من ذاكرة أبو عودة السياسية

محمد الشواهين

عدنان أبو عودة؛ السياسي الأردني المخضرم، تحدث بصراحة إلى قناة "العربية"، على امتداد أربع حلقات من برنامج "الذاكرة السياسية"، والتي تابعها ملايين المشاهدين على امتداد الوطن العربي الكبير، عن بعض القضايا التي لم يتجرأ أحد من قبله على الخوض فيها.اضافة اعلان
وما يهمني في هذا المقال أن أشير إلى بعض المسائل المهمة التي ورد ذكرها في تلك الحلقات؛ منها تحويل الرأي العام الدولي بشأن الضفة الغربية من "أرض محتلة" إلى "أرض متنازع عليها". فهذه مسألة غاية في الأهمية والخطورة، ونتائجها ملموسة في الواقع حاليا. وهي في الأصل فكرة وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر، الذي سوقها لوزير الخارجية المصري الأسبق إسماعيل فهمي، وهذا بدوره قام بتسويقها للرئيس أنور السادات. والتقطها للأسف ياسر عرفات (أبو عمار).
كما أن جيمس بيكر الذي تولى حقيبة الخارجية الأميركية خلال حرب تحرير الكويت عقب الغزو العراقي، يقول إنه لن تقوم دولة فلسطينية، بل كيان أقل من دولة، وأعلى درجة من حكم ذاتي، حسب عدنان أبو عودة.
وفي أحد لقاءات أبو عودة مع جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه، أثناء عمله مستشارا سياسيا لجلالته، سأل أبو عودة الملك، ما إذا لمس من خلال لقاءاته مع المسؤولين الإسرائيليين نيتهم الانسحاب من القدس. فأجاب الحسين: لا. وكذلك ما إذا كانت لديهم الرغبة في إعادة الضفة الغربية كاملة للأردن. فأجاب جلالته أيضا: لا.
وبشأن الغزو العراقي للكويت، فإن جلالة الحسين كان يدرك جيدا الأخطار التي سوف تعقب هذه الأزمة. لذلك عمل جاهدا على عدم تدويلها، وإبقاء الحل ضمن البيت العربي. لكن حدث ما حدث من دمار وخراب.
من خلال هذه الومضات في حديث ضابط المخابرات ثم وزير الإعلام، فرئيس الديوان الملكي وعضو مجلس الأعيان، وأخيرا كان مستشارا سياسيا لجلالة الملك، يبدو جليا أن الرجل كان قريبا من رأس هرم الدولة وصناع القرارات. وقد أشار بوضوح إلى حنكة جلالة الملك الحسين ووعيه السياسي ونظرته الثاقبة، ما أنقذ الأردن من كثير من المخططات الصهيونية من جهة، وجنبه كوارث كانت تنتظر كل الدول التي لم تبعث جيشا لمحاربة صدام، من جهة ثانية، وعلى رأس القائمة الأردن. فالقيادة الأردنية الرشيدة حرصت كل الحرص على سلامة العراق وشعبه ووحدة أراضيه، كعمق عربي استراتيجي.
لو استمع القادة العرب لصوت الحكمة التي تحلى بها المغفور له الملك الحسين، لما كانت هذه حال العرب والعروبة اليوم.