التلفزيون الأردني.. استعادة جدية الماضي

يفتقد التلفزيون الأردني، وللأسف، في هذه الأيام، لبرامج علمية وأدبية وتاريخية هادفة، تعود بالنفع الثقافي والمعرفي على المشاهد أو المتابع لها، على غرار برامج ثقافية ذات مغزى كان التلفزيون الأردني غنيا بها، بل كان يُصدر بعضها لدول عربية.اضافة اعلان
ورغم أن الأردن كان سباقًا في مثل تلك البرامج الثقافية العلمية الهادفة، على غرار البرامج التي كان يُقدمها المرحومان رافع شاهين (فكر واربح)، وشريف العلمي (مختصر مفيد، وسين جيم)، والدكتور عمر الخطيب (بنك المعلومات)… فتلك البرامج كانت هادفة وغنية بالمعلومات، والتي كانت بكل تأكيد تعود بالفائدة على المشاهدين، وخصوصًا من أبناء الوطن.
ما دفعني لكتابة الكلمات السابقة، هو برنامج ثقافي مشابه للبرامج التي كانت في فترة من الأزمنة يزخر بها التلفزيون الأردني، الذي نُكنّ له كل احترام وتقدير… البرنامج الذي أتحدث عنه وأشاهده كما الكثير من أبناء الشعب العربي هو «العباقرة – عائلات»، والذي يقدمه الروائي الكبير عصام يوسف على شاشة «القاهرة والناس».
لهذا البرنامج فوائد جمّة، لكن من أهمها فائدتان، الأولى هو غناه بالمعلومات المختلفة وفي شتى المجالات، فهو مُقسم إلى عدة أجزاء، يتضمن الجزء الأول: العلم ويندرج تحت هذا الموضوع أسئلة مرتبطة بالجغرافيا والتاريخ والأدب والعلوم، فيما يتضمن الجزء الثاني: المعرفة، حيث يندرج تحتها أسئلة لها علاقة بالمعلومات العامة والرياضة والتكنولوجيا والقدرات الذهنية.
في حين يتضمن الجزء الثالث: الفنون، ويندرج تحت هذا الموضوع: السينما والمسرح، والأغاني والموسيقا، ولوحات ومعالم، وسرعة البديهة، أما الجزء الرابع فهو تحت الضغط، حيث يخضع المتسابق لعشرة أسئلة يتوجب عليه الإجابة عليهم خلال 45 ثانية فقط، بمعنى ثان أنه أمام ذلك المتسابق 4.5 ثانية للإجابة على كل سؤال من الأسئلة العشرة.
تلك الأجزاء تتضمن معلومات ثقافية وعلمية وتاريخية وأدبية وفنية ورياضية وكذلك تكنولوجية، يحصل من خلالها المتسابق والمشاهد، على حد سواء، على معلومات جديدة، وبنفس الوقت مفيدة، ناهيك عن أنها تعلم الثقة بالنفس والجرأة المشروعة والاعتزاز والاعتداد بالنفس.
أما الفائدة الثانية من هذا البرنامج، فهي مادية، لكنها لا تعود على المُتسابق، الذي يحصل على مقابل كل نقطة من نقاط المرحلة الأولى على خمسمائة جنيه مصري، وفي المرحلة الثانية يحصل على 1500 جنيه مقابل كل نقطة… كل الأموال التي يتم جمعها، خلال فترة المسابقة التي تستمر طوال شهر رمضان المبارك، تُستغل لدعم المشروعات الصغيرة لأهل مصر، وذلك من خلال الراعي والداعم، وهو البنك الأهلي المصري.
زبدة القول، لماذا نفتقد لبرنامج مثل ذلك البرنامج المصري (العباقرة – عائلات)، ولماذا لا يكون هناك مصانع كبرى وشركات تجارية ومؤسسات مصرفية ومالية وبنوك، تقوم برعاية برنامج ثقافي علمي، وتدعمه من أوله حتى آخره، ماليًا، ومن ثم يتم استغلال الأموال التي تأتي من البرنامج في دعم مشروعات صغيرة، أو بناء مراكز صحية شاملة، أو إنشاء غرف صفية في مدارس بحاجة إلى توسعة، وبالأخص في المناطق النائية، أو حتى تجهيز مختبرات علمية وكيميائية أو مراكز حاسوبية.
بهذه الطريقة، نكون قد ضربنا أكثر من عصفور بحجر واحد، فمن ناحية يعود الألق للتلفزيون الأردني، والذي كانت له الريادة والسبق في مثل هذه المواضيع، لا بل مجالات كُثر، ومن ناحية ثانية دعم المشروعات الصغيرة، وبالتالي تخفيف نسب الفقر ومعدلات البطالة، ومن ناحية ثالثة، تكون دعاية للمؤسسة أو المنشأة التي تدعم البرنامج، ولا يوجد في الوقت نفسه ما يمنع من خصم ما تقدمه تلك المؤسسة أو الشركة أو البنك من أموال من ضريبة الدخل.