النصف الكسول من العالم!

يقول تقرير صدر مؤخراً أن ثروات 26 شخصا في العالم تعادل ما يملكه نصف سكّان العالم!
في ذات اليوم كشف المجلس القومي للسكان في دولة عربية مكتظّة، أن عدد مواليدها في كل عام، هو 2.5 مليون نسمة، وهو نصف عدد مواليد قارة أوروبا بأكملها!اضافة اعلان
أي أن هذه الدولة الواحدة، تنجب كل عام من البني آدمين ما تنجبه 47 دولة مجتمعة، هي دول القارة الأوروبية.
حيث ارتفع عدد سكان الدولة العربية المذكورة بنسبة 300 % خلال الـ57 عاماً الماضية.
الأرقام مرعبة، وقاسية. فنحن لا نلتفت للحقائق التي تحدث حولنا، لذلك تصدمنا الأرقام، وتضعنا أمام ما نفعله نحن: النصف الكسول من العالَم!
نحن، بفحولتنا الهائلة، نعمل بشكل حثيث على زيادة أعداد الجوعى، والمرضى، والمتسولين، والمعاقين، وضحايا زواج الأقارب!
فيما يعمل النصف الآخر من العالم، على صناعة أدوية المغص لمواليدنا الجدد، ثمّ.. الألعاب، وخافض الحرارة، والملابس، والهواتف، والكمبيوترات، والسيارات، والأغذية المحفوظة، ويخترع لنا أشكالاً متنوعة من البيتزا كي لا نملّ!
نحن بخصوبتنا الفريدة، وظيفتنا الوحيدة في الأرض هي الولادة.
ووظيفة العالم أن يصنع لنا حفّاظات للأطفال و(عضّاضات) بلاستيكية يعضُّ عليها أطفالنا الذين لا نعرف لماذا يولدون غاضبين!
نصف العالم يستخدم عقله، ونصفه الآخر يستخدم وظائفه الحيوية الأخرى!
ونستشيط غضباً إن انكسرت بين يدينا لعبة أو ريموت تلفزيون، ونشتم "اليابانيين" الأغبياء الذين "لا يفهمون"!
مجتمعاتنا ليست فقط استهلاكية، بل "منتجة" لملايين المستهلكين الجدد على مدار الليل! ثم نقضي النهار في مناشدة العالم صناعة "حظ" لمواليدنا المدلَّلين!
نحن نصنع أقدارنا السيئة بأيدينا، ثم نروح نلوم كل من نعرف ولا نعرف على حظّنا في الحياة. نحمّل مسؤولية جوعنا "للجهات الإمبريالية"، وتخلّفنا "للحروب الصليبية"، ونحمّل المشكلة السكانية "للماسونية العالمية" التي تعمل ليل نهار للقضاء على عرقنا المتفوق صانع الأعاجيب!
مع أن الذكاء بيّن، والغباء بيّن. وأسباب الجوع واضحة، وأسباب الجريمة واضحة، ولا أفهم لماذا نصرّ على رفد العالم يومياً بملايين المواليد الذين لا مساحة لهم في البيت حتى للنوم!
ننجبهم ونقذفهم في وجه العالم كفقراء يرجون فرصة عمل أو لاجئين يبحثون فقط عن مساحة لمخدة نوم.
فيما يواصل العالم الكافر صناعة العلم، والنظريات، والإلكترونيات، والسيارات، والهواتف، وحتى ملاعق البلاستيك التي نحرّك بها الشاي على باب مستشفى الولادة!
علينا أن نعترف أننا أمّة تعيش أسوأ فترات انحطاطها،.. وأنَّ المدى المنظور لا يبشّر أبداً بقدرتنا على صناعة شيء، أي شيء. (حتى أحزمتنا الناسفة نشتريها من الغرب)!
وفيما العالَم يصنع، ويتطوَّر، ويصعد للكواكب الأخرى، وفيما أسماء مصانعه وماركاته التجارية تملأ بيوتنا وملابسنا، من الثلاجة إلى نكاشة الأذن القطنية، نتشدَّق نحن بعنجهية واعتداد بالنفس وأغان تثير الغثيان!