هل تكفي موازنة "الصحة" لتجويد خدماتها؟

محمود الطراونة

عمان - في وقت تعكف فيه وزارة الصحة على اعادة هيكلها التنظيمي، يرى خبراء ووزراء سابقون لـ”الصحة”، ان الموازنة المرصودة للوزارة للعام 2022 قليلة نسبيا، اذا ما اخذ بالحسبان ملف فيروس كورونا، وزيادة السكان، الى جانب ضرورة تحسين جودة خدمات الوزارة التي تعاني في الاساس ضعفا شديدا، ونقصا في الاختصاصات والادوية، واخراج التأمين الصحي الشامل الى حيز الوجود.

اضافة اعلان


فالقطاع الصحي، وفقهم، يعاني تشتتا، سببه ضعف المحاسبة والشفافية، ما يتوجب فصل مقدم الخدمة عن مراقبها، وملف جائحة كورونا عن عمل الوزارة وخدماتها وتأثيراته التي أدت الى تراجع مستوى الخدمة وتقليصها.


وكان وزير الصحة فراس هواري، اشار الى ان مشكلة الوزارة لا تكمن في موازناتها والاموال، بل في ضعف الادارة”.


وزير صحة اسبق، رفض الكشف عن اسمه قال لـ”الغد”، ان على الوزارة مراقبة اداء كوادرها وحجم هدرها المالي، ومراقبة خدماتها وتنظيم آليات عملها، معتبرا ان الموازنة كافية اذا استخدمت جيدا، واستغلت الموارد البشرية في القطاع الصحي الحكومي وحده، وليس في العمل الخاص، على حساب عمل الوزارة.


ولفت الى ضرورة ان توزع الوزارة موازنتها وخدماتها، لتشمل: الشمال والجنوب، وألا تتركز في العاصمة، بخاصة وان تلك المناطق، تعاني ضعفا شديدا وتدنيا في خدماتها.


وبحسب مشروع الموازنة، فقد بلغت مخصصات الوزارة 644 مليونا و244 ألف دينار، بينما تسعى الوزارة، وفق موازنتها المقدرة، لرفع عدد الوظائف الصحية (طبيب، صيدلي، ممرض وقابلة قانونية، فني صحة ومهن طبية)، إلى 28,635، باستحداث نحو 1796 وظيفة العام المقبل.


ورصدت الوزارة ضمن مخصصاتها للعام المقبل مليون دينار و100 ألف لحوسبة عملها، ومليون و750 ألفا لتحديث أجهزتها وأثاثها غير الطبي، و3 ملايين لتدريب وتأهيل وإدارة كوادرها في نطاق برنامج تنمية القوى البشرية.


كما وتسعى لرفع عدد أسرة الطوارئ في المستشفيات إلى 820، ودعم المركز الوطني لمكافحة الأوبئة والأمراض السارية بـ3 ملايين و600 ألف دينار العام المقبل، بينما خصصت وزارة المالية 110 ملايين دينار لمكافحة جائحة كورونا، و330 مليون للسنوات الثلاث المقبلة.


وبلغت أعداد ا لكوادر البشرية بالوزارة 35071 موظفا لسنة 2020، بارتفاع مقداره 151 موظفا عن العام الذي سبقه، إذ بلغ عدد كوادرها فيه 34920، فيما تشير أرقام مشروع قانون الموازنة لسنة 2021 لارتفاع عدد الكوادر الى 1036، ليرتفع عددهم إلى 36107.


وبلغت قيمة رواتب الموظفين لسنة 2019 نحو 251329876 دينارا، بينما بلغت سنة 2020 نحو 271689000 دينار، وارتفاع إجمالي رواتب الكوادر البشرية إلى 281579000 للعام الحالي.


وكان مجموع النفقات الجارية والرأسمالية للوزارة بـ599 مليونا و873 ألف دينار لسنة 2021، بانخفاض قدره 3 ملايين و123 ألفا عن موازنة 2020 التي بلغت 602 مليونا و906 آلاف.


وبلغت النفقات الجارية لسنة 2021 نحو 542 مليونا و109 آلاف، والنفقات الرأسمالية 57 مليونا و674 ألف دينارا. بينما بلغ عدد مستشفيات الوزارة 33 العام الحالي، بالإضافة لـ119 مركزا صحيا شاملا و387 مركزا صحيا أوليا و186 مركزا صحيا فرعيا و490 مركز أمومة وطفولة.


كما بلغ عدد الأسرة في المستشفيات 6020 سريرا العام الحالي، مقارنة بـ5231 عام 2020، ووجود 1742 طبيب اختصاص مقارنة بـ1456 في العام 2020.
ويعاني القطاع الصحي من تشتت على أكثر من مقدم خدمة وجهة (الوزارة، الخدمات الطبية، المستشفيات الجامعية).


ويعد نقص الموازنات المالية للقطاعات الصحية سنة بعد سنة سببا في المعاناة التي تمر بها الوزارة من نقص الادوية والاختصاصات، وضعف جودة الخدمات التي تقدمها.


واوضح الخبراء، ضرورة وجوب وجود مظلة واحدة للقطاعات الصحية، ترعى هذه القطاعات وتضع الاستراتيجيات لعملها، وفصل مقدم الخدمة الصحية عن مراقب تقديم هذه الخدمة، واخراج التأمين الصحي الشامل إلى حيز التنفيذ، بالاضافة لفصل الرعاية الصحية الأولية عن الخدمة المقدمة في المستشفيات والتركيز على المراكز الصحية الشاملة ووضع بروتوكولات لتحويل المرضى.


وفي السياق نفسه، قال مدير الموارد البشرية الاسبق في الوزارة الدكتور عبدالرحمن المعاني، ان لجنة التخطيط التي تنظم عمل الوزارة لا تجتمع دوريا، وان ما يصرف فعليا للوزارة، ينقص بـ50 مليون دينار سنويا عن الموازنة الفعلية التي تناهز الـ600 مليون سنويا، بحيث يعود لوزارة المالية.


وأضاف ان موازنة القطاع الصحي بمجملة، تصل الى 8% من مجمل الدخل القومي، اذ تصل نسبة القطاع الحكومي منها الفتات، فيما تحتاج الوزارة لاعادة تأهيل اولوياتها.


ولفت الى ان الجنوب والشمال، يخلو من اطباء واقسام قلب وحروق وكلى وجراحة اطفال، بينما يقدم اطباء مختصون الخدمات بمعدل يوم اسبوعيا، وهذا غير كاف.


واشار الى ان الكثير من الادوية الحيوية الرئيسية غير موجودة في مستشفياتها، بالاضافة لضعف التدريب والتعليم المستمر لكوادرها، لافتا الى ان غالبية مراكزها ومستشفياتها تحتاج الى صيانة، بينما انشئت غالبية المراكز واقسام الطوارئ واعمال الصيانة من حسابات المنح من دول خارجية، فضلا عن ملف كورونا.


العميد المتقاعد من الخدمات الطبية الدكتور رياض الصرايرة ، قال إنه لا بد من فصل ملف كورونا واناطته بمركز الاوبئة او بمديرية متخصصة في الوزارة، وزيادة الموازنة المالية المخصصة للوزارة، بما يتناسب مع الزيادة في عدد السكان والمواليد الجدد والاعباء التي ترتبت على مستشفياتها، نتيجة الهجرات التي قدمت الى المملكة، وآخرها اللجوء السوري، ورفد الوزارة بالاطباء الاختصاصيين من القطاع الخاص، بدوام كامل (وليس يوما او يومين في الاسبوع)، كاسعاف اولي، ورفد الوزارة والمستشفيات بالكوادر في مختلف المهن، بما في ذلك الأطباء العامون من مخزون ديوان الخدمة المدنية.


وشدد الصرايرة، على اهمية تفعيل برامج التدريب والتأهيل للكوادر الطبية والصحية داخليًا وخارجيًا، وعقد دورات وورش تدريبية لها، وتخصيص موازنات خاصة بالتدريب مفصولة عن موازنة الوزارة، والتوسع في برامج الاقامة للاطباء، والتركيز على تخصص طب الاسرة.

إقرأ المزيد :