عنصرية غير مقبولة

معاريف
معاريف

جدعون ليفي

 

عندما أراد أليكس ليباك الخروج للحظة من السيارة سأله الجندي: هل أنتم يهود؟. لا يوجد مكان في العالم يعتبر فيه هذا السؤال سؤالا مشروعا. فهو يتجاوز الحدود المقبولة والواضحة للخصوصية والعنصرية. لا يوجد أي مكان في العالم يسألون فيه شخص عن أصله ودينه أو قوميته لمعرفة كيفية التعامل معه. فقط هنا، على حاجز عناب الذي يخنق طولكرم، كان هذا السؤال سؤالا مشروعا. فقط عندما يقوم جندي إسرائيل بطرح هذا السؤال الوقح فإنه يظهر للجميع بأنه يحق له أن يسأل، بالضبط كما يحق له أن يسجن أو ينكل أو يوقف وأحيانا إطلاق النار بدون أي سبب.اضافة اعلان
 هذا كان في يوم الاثنين الماضي، في المساء. قبل بضع ساعات من ذلك نفس الجندي وقف بصمت في ذكرى الستة ملايين من أبناء شعبه. يوم الكارثة. تصعب معرفة ما الذي فكر فيه في عقله المغسول عند إطلاق الصافرة، ربما هو فكر بما علموه أن يفكر فيه في هذه اللحظة. يصعب الافتراض أنه وجد أي علاقة بين ما علموه إياه عن الكارثة وبين"خدمته المهمة" في الجيش الإسرائيلي: الوقوف على حاجز في الضفة، الفتح والإغلاق والعكس، الفتح بشكل فظ، على الأغلب حسب ما يقرر أو حسب مزاجه.
عشرات السائقين "غير اليهود" الذين انتظروا ساعات بدون فائدة لم يسمعوا الصافرة ولم يفكروا بالكارثة. هم فقط أرادوا الوصول إلى بيوتهم بسلام. الجندي الإسرائيلي سألنا هل نحن يهود؟. هو عرف بأننا مراسلين حسب البطاقات التي اعطيناه إياها. ولكنه أراد أن يعرف إذا كنا يهود. ربما وجد صعوبة في التصديق بأن اليهود يمكنهم الخروج بسلام من طولكرم. في نهاية المطاف هذا ليس ما قالوه له عن طولكرم. ليبال رد عليه وقال: "هل تريد الفحص؟". وركب السيارة مرة أخرى.
 كنا في طريق العودة من طولكرم، حيث قمنا هناك بالتحقيق في قتل طفل يركب دراجة، الذي أطلق الجنود النار عليه من بعيد. حاجز عناب يفتح لبضع ساعات فقط في اليوم منذ اندلاع الحرب. مفتوح، مغلق، الآن مغلق. لا يوجد لطولكرم أي مخرج إلا هذا الحاجز. في الصباح عندما ذهبنا إلى المدينة فقد اجتزنا الحاجز الذي كان مغلقا في حينه، وسافرنا في طريق ترابية بين القرى وحقول الزيتون. ولكن بعد الظهر عندما أردنا العودة من نفس الطريق الترابية أشار لنا السائقون الفلسطينيون الذين سافروا في الجهة المقابلة: "ممنوع". الجنود قاموا بإغلاق بوابة قرية شوفة التي توجد في آخر الطريق، التي من خلالها دخلنا في الصباح، ولم يعد بالإمكان الخروج من طولكرم. هذا هو الوضع الروتيني.
هذا هو الآن واقع الحياة في الضفة الذي لا أحد يتحدث عنه: العيش دائما في شبه حظر التجول، دون أي قدرة على معرفة ماذا سيحصل في اليوم؟. إسرائيل قررت التنكيل أكثر من العادة في ظل الحرب. حيث أنه إذا تمكن الشخص من السفر في الطرق الترابية والوصول إلى نفس المكان الذي يوصل إليه الشارع الرئيسي فإن هذا ليس له أي صلة بـ "الأمن المقدس". الآن هذا فقط تنكيل من إجل التنكيل، بدون قناع وبرعاية الحرب. هذا التنكيل لا يعني أي أحد في إسرائيل. فهو لا يتم الإبلاغ عنه ولا يعتبر مقلقا، وأيضا لا أحد يفكر بتداعياته. الأساس هو أن يكون المستوطنون راضين. هذا هو دور الجيش الإسرائيلي الرئيسي هنا، إرضاء المستوطنين. الآن سيكون لهم أيضا قائد منطقة مستوطن. ولكن الحياة في الضفة في الأشهر السبعة الأخيرة لا يعرف عنها أي يهودي إسرائيلي أي شيء. الشوارع في الضفة شبه خالية، باستثناء المستوطنين لا أحد تقريبا يمكنه الوصول اليها.
جنديان وضابط وقفوا في يوم الكارثة على حاجز عناب. قافلة طويلة من الشاحنات توقفت على الشارع، السائقون انتظروا بلا فائدة. ظاهرة سائدة في الحياة في الضفة هي أنه لن تعرف أي شيء إلى الأبد. متى سيفتح ومتى سيغلق؟. وقت هؤلاء السائقين، مثل كرامتهم وحياتهم، لا شيء. الضابط والجنديان قالوا لنا إن الحاجز مغلق. كيف سنعود؟ هم لا يعرفون.
عندها سألونا إذا كنا يهود أم لا.