ليست صناعة أميركية

قبل قرار الحظر الجوي وحماية المدنيين الليبيين، سادت أجواء إحباط بين المتابعين العرب لما يحدث في طرابلس، وامتد هذا الشعور إلى تداعيات الواقع في اليمن والبحرين.

اضافة اعلان

مبعث الإحباط الاعتقاد الذي ساد أن أميركا وأوروبا تخلت عن مساندة الثورات الشعبية العربية لأنها لا تعرف إلى أين تمضي، ولن تصعّد إجراءاتها ضد العقيد معمر القذافي وكتائبه العسكرية التي كانت تتجه إلى بنغازي، وهذا يعني أنها لن تمضي في إجراءات دولية ضده أكثر من ذلك.

هذا الوضع الذي ساد الأسبوع الماضي لم يبعث على حالة اليأس والإحباط الشعبي العربي فقط، بل أعطى جرعة من الحيوية للزعماء العرب للعودة لسياساتهم القديمة في البطش والتنكيل بمواطنيهم المطالبين بالخبز والحرية، وليس أدل من ذلك ما فعله الرئيس اليمني وقواته الأمنية حين استباحت ساحة التغيير في صنعاء، وقام القناصة باغتيال المحتجين والمعتصمين، وكذلك القوة المفرطة التي استخدمت في البحرين ضد المتظاهرين وإجبارهم بالقوة على إخلاء دوار اللؤلؤة.

التلكؤ والاختلاف الغربي سارعت لالتقاطه وتفسيره الأنظمة العربية على هواها، وفهمته بأن الغرب سيغمض النظر عما ستفعله، وبأنه ضوء أخضر لها لإنهاء حالة التمرد والاحتجاجات الشعبية، لأن أميركا والدول الأوروبية غير مهيأة ومستعدة لاحتمالات كلفة التغيير المتسارعة في العالم العربي وتأثيرها على مصالحها الاقتصادية والسياسية.

وعلى ما يبدو، فإن الاسترخاء العربي لم يتوقف عند حدود خريطة الدول التي تواجه تحديات ميدانية عنيفة مثل ليبيا واليمن والبحرين، بل امتد للعواصم العربية الأخرى.. وإلا كيف نفسر سقوط أربعة قتلى في درعا السورية في أول محاولات لرفع الصوت والاحتجاج؟!

ما أحب أن أؤكده هو أن ثورة التغيير العربية ليست صناعة أميركية وأوروبية حتى تفشل إذا تباطأ الغرب عن دعمها، بل هي تعبير عن رفض القهر والاستبداد وتكميم الأفواه واحتجاج على الجوع.

ومن المؤكد أن مساندة المجتمع الدولي لهذه الثورات يعزل الدكتاتوريين ويعجل بنهايتهم، ويدفع بعجلة الإصلاح للتقدم بسرعة أكبر ويقلل من شلال الدم المتدفق تحت وطأة القمع والاغتيال الذي تمارسه الأجهزة الأمنية ضد المحتجين، لكنه إذا لم يحدث فإن العالم العربي لن يعود إلى السبات من جديد!

المشهد العربي على مفترق طرق، فالقذافي اقترب من لحظة النهاية، ولا خيار أمامه سوى البحث عن ملاذ آمن أو أن يتحصن بطرابلس ليقيم بها إمارته وهو أمر لن يدوم ولن يستطيع الصمود.

أما اليمن فإن الرئيس علي عبد الله صالح واهم إن اعتقد أنه يستطيع أن يستمر معتمداً على أنه يتحكم بأهم معبر للنفط في العالم، فالسيناريو الذي حدث في ليبيا سيتكرر آجلاً أم عاجلاً؟

العالم العربي على مفترق طرق، وهي الفرصة الأخيرة لكل الزعماء العرب للركوب في قطار الإصلاح، وإن تأخروا فاتهم الموعد وآن أوان التغيير.

[email protected]