رفح وصفقة المخطوفين

1715192278075286400
مقاتلون من حماس أثناء تسليمهم المحتجزين الصهاينة للصليب الأحمر - (ارشيفية)
هآرتس
ناحوم برنياع
 8/5/2024

أبدأ بقولين يتعارضان والرسائل التي يتلقاها الإسرائيليون من الحكومة في الأيام الأخيرة. الأول، صفقة المخطوفين التي تقترحها حماس ليست بعيدة عن المقترح الذي أقرته إسرائيل. توجد فجوات، لكن في هذه المرحلة ليست هذه هي الأساس. الأمر الأساس هو أنه توجد صفقة: ملموسة، مفصلة، واضحة. هكذا يفهم الوضع كل العالم من واشنطن حتى غزة. لو كان الحديث يدور عن صفقة لشراء شقة لكنا قلنا: مذكرة التفاهم باتت مكتوبة. والآن سنتفاوض مع التفاصيل.اضافة اعلان
سؤال ماذا تريد حماس؟.. واضح، يتبقى سؤال ماذا يريد نتنياهو؟. وثيقة مكتوبة وصلت أمس إلى مقرري السياسة تتناول ادعاء نتنياهو بأن المقترح لحماس يقضي على المفاوضات.
القول الثاني الذي يتعارض والرسائل يتعلق برفح. الحقيقة هي أن إسرائيل لم تهاجم رفح ولم تحتل رفح ولم ترفع أعلام إسرائيل. احتفال الاحتلال مبكر ومبالغ فيه. معبر رفح يقوم على مسافة ثلاثة كيلو متر عن مدينة رفح. مثلما هما معبر ايرز وكيبوتس ايرز هما كيانان منفصلان، مثلما هما شاطئ القدس والقدس كيانان منفصلان. فإن معبر رفح ورفح هما كيانان منفصلان.
الطابور العسكري الذي سيطر على المعبر نفذ مهمته في سفرية، في أرض معظمها لم تكن كلها فارغة من الناس. في البداية مر الطابور في الدهنية، التي ماضيها أغنى من حاضرها: بداية كانت قرية عملاء، محاذية لحدود إسرائيل، بعد أوسلو دشن فيها في طقوس احتقالية بمشاركة كلينتون مطار قصير الأيام لمسارات طيران فلسطين، في الانتفاضة الثانية حرث الجيش الإسرائيلي المسار، وفي 2006 اختطف هناك جلعاد شاليط. الذهنية عدنا إليها مرة ثانية، ثالثة، رابعة.
رحلة الاحتلال انتهت بإعلان احتفالي لقائد الكتيبة: "معبر رفح في أيدينا" – وكأنه احتل لتوه جبل البيت (الحرم).
قرار الكابنت يوم الأحد كان الأساس لمناورة يتميز نتنياهو بها، ما يسميه الأميركيون الحديث من طرفي الفم. نحن لا نهاجم رفح، تعهد الأمريكيين؛ نحن نعم نهاجم رفح، شرح لشركائه من اليمين ولرسلهم في وسائل الإعلام. السيطرة على المعبر استهدف ممارسة الضغط على حماس لتليين مواقفها في المفاوضات، ألمح لعائلات المخطوفين؛ السيطرة على المعبر هي فقط البداية، المح للقاعدة. أما غالنت، الذي يحتقر الحقائق أقل منه، فوجد صيغة مجسرة: إسرائيل تهاجم "في مجال" رفح.
للخطوة العسكرية لم تكن صلة بالصفقة: فهي لم تلين مقترح حماس ولم تعطل المفاوضات. هكذا على الأقل فهم الوضع رئيس الـ سي.أي.ايه بيل بيرنز، الذي واصل حملته للوساطة التي لا تنتهي بين القاهرة، الدوحة وتل أبيب. بالنسبة لحماس فهي لا تحتاج المعبر: توجد لها وفرة انفاق لتمر بها. التأثير المحتمل الوحيد هو على وتيرة دخول المساعدات الإنسانية. في هذه اللحظة المعبر في كرم سالم مغلق أيضا ومنظمات حقوق الانسان تحذر من التدهور.
لقد كان هذا أحد القرارات الخفيفة لكابنت الحرب. كان واضحا بأنه بعد هجوم قذائف الهاون على كرم سالم فإن الجمهور – بمن فيه جمهور مؤيدي غانتس – يتوقع العمل. آيزنكوت سأل قادة الجيش قبل ثلاثة أشهر لماذا لا يسيطرون على المعبر. إضافة إلى ذلك، آلة الدعاية للقناة 14 استهدفت آيزنكوت بصفته الرجل الذي يكبح الهجوم المنشود في رفح. آيزنكوت مل، فنشر ردا نفى فيه الادعاء نفيا باتا.
النفي خدم نتنياهو. عندما بحث الكابنت في السيطرة على رفح طلب أن يصوت كل واحد من الوزراء. كابنت الحرب هو محفل للتشاور: لا يوجد فيه تصويت. اثنان من الوزراء لم يرفعا يديهما: ديرمر وآيزنكوت. نتنياهو توجه إلى كل واحد منهما باسمه. يا رون، هل أنت ضد عملية في معبر رفح؟ ديرمر أوضح أنه مع؛ يا غادي، هل أنت ضد عملية في معبر رفح؟ آيزنكوت أوضح انه مع. في الغداة صدر بيان من مكتب رئيس الوزراء شدد على أن القرار اتخذ بالاجماع.
أحد الفمين سار شوطا أبعد من رفح. فقد خدم نتنياهو في كفاحه في سبيل الشرعية، في واشنطن وفي البلاد أيضا. ليس هذا ما يصلي له غانتس وآيزنكوت.
أمس، بعد أن أطلق نتنياهو وغالنت إعلانات حماسية عن استمرار القتال في رفح، سعى آيزنكوت لأن ينشر بوستا يشجب الأقوال. أما غانتس فسبقه.
الاتفاق الذي تقترحه حماس صعب على إسرائيل، لكن هذه مصاعب رافقت المفاوضات من بدايتها. بداية، هو يلزم إسرائيل بوقف القتال. صحيح ان هذا يحصل عمليا في المرحلة الثانية فقط لكن الالتزام هو بالرزمة كلها. وهذا يتناقض ظاهرا مع ما وعد به نتنياهو ناخبيه منذ بداية الحرب. التملص منه ليس بسيطا: حسب المقترح يدور الحديث عن ضمانة أميركية، إلى جانب مصر وقطر وليس ضمانة من آريه درعي.
لا يوجد تعهد بتحرير 33 مخطوفا في المرحلة الأولى الإنسانية. حماس تدعي بأن ليس لديها 33 مخطوفا حيا يندرجون ضمن صنف "مرضى". يوجد لديها فقط 20. ينبغي أن نقول انها تدعي هكذا منذ زمن بعيد، بثبات.
حماس ترفض إعطاء إسرائيل حق فيتو على أسماء السجناء المحررين. هذه نقطة صعبة يوجد مجال للتباحث حولها. كما أن الانتقال من المرحلة الثانية التي سيتحرر فيها كل المخطوفين الأحياء وإسرائيل تتعهد بوقف القتال وتنسحب من كل القطاع إلى المرحلة الثالثة، التي ستعاد فيها الجثث، يبعث على أسئلة ويحتاج إلى إيضاحات.
عندما وصل المقترح لإسرائيل فوجئت المحافل المشاركة في المفاوضات. فهي لم تتوقع بيانا من حماس يقول "نعم" صريحة. فوجئوا أيضا من الحرية التي أخذها لأنفسهم الوسطاء، لأن يعيدوا صياغة ما اتفق عليه من قبل في المقترحات السابقة، كلمة بكلمة، مع إسرائيل.