التورّق الحقيقي والتورّق المنظم

غسان الطالب*

لن نوفي هذا الموضوع «أي التورّق» حقه في الحديث عن تفاصيله بما أن الجدل قائم حول مشروعيته والآراء الفقهية المختلفة حول العمليات التمويلية التي تنفذ بواسطته من قبل بعض المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية.اضافة اعلان
لكن لا بأس من التوقف عنده للحديث عن أنواعه وكيفية التعامل به حتى يتسنى لنا وللقارئ أن نميز بين التورّق المجاز شرعا، وهو ما سمي التورّق الحقيقي وبين التورّق مثار الجدل والمسمى التورّق المنظم، ولا بد من الإشارة للجدل الفقهي حول هذا الأخير ومشروعيته ومبررات اللجوء إليه أحيانا لتلبية بعض حاجات العملاء من التمويل، فكثيرا ما نتوقف عند هذا المصطلح بشيء من التروي والتمحص حتى لا نقع في محذور مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية بدون الاستناد إلا موقف فقهي صريح في هذا الشأن، وهو على العموم من أنواع التمويل الغرض منه إما سداد دين يرغب العميل في الحصول على التمويل من أجل سداده أو لغرض تمويل حاجات استهلاكية أو استثمارية، فالتورّق المقصود نوعان؛ النوع الأول هو التورّق الحقيقي والذي أجازه فريق من الفقهاء ويتمثل في شراء شخص لسلعة من البائع شرط أن تكون ملكه وفي حوزته بثمن مؤجل ثم يبيعها المشتري لشخص آخر نقدا لغرض الحصول على المال وهنا العملية مشروطة بعدم بيعها إلى البائع الأول.
أما النوع الثاني موضوع حديثنا، فهو التورّق المنظّم والذي تقوم به المصارف الإسلامية ويتم بأشكال عدة لا تختلف في جوهرها في نهاية المطاف، وهي على النحو الآتي:
الشكل الأول: صيغة الأمر بالشراء والمرابحة
وبموجب هذه الصيغة، يقدّم العميل طلبا إلى المصرف الإسلامي يطلب منه شراء سلعة معيّنة مع الوعد بشرائها منه على أساس المرابحة ويقوم المصرف بشراء هذه السلعة على الوصف المتّفق عليه مع العميل، ثم بعد ذلك يبيعها بعد تملّكه لها بالكامل إلى العميل بالأجل معلنا له السعر الحقيقي للسلعة مضافا إليه الربح، وبعد ذلك يقوم العميل بتوكيل المصرف ببيعها إلى طرف ثالث ويرصّد الثمن المحصّل في حساب العميل.
الشكل الثاني: عملية الشراء المسبق
والبيع بالمرابحة
حسب هذا الشكل من التورّق، يقوم المصرف بشراء عدد من وحدات سلعة معيّنة مسبقا ثم يقوم بتخزينها ويتملّكها بشكل مؤكد ثم يقوم ببيع وحدات أو أجزاء صغيرة من هذه السلع إلى عملائه على أساس المرابحة بثمن مؤجل متمثلا بالسعر الحقيقي المعلن من المصرف مضافا إليه الربح، بعد ذلك يقوم العميل بالطلب من المصرف ببيع السلعة ويوكله في ذلك ويرصّد الثمن المتحصل عليه في حساب العميل.
الشكل الثالث: بيع المساومة
لا يختلف هذا الشكل من التورّق عن الشكل السابق، غير أن المصرف لا يعلن السعر الحقيقي للسلعة، إنما يعلن سعرا يطرحه هو يتضمن مقدارا من الربح ويخضع للمساومة من قبل العميل أو العملاء ثم يقوم العميل بعد شراء السلعة من المصرف على النحو السابق بتوكيل المصرف ببيع السلعة ورصد الثمن المتحقق في حسابه.
ننتظر من الهيئات كافة المعنية بالمصارف الإسلامية، معالجة حقيقية وفقهية لكل أشكال التمويل بواسطة التورّق وبما ينسجم مع الفلسفة التي تؤمن بها والتي هي مبرر وجودها حتى تخطو بثقة أقوى إلى الأمام.

*باحث ومتخصص في التمويل الإسلامي