حماية المستهلك

حاولت الحكومة كثيراً أن تستعين بجمعية حماية المستهلك خلال حملتها الأخيرة لضبط الأسعار، بل ان رئيس الوزراء طلب بوضوح من الجمعية ان تمارس دورها وان تدعو الناس لمقاطعة السلع التي يرفض التجار واصحاب المصانع اعادتها الى اسعارها المعقولة.

اضافة اعلان

ولعل السياسة الاقتصادية التي تبنّتها الدولة وما يُسمى اقتصاد السوق وترك المواطن في مواجهة تقلبات الاسعار وقوانين العرض والطلب.. هذه السياسة تحتاج الى نوعين من الواقيات التي تحمي الناس:

الأول؛ شبكة أمان حكومية توفر للمواطن، بخاصة اصحاب الدخل المحدود، متطلبات الحياة الاساسية من تعليم وصحة وسكن فضلاً عن تشريعات لمواجهة الاحتكار والاستغلال.

أما الثاني؛ فهو وجود مؤسسات مجتمع مدني قوية ذات حضور في حياة الناس تمارس سياسة حماية للناس تجاه الآثار السلبية للسياسة الاقتصادية، مثل جمعية حماية المستهلك؛ على أن تكون جمعية يعرفها الناس جيداً تصل الى بيوتهم عبر اشكال التواصل كلمتها مسموعة، تمتلك بنية معلوماتية وادارية وفرق عمل، بل لا يتغير العمل لو كان لدينا جمعيات لحماية المستهلك او فروع قوية للجمعية الحالية.

ما جرى من تداعيات لمواجهة ارتفاعات الاسعار خلال الاسابيع الماضية أكد الحاجة الى اعادة النظر بقوة الجمعية وحضورها ودورها. فلم يعد يكفي ان تكون في موقع (الواعظ) للمواطن، تقدم له النصائح التي ربما لا تكاد تصل، بل هنالك حاجة لإكساب الجمعية قوة كبيرة لا تخرج بها عن دورها كمؤسسة مجتمع مدني، لكن تحولها الى حالة شعبية، وهذا الامر لن يأتي بين يوم وليلة.

هذه ليست مسؤولية إدارة الجمعية فقط بل مسؤوليتنا جميعاً، مواطنين واعلاما ونوابا وأحزابا وهيئات نسائية، ومهما اختلفت المواقف السياسية فإن حماية المواطن وزيادة الوعي بمصالحه وتحويل تذمر الناس وشكواهم الى مواقف مؤثرة. والمواقف المؤثرة عديدة أبرزها المقاطعة لأي سلعة أو شركة أو أي جهة سواء كان السبب رفع الاسعار دون مبرر أو جشع أو احتكار، أو معاقبة اي جهة تعبث بالمواصفات وتقدم للمواطن سلعة رديئة او مغشوشة.

العنوان الرئيسي في المرحلة القادمة هو تحويل جمعية حماية المستهلك إلى مرجعية للمواطن في هذا المجال. فإذا أعلنت عن مقاطعة سلعة استجاب الناس، واذا اعلنت ان اي جهة تسيء الى صحة الناس تبنى المواطن هذه القناعة، وهنا يتحول الدور من الوعظ والنصيحة الى قوى ضغط ومراكز قوى يحسب التجار والقطاع الخاص والحكومة لها حساب.

المطلوب أن يكون صوت الجمعية سلمياً وتطوعياً، لكن في الوقت نفسه أن تصبح الجمعية بمثابة "سلطة ناعمة" بسبب استجابة المواطن وتفاعله مع مواقفها.

الظروف التي تعمل بها الجمعية ليست سهلة، لكن أن نحلم ونعمل لتطوير عمل الجمعية أمر ضروري وليس ترفاً، لأن فيه مصلحة حقيقية لنا كمواطنين، كما أن وجود جمعية قوية أمر تحتاجه الحكومات لمساعدتها في حماية الناس بعدما فقدت الكثير من الصلاحيات نتيجة السياسة الاقتصادية التي تبنتها الدولة.

[email protected]