مدرسة لا يجوع فيها أحد

مدرسة لا يجوع فيها أحد
مدرسة لا يجوع فيها أحد

تأليف: مَحْمُود أبُو فَروةَ الرَّجَبي

كَانَتْ وَفَاء تسير ناحية المقصف المدرسي، وتنظر إلى قفازيها الدافئين، حِينَمَا سمعت صوت بكاء يأتي من خلف المقصف، وَحِينَمَا ذهبت إلى هُنَاكَ، رأت فتاة تجلس وتبكي. اقتربت وَفَاء مِنْهَا وسألتها عَنْ سبب بكائها فأجابت الفتاة:

اضافة اعلان

-لا شيء.

كَانَتْ الفتاة ترتجف من البرد، ورفضت ان تتحدث بأي كَلِمَة أخرى، وَحِينَمَا اطلت رهام ورأتها، همست لوفاء:

-هَذِهِ الفتاة اسمها نادية، وَهِيَ فقيرة جداً، حَتَى ان والدها كَانَ يُرِيد إخراجها من المَدْرَسَة الشهر الماضي.

ذهبت رهام، فاقتربت وَفَاء من نادية مرة أخرى، وَقَالَتْ لَهَا:

-هَلْ تقبليني صديقة؟

-أنا فقيرة.. هَلْ تحبين مصادقة الفقراء؟

-أنت رائعة سواء كُنْت فقيرة أوْ غنية وأنا أحب صداقتك.

ارتاحت الفتاة لِهَذَا الكَلام، فقالت وَفَاء:

-هَلْ أنت بردانة؟

-نعَم.

-وجائعة؟

-نعَم.

-عندي فِكْرَة رائعة.. مَا رأيك ان تصبحي شريكتي؟ 

-لَمْ افهم.

-عندي فِي البيت قفاز آخر لا استعمله، وكل يوم احضر معي أكثر من شطيرة، وعندي مُشْكِلة.

-مُشْكِلة مثلي؟

-لا.. أحب ان تَكُونَ لِي صديقة تسير معي، وتشاركني فِي طعامي.

-إذا تريدين ان تعطيني هَذِهِ الأشياء وتتصدقي بِهَا علي.

-لَيْسَتْ صدقة.. بَلْ شراكة.. أنا اعطيك مَا يزيد عَلَى حاجتي من الأشياء لأنك بحاجة إليها، وأنت تعطيني مَا ينقص علي وهوَ الصداقة الرائعة.

فكرت نادية، ثُمَّ قَالَتْ:

-مُوَافَقَة.

من يومها لَمْ تجع نادية، وَلَم تشعر بالبرد، وَكَذَلِكَ الحال مَع وَفَاء التي لَمْ تحس بِالمَللِ، الغريب ان المديرة وَحِينَمَا عرفت بِهَذِهِ القصة، اقترحت عَلَى الطالبات ان يفعلن مثل هَذَا الأمر، وَهَكَذَا تحولت المَدْرَسَة كلها إلى مكان رائع لا يجوع أوْ يبرد أوْ يشعر بِالمَللِ فِيها أحد، فكل بنت فِيها شريكة لبنت أخرى تعوضها مَا ينقصها.