من أجل الوئام والسلام في مجتمع متعدد الأديان

تخطف منظمات الإرهاب الإسلاموي في بلاد المسلمين الإسلام من أهله، وتفسره وتُعْمِلُه لشرعنة إبادة المذهب الإسلامي الآخر (السني أو الشيعي) ولإبادة الكفار والمسلمين المرتدين فيها، مكانياً بالتهجير، أو بيولوجياً بالقتل والتدمير. وهي بهذه الاستراتيجية تقوم بإرهاب مزدوج يمكن أن ينتهي - كما يبدو من سير الأمور- بتفكيك نسيج المجتمع ووحدته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية والجغرافية، إلى أجل غير مسمى. اضافة اعلان
لا يكفي رد الساسة وبعض المثقفين وبخاصة في البلدان الناجية بعد كلياً أو جزئياً من الإرهاب، وصفهم الإرهابيين بالخوارج، وأنهم لا يمثلون الإسلام، وأن الإسلام بريء من جرائمهم التي تلحق أكبر الضرر به، ضاربين أمثلة منتقاة من الدين والتاريخ على سماحته واستيعابه لجميع المذاهب والأديان، لأن هذا الرد وهذه الأمثلة لم تُحدِث تغييراً في العقلية العامة المسلمة المؤيدة لهذه المنظمات، والمغذية لها بالمال والرجال والنساء، وإلا ما واصلت الإرهاب.
كما لم ينفع شجب رجال الدين المسلمين للإرهاب ومطالباتهم بوقف النشاطات الإجرامية أو في التخفيف منها. لقد علا صوت شيخ الأزهر، والمفتين، ووزراء الأوقاف في بلاد المسلمين من تكرار الشجب كلما وقع حادث إرهابي فظيع هنا أو هناك، وبخاصة ضد مواطنيهم من المذاهب أو الأديان الأخرى كالشيعة والسنة، أو من مواطنيهم المسيحيين في العراق وسورية ومصر.
إن المسيحيين في بلاد المسلمين وبخاصة العربية، هم الأصل فيها، وسابقون وجوداً وديناً بستمائة سنة على وصول الإسلام إلى بلادهم. كما أنهم في سورية والعراق ومصر (القبط منEgypt) أشبه بالشهر العقاري أو بالشهادة التاريخية الباقية والمصدقة على مصريتهم وعراقيتهم وسوريتهم التي لا يملك الإرهابيون (الطارئون عليها) مثلها. لكن الإرهابيين الإسلامويين يقدمون الدين/ المذهب على الوطن / الجغرافيا والموت على الحياة.
نعم، كان التعليم وما يزال بما في ذلك الإعلام والتعبئة الدينية السلفية الجهادية المتواصلة حاضناً لفكرهم أو للتكفير ودفيئته، على الرغم من الجهود التي تبذل لتدجينه وتحريره، لكنه يحتاج إلى وقت طويل لعكس الصورة.
غير أنه - وفي أثناء ذلك - يمكن اتخاذ إجراءات أو عمل ترتيبات عاجلة لرأب الصدع وتضييق الشقة بين مكونات المجتمع. ومن ذلك – مثلاً- تعديل اسم وزارات الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في بلاد المسلمين إلى وزارات الأوقاف والمقدسات والشؤون الدينية، ما دام يوجد في البلد الواحد مذاهب واديان أخرى دائمة وليست طارئة يجب شمولها بالرعاية والعناية، كيلا يشعر أهلها كأنهم  منبوذون.
إن هذا يعني فتح الوزارة لأبناء وبنات أصحاب المذاهب والأديان الأخرى في المجتمع/الدولة للعمل فيها، فيكون وزير الأوقاف والمقدسات والشؤون الدينية مسلماً سنياً  - مثلاً – ووكيله شيعيا أو قبطيا / مسيحيا... وهكذا في بقية المديريات والأقسام/ في الوزارة والميدان.
بهذا التحول أو هذه الإجراءات والترتيبات يستمر الحوار بين المذاهب وبين الأديان ولا يغيب، ويحصل الاندماج والاعتراف والاحترام والوئام والسلام بينها، وهو ما يتمنى المسلمون الذين يعيشون في البلاد ذات الأكثرية غير المسلمة كالهند والصين وروسيا .. الحصول عليها. وفي الأردن بالذات تأتي ترجمة لفكرة الوئام بين الأديان واستكمالاً للرعاية الملكية السامية للمقدسات الإسلامية في القدس /فلسطين.
أعرف ان الدبابير ستهجم عليّ جراء هذه الدعوة، ولكن لا يأس في سبيل الصالح العام والوئام والسلام، فإذا " كان جميلاً أن يموت المرء من أجل وطنه / شعبه فإن الأجمل منه أن يعيش من أجلهما".