العام، أشار التقرير السنوي إلى أن عددهم يزيد على 6 آلاف ممرض وممرضة، في حين يبلغ عددهم في القطاع الخاص 13488 ممرضا وممرضة.
ونوهت فاخوري، إلى أن عدد مراجعي قسم الطوارئ في مستشفى البشير خلال العام 2019، بلغ 560 ألف حالة، فيما بلغت نسبة الحالات الطارئة منها 54 %، وباقي النسب جاءت كحالات غير طارئة.
وفيما يتعلق بحالات الحروق، أوضحت أن وحدة الحروق في "البشير" المكونة من 9 أسرة عناية حثيثة، و30 سريرا عاديا، استطاعت في العام 2018 معالجة 17184 حالة من أصل 19451 حالة في جميع أنحاء المملكة.
من جانبه، أكد استشاري أول طب شرعي والخبير في قضايا الأخلاق والأخطاء الطبية، عضو اللجنة الفنية العليا السابق للمساءلة الطبية، الدكتور مؤمن الحديدي، أن ما يمر به القطاع الطبي العام خلال الفترة الحالية، مستمر وبحاجة إلى هيكلة شاملة لوزارة الصحة وإداراتها.
وأوضح الحديدي، أنه يجب أن تكون في الوزارة مؤسسة للرعاية الصحية الأولية والأمراض المعدية والسارية، ومؤسسة للرعاية العلاجية، وأخرى للتأمين الصحي.
وأشار إلى أن هذه المؤسسات تتكامل مع بعضها بحيث تكون إداراتها منفصلة ومستقلة، خاصة وأن التأمين الصحي، على سبيل المثال، يجب ألا يكون تحت إشراف الطب العلاجي.
وطالب بوضع خريطة طريق واضحة للرعاية الصحية في القطاع الطبي العام، وأنه بغياب ذلك، فإن "التخبط سيبقى سيد الموقف".
وشدد على أن شراء الخدمات هو أمر طبيعي ومفيد، لكن يجب ألا يكون تحت بند "التنفيعات"، مستهجنا قيام وزراء صحة بشراء خدمات للبعض في مواقع لا يعرفون كيفية التعامل فيها.
ولفت إلى أنه تمت "الاستهانة بوزارة الصحة"، والذي يدفع الثمن هو المواطن، داعيا وزراء الصحة للاقتداء بما تحدث عنه جلالة الملك بضرورة الحفاظ على سمعة القطاع الطبي الأردني وتطويره.
وقال إنه "لا يجوز جلب الخبرات الطبية إلى "البشير" فقط، بل توزيعها على باقي المستشفيات والمراكز الصحية، وإيلاء قضية التعيينات أهمية قصوى".
ودعا الحديدي إلى ضرورة تبادل التدريب بين مختلف مستشفيات القطاع العام والمستشفيات الجامعية، لافتا إلى أهمية ألا تبقى وزارة الصحة عبارة عن "أرخبيل جزر منفصل بعضها عن بعض".