ازدواجية ونفاق المواقف الغربية تجاه الحقوق الفلسطينية

يستهدف هذا المقال أولئك الذين تجاهلوا القانون الدولي باعتباره حجر الزاوية للسلام العالمي والكرامة الإنسانية والحقوق. ويستهدف بشكل خاص السياسيين الغربيين الذين على الرغم من معرفتهم بالقانون الدولي، يتجاهلون احتلال إسرائيل الصريح لفلسطين وتداعياته اللاحقة. اضافة اعلان
ولا يهمل القادة السياسيون الغربيون هذا الاحتلال الاستيطاني وتداعياته فحسب، بل يدعمون استمرارها علنًا. إن التناقضات الواضحة التي تظهرها دول غربية مهمة مثل الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وكندا، تقوض فعالية القانون الدولي ومكانته في الشئون العالمية.
تؤكد العديد من الوثائق الدولية على حق الدول الواقعة تحت الاحتلال الأجنبي في المقاومة وتقرير المصير. ويسلط ميثاق الأمم المتحدة الضوء على هذا الحق باعتباره حقًا أساسيًا ويؤكد على سيادة كل دولة. ويعكس العهدان الدوليان الخاصان بالحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية هذا الشعور. على سبيل المثال، تنص المادة الأولى من كلا العهدين على أن لكل دولة الحق في تقرير مصيرها السياسي.
علاوة على ذلك، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارات في الأعوام 1960 و1970 و1974، وكلها تعزز حقوق الدول الواقعة تحت الاحتلال أو الحكم الاستعماري. وتعزز اتفاقيات جنيف أيضًا حقوق هذه الدول في التماس الدعم والحصول عليه في سعيها لتقرير المصير.
أما القرار الأكثر أهمية ذلك الصادر عن الجمعية العامة في تشرين ثاني/نوفمبر 1974 أكد على شرعية نضال الشعوب من أجل الاستقلال وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية والتحرر من السيطرة الاستعمارية والأجنبية والاحتلال الأجنبي بكافة الوسائل المتاحة بما فيها الكفاح المسلح.
وفي حين أن للفلسطينيين الحق، المرتكز على هذه المبادئ العالمية، في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، فإن الدول الغربية الكبرى تدعم الاحتلال الإسرائيلي بشكل متناقض، وهو ما يتعارض مع المعايير الدولية للقانون وحقوق الإنسان.
إن مثل هذا النفاق فيما يتعلق بالقانون الدولي يعمل على تعزيز جو من ازدراء القانون والاتفاقيات العالمية، مما يقلل من التعهد العالمي بالسلام والعدالة. وكانت تداعيات هذا الموقف ولا تزال كارثية.
ويتجلى هذا النفاق في الوقت الحاضر في أن هذه الدول تدعم بشكل جماعي حق الشعب الأوكراني في الدفاع عن أراضيه وحقوقه، في ذات الوقت الذي تدعم فيه هذه المجموعة من الدول استمرار الاحتلال الإسرائيلي لتكريس احتلاله لفلسطين وإهانة كرامة شعبها.
إن المسعى الفلسطيني لتحقيق العدالة وتقرير المصير بموجب الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان يؤكد على ضرورة التمسك المستمر بالعدالة على مستوى العالم، دون أي تحيزات استراتيجية أو سياسية. إن الموقف المتناقض للدول الغربية الكبرى لا يقلل من معاناة المقهورين فحسب، بل يؤدي أيضًا إلى تآكل ركائز القانون الدولي.
تجسد القضية الفلسطينية الموضوع الأوسع المتمثل في "المعايير المزدوجة" العالمية. فعندما تتجاهل الدول الغربية الكبرى، التي تزعم أنها تدافع عن القانون الدولي، بشكل صارخ الانتهاكات الإسرائيلية، بل وتبررها وتعتبرها دفاعا عن النفس، فإن ذلك يقوض الثقة في المؤسسات الدولية ويقلل من جوهر القانون الدولي.
يمكن القول إن دعم الاحتلال الإسرائيلي من قبل الدول الغربية هو مظهر من مظاهر عقلية التفوق الاستعماري على الحضارات والشعوب غير الغربية، ويبدو أنهم يحترمون القانون الدولي وحقوق الإنسان فقط عندما يكون ذلك مناسبًا لمساعيهم الجيوسياسية.
ومن الأهمية بمكان بالنسبة للمجتمع الدولي، وخاصة الدول الغربية ذات النفوذ، أن تقوم بإعادة النظر في مواقفها وإعادة مواءمتها مع القيم التي تدعي أنها تدافع عنها. إن قدسية الاتفاقيات الدولية، والإيمان بالمؤسسات العالمية، والأهم من ذلك، حق الفلسطينيين في تقرير المصير وحياتهم تتوقف على هذا التحالف.