الأردن في مواجهة أكبر موجة نزوح

حسب تصريحات مسؤولين، وصل عدد اللاجئين السوريين في الأردن نحو 150 ألفا. فيما تقدر منظمات أهلية تعمل في مجال الإغاثة أعدادهم بربع مليون شخص.
في الأسبوعين الأخيرين، ومع اشتداد المواجهات بين جيش النظام والجيش الحر، سجلت أعداد اللاجئين ارتفاعا غير مسبوق. ويتوقع أن تشهد الأسابيع المقبلة موجات أكبر من النزوح، بعد اتساع نطاق المعارك ووصولها إلى قلب دمشق.اضافة اعلان
إزاء هذا الوضع المأساوي، فمن غير المستبعد أن تتجاوز أعداد اللاجئين السوريين كل التوقعات، وتصل في غضون أشهر حدود المليون. بالنسبة لبلد قليل الموارد مثل الأردن، سيشكل هذا الأمر تحديا كبيرا.
يملك الأردن تاريخا طويلا في التعامل مع اللاجئين؛ فقد استقبل خلال الستين عاما الماضية أربع موجات من اللجوء (النكبة، والنكسة، وحرب الخليج الأولى، وحرب الخليج الثانية). لكن لم يسبق أن وصل عدد اللاجئين في الموجة الواحدة مليون شخص. آخر موجات اللجوء كانت من العراق، وقدر العدد في حينه بنحو 750 ألف لاجئ. لكن هؤلاء لم يهبطوا على الأراضي الأردنية فجأة، بل على فترات زمنية امتدت إلى سنوات، الامر الذي مكّن من استيعابهم في المجتمع، وهو ما خفف من التحدي الإنساني الذي يواجه اللاجئين في العادة.
بالنسبة للاجئين السوريين الأمر مختلف. فقد تراجعت الحكومة عن إجراءات سابقة كانت تسمح للسوريين الهاربين بحرية الإقامة والتنقل في الأردن، وقررت، بالتعاون مع المنظمات الدولية، بناء مخيمات في عدة مناطق شمالي البلاد، لتكون مكانا لإقامتهم المؤقتة إلى حين توفر الظروف التي تسمح لهم بالعودة إلى ديارهم.
توفير متطلبات الحياة الكريمة لعشرات الآلاف، ولفترة زمنية غير معروفة، أمر في غاية التعقيد. وقد لاحظ كثيرون حجم الصعوبات التي واجهت المؤسسات الحكومية والمنظمات الإنسانية لتوفير الخدمات لآلاف اللاجئين الذين اكتظت بهم مدينة الرمثا والمناطق المجاورة.
لا يمكن للأردن، بموارده المحدودة، أن ينهض بالمسؤولية وحده، ويتعين على الحكومة أن تطلق نداء دوليا لجمع التبرعات، وحث المنظمات الدولية على القيام بمسؤولياتها.
يشكو مسؤولون حكوميون من شح في المنح والمساعدات الدولية المطلوبة للتعامل مع الأعداد المتزايدة من اللاجئين السوريين. ورغم الوعود التي يطلقها الموفدون الأجانب إلى عمان، إلا أن الجهات المعنية لم تتلق حتى الآن ما يكفي لتوفير المستلزمات الأساسية للاجئين. وفي ظل أزمة مائية خانقة يعاني منها الأردن، تجد السلطات الحكومية نفسها مجبرة على تأمين مياه الشرب بأسعار مدعومة لعشرات الآلاف من اللاجئين السوريين، إضافة إلى نفقات تعليم ما يزيد على سبعة آلاف طالب وطالبة في المدارس الحكومية. التعامل مع ملف اللاجئين السوريين بكل أبعاده الإنسانية ليس هو التحدي الوحيد للأزمة السورية بالنسبة للأردن، فالحدود بين الجارين مرشحة لتطورات دراماتيكية خطيرة في المستقبل، مع تزايد المخاطر من مواجهات عسكرية تفيض من الأراضي السورية إلى دول الجوار، وحالة الفوضى الأمنية المتوقعة في ضوء الانهيار المتسارع لمؤسسات النظام السوري.

[email protected]