الحديث سهل

معاريف

عاموس جلبوع

في الأشهر الثلاثة الأخيرة، تطبق حركة حماس سياسة جديدة لعنف محدود تجاه إسرائيل، حلت محل سياسة اللجم التي اتخذتها في الثلاث سنوات والنصف التي مرت منذ حملة الجرف الصامد. حماس، كما يبدو، مستعدة للمخاطرة بالتدهور لدرجة مواجهة واسعة مع إسرائيل، كي تحقق تسوية تنقذ القطاع من الضائقة الاقتصادية القاسية.اضافة اعلان
في طرفنا يسمع انتقاد شديد على الحكومة بأن ليس لديها أي خطة للتسوية مع حماس، ومن كل صوب تطرح اقتراحات مختلفة للتسوية: بدء باحتلال القطاع وابادة حماس من أجل التخلص مرة واحدة وإلى الابد من الجرح الغزي النازف؛ عبر افكار للمساعدة المالية الدولية الواسعة، "رفع الحصار" (جزئيا أو بشكل كامل) بما في ذلك جملة أفكار في مجال نقل الشحنات إلى غزة عبر البحر) وتجريد القطاع؛ عبر النهج الذي يقول أن حماس بالاجمال هي جار، وليس عدوا، وفقط إذا ما "تحدثنا" معها، سنتوصل إلى تسوية شبه سلام؛ وحتى اقتراحات اقامة كيان مستقل في القطاع.
المشكلة المركزية الدائمة في الاقتراحات التي تطرح كي تشكل سياسة لحكومة إسرائيل هي أن القسم الأكبر منها يتعاطى مع "ما ينبغي ربما عمله"، وليس "ما يمكن عمله". فالسياسة تعنى بما يمكن عمله، بالتكامل بين ما تبدي حكومة إسرائيل استعدادها لعمله وبين ما تبدي حماس وغيرها الاستعداد لعمله.
بودي أن أشير هنا إلى ورقة أصدرها هذا الأسبوع مركز المعلومات للاستخبارات والإرهاب على اسم مئير عميت وعنوانها هو "السياسة الجديدة لحماس تجاه اسرائيل". هذا مقال تحليلي مميز يعطي اساسا لفهم "ما يمكن".
ووفقا للتحليل، فإن ما تسعى اليه حماس هو تسوية اساسها في المجال الاقتصادي، وان تكون ملموسة ومرئية للعيان. العنصر الاخر لها هو التحسن الاقتصادي، الذي يعني ضخ مكثف للأموال يسمح بالاستثمارات، ولا سيما في الكهرباء، ووقف عقوبات أبو مازن. وبالعموم، التسهيل على حياة القطاع اليومية. اما العنصر الثاني فهو التخفيف من الحصار من خلال فتح معبر رفح، دخول المزيد من الشاحنات من إسرائيل وتوسيع منطقة الصيد. وعلى فرض أن حماس ستحصل على هذا من إسرائيل، أقل أو أكثر، فما الذي تبدي استعدادها للتعهد به؟ التقدير هو انا ستكون مستعدة للموافقة على تهدئة بعيدة المدى في حدود القطاع وفرض سلوك ملجوم على باقي المنظمات في القطاع. بالمقابل، التقدير هو أن حماس لن تكون مستعدة لاثمان تعتبرها لا تحتمل، مثل تجريد القطاع ونزع سلاحه؛ وقف تعاظم قوتها؛ نقل القطاع إلى السيطرة الفعلية للسلطة الفلسطينية؛ وقف تشجيعها ومساعدتها للارهاب في يهودا والسامرة. وذلك لان التنازل عن هذه الأمور هو تنازل عن هويتها، عن جوهر وجودها كحركة إسلامية متطرفة تسعى إلى ابادة إسرائيل عن طريق الإرهاب والعنف.
هل مثل هذه التسوية ممكنة لحكومة إسرائيل من ناحية سياسية؟ لا أدري. اضافة إلى ذلك، والمسألة غير بسيطة على الاطلاق. أولا، هل ستكون حماس مستعدة لان تحرر جثتي مفقودينا كجزء من الرزمة الاقتصادية؟ ثانيا، التسوية ليست فقط بيد إسرائيل، بل منوطة باستعداد مصر لان تفتح معبر رفح بشكل دائم. هذه علامة استفهام جدية. ثالثا، هل أبو مازن سيكون مستعدا لان يرفع العقوبات التي فرضها على القطاع والتي تمنع الرواتب؟ علامة استفهام كبيرة. ورابعا، التجربة علمتنا بان أي تسوية تتحقق بعد أن يتلقى الطرف الاخر ضربة شديدة، ولنا ايضا (لشدة الأسف) من اضرار ومصابين. بالفعل، الحديث سهل، اما العمل فصعب.