التوقيف الإداري كاعتقال على البيعة

لم يعد من الممكن، ونحن في عصر حقوق الإنسان، أن نسكتَ على الطريقة التي يتم بها تطبيق الصلاحية المعطاة للمدعي العام في توقيف المدعى عليه/ها، كائنة ما كانت التهمةُ التي يمكن ألا تتجاوز ذما أو تحقيرا. إذ لا يعقل أن يُعطل المرءُ عن العمل والالتزامات والحياة الأسرية والعامة لأنَّ المدعي العام رفض تكفيل الشخص في قضايا ليست من العيار الثقيل، ولا جريمة قتل أو الشروع فيه. ففي هاتين يصبح احتمال الهروب واردا. أما في قضايا جزائية طفيفة كيف يمكن مثلا تعطيل الشاب هاشم العامر عن جامعته، أو مفكر محترم مثل الأستاذ معاذ بني عامر في تهم رفض فيها تكفيلهما؟؟ فالأصل في رفض التكفيل أن تكون الدعوى في أمر جنائي وليس في قضية يمكن أن تكون كيدية، أو يمكن أن تنتهي إلى صلح على فنجان قهوة. إن هذا السلوك الغريب يضرب بعرض الحائط بحقوق الإنسان، كما أنه بمثابة إصدار حكم قبل صدور الحكم، مما يعني أن المتهم ليس بريئا قبل الحكم، مع أنه قد يكون بريئا بعده. إن تعطيل المواطنين/ات عن حياتهم/ن قد يستغرق أسابيع وأكثر، وهي مدد لا يحسبها القاضي من جملة العقاب، إلى جانب أنها كلفة غير ضرورية على الدولة لإيواء السجناء، وكلفة هدر مجاني من جيب المواطن/ة ليس لها في القانون أي تعويض! إنه لمن المحزن حقا أن أجد زملاء أفاضل وشبابا وطنيا لامعا وكتاباً محترمين قد أودعوا السجنَ، توقيفاً، مع المجرمين وتجار المخدرات والحرامية والمحتالين وربما القتلة، وأنَّ المدّعي العام رفض تكفيلهم، في قضايا لا يتجاوز الحكمُ فيها إن ثبتت، الشهرين سجناً! ومثل أي شأن نودُّ إصلاحه في بلدنا الغالي نأملُ تحديد الجرائم التي يجب أن يتمَّ فيها التوقيف، دون حاجة إلى اختراق حق الناس المقدّس بالحرية، بالمزاج والاجتهاد الشخصي لصاحب القرار. عندما اصطدمت لأول مرة بإجراء التوقيف هذا، ذُهلتُ، وطلبتُ من المدّعي العام ألا يوقف المدَّعى عليهم، مع أنهم متّهمون من قِبَلي بالتحريض على القتل. وأظنُّ أن المدّعي العام تفهَّم رغبتي في قرصة أذنٍ لا أكثر، ولا يكون ذلك بالإيذاء العمد وسلب حرية المتهمين عن أعمالهم ومسؤولياتهم. دعونا لا نفقد الأمل!اضافة اعلان