التهافت على الأسواق والإجراءات

بعد إعلان الحكومة السبت الماضي عن إجراءاتها الجديدة والمتشددة لمنع وصول وانتشار فيروس كورونا المستجد حتى شهدت الأسواق والمراكز التجارية بمختلف أنواعها تهافتا كبيرا على شراء المواد الغذائية والسلع الأساسية والمعقمات والأدوية وغيرها استعدادا للمرحلة الجديدة التي فرضتها الإجراءات. هذا التهافت كان متوقعا، بالرغم من كل الانتقادات التي طالته وطالت المواطنين الذين قاموا به، حيث تبارى البعض في ذلك، فيما تلبس آخرون ثوب الحكمة وتوجيه النصائح للمواطنين للابتعاد عن هذه السلوكيات "الغريبة" وغير المحببة، وكأننا نعيش في "المدينة الفاضلة". طبعا، التهافت على الشراء في الأزمات بالشكل الذي تم يتسبب بالكثير من الارتباك في الأسواق، ويساهم بالفوضى، وبارتفاع الأسعار وبنقص السلع الأساسية، ولكن ذلك كان متوقعا، ولذلك كانت التحذيرات الحكومية المسبقة بعدم الخوف والهلع اللذين يتسببان بهذه الحالة المرفوضة والسلبية. ولكننا علينا أن نقر، أن مثل هذه السلوكيات المرفوضة في كل الدنيا، تظهر في الظروف الاستثنائية، وهذا ما شهده العديد من الدول المتقدمة كالولايات المتحدة الأميركية وغيرها. لذلك فالتحذيرات الحكومية في مثل هذه الحالات لا تنجح بالحد من التهافت وغيره من السلوكيات المرفوضة، إذا لم تترافق بإجراءات وخطوات مدروسة وفعالة لمواجهة الحالة الطارئة والاستثنائية. يوم السبت، وبالرغم من التوقعات بإجراءات حكومية مشددة للتعامل مع فيروس كورونا، إلا أنها تجاوزت التوقعات، إذ كانت الانظار تتجه لإجراءات متعلقة بالدراسة في المدارس والجامعات والتجمعات، فجاءت تقريبا شاملة وواسعة حيث شملت رحلات الطيران والتجمعات بمختلف أنواعها والدراسة وغيرها. هذه الإجراءات المشددة، تزامنت مع اكتشاف حالتين مصابتين بفيروس كورونا المستجد في كندا وكيان الاحتلال قادمتين من الأردن، ما زاد من المخاوف والشكوك، وقلص نوعا ما من الثقة في الإجراءات الحكومية المتخذة قبل الاعلان عن الحزمة الجديدة، لاسيما، أن الحكومة أعلنت خلو الأردن من الفيروس بعد علاج وشفاء الحالة الوحيدة المصابة بالفيروس. لذلك، وفور الاعلان عن الإجراءات الجديدة، شهدت الأسواق تزاحما وتهافتا غير مسبوق ناتجا عن قلق شديد وخوف كبير من المستقبل، وخشية من عدم قدرة الحكومة على التعامل مع الفيروس في حال انتشاره في الأردن كبلاد أخرى وتزامن ذلك، مع اعلان دول كالولايات المتحدة والسعودية والإمارات عن تخصيص مليارات من الدولارات للتعامل مع هذا الفيروس ومايفرضه من تحديات صحية وانسانية، فزاد ذلك من المخاوف الشعبية في ظل ما نشهده من ظروف اقتصادية ومالية صعبة. نحن الآن نعيش في ظرف استثنائي يفرض علينا جميعا حكومة وشعبا تعاملا مختلفا ومشددا واستثنائيا، ولكنه في الدرجة الأولى يفرض تحديا كبيرا وغير مسبوق على الحكومة وطريقة تعاملها مع الحدث. ويبدو، أن الحكومة تتعلم من اخطائها، ولكنها يجب ان تكون حذرة جدا في الخطوات والاجراءات والقرارات التي تتخذها لمواجهة هذا الفيروس وتحدياته. الكرة الآن في ملعبها بالدرجة الأولى، فما تفعله وتنفذه وتخطط له سينعكس فورا على الردود الشعبية، فإذا كانت قراراتها مرتبكة، فالارتباك سينتشر شعبيا، وإذا كانت إجراءاتها غير حازمة وغير فعالة، فإن الهلع والخوف سيتمددان وينتشران. الأمر في غاية الأهمية، لا نحتاج إلى تجارب وقرارات متسرعة، وانما إلى اجراءات مدروسة وفعالة، وإلى حكمة في التعامل مع الحالة الاستثنائية الحالية.اضافة اعلان