"النقل" مقبرة الوزراء!

الوزير جميل مجاهد هو آخر ضحايا قطاع النقل. الوزارة المتعثرة طوت من قبل أربعة وزراء، وانتهى بها المطاف حقيبة ثانية بذمة وزير البلديات المهندس وليد المصري.اضافة اعلان
المصري تكنوقراط بخلفية سياسية لم تنل التغييرات والتعديلات الوزارية من مكانته في حكومتي عبدالله النسور وهاني الملقي. أشرف على تنفيذ خطة هيكلة العمل البلدي في الأردن والإصلاحات التشريعية التي رافقتها.
لا يعرف بعد ما إذا كان رئيس الوزراء الذي يراهن على قدرات المصري، ينوي إبقاء "النقل" في عهدته أم أنها مرحلة انتقالية لحين اختيار وزير جديد خلفا لمجاهد.
الرئيس الملقي ومستويات القرار العليا في الدولة، تعتبر اصلاح قطاع النقل في الأردن هدفا استراتيجيا لا يقل أهمية عن قطاعات التعليم والصحة، ولهذا لم تتردد في إقالة الوزراء تباعا رغم ما يعنيه ذلك من تداعيات على الوزارة وخططها العملية.
لكنّ لهذه التغييرات المستمرة في النقل معاني أخرى، أولها أنّ توافر أي قطاع على استراتيجية عمل متكاملة للإصلاح ليس شرطا أكيدا للنجاح، فلا بد أن تتوفر بالمقابل الكفاءات اللازمة لتنفيذ هذه الاستراتيجيات وتحمل المسؤوليات بجدارة واقتدار.
قطاع النقل مثل سائر القطاعات، لا تعوزه الخطط والاستراتيجيات، فقد حظي منذ زمن بعيد بذلك، لكن المشكلة هى في التطبيق ومدى الالتزام بتنفيذ ما تنص عليه الخطط.
يقول مختصون إن وزارة النقل بتاريخها الطويل تعاني اليوم من ندرة الكفاءات، وضعف الإمكانيات، رغم كادرها الكبير. والقطاع على اتساعه يغرق بالفوضى وتعدد المرجعيات وتداخل الصلاحيات بين الوزارة والهيئات والمؤسسات التي تتداخل خطوطها في كل الاتجاهات.
ومشاكل القطاع لا تقف عند حدود التنظيم وغياب الضوابط، إنما تعدت ذلك بفعل الظروف السياسية والإقليمية المحيطة التي وجهت ضربة قاصمة لأسطول النقل البري وقطاع الشاحنات، بعد سنوات على إغلاق الحدود مع سورية والعراق والزيادات على الرسوم التي فرضتها دول خليجية.
المشروع الوحيد الذي ينتظر أن يحسّن قطاع النقل منذ سنوات هو مشروع الباص السريع في عمان الذي تعثر لسنوات قبل أن يعود العمل فيه مؤخرا. هذا مؤشر على الفشل دون شك، فالأزمة التي يمر فيها القطاع تستدعي تنفيذ عشرات المشاريع لتجاوزها في المستقبل، كما تحتاج لقرارات جريئة لضبط الانفلات في الشوارع، وتحسين مستوى الخدمات.
وقد لاحظ الجميع كيف تخبطت الأجهزة المختصة في إدارة ملف تطبيقات التكسي الذكي، ولم تنجح حتى الآن في وضع إطار قانوني وعملي لخدمة يقبل عليها المواطنون، وتقدم بديلا لمعاناة لا تنتهي مع "الأصفر".
"في التأني السلامة وفي السرعة الندامة" نصيحة طالما نقدمها للسائقين، والملقي أحوج ما يكون لتذكرها وهو في طريقه لاختيار وزير جديد للنقل. وقد لا يكون أصلا بحاجة لوزير جديد، فإذا ما استطاع الوزير المصري مسك "النقل" بجديته المعهودة في العمل فما المانع من تفريغه لقيادة الوزارة وإبراء ذمته من "البلديات"؟