في ضيافة الكويتيين

عندما تلقيت دعوة من وزارة الإعلام الكويتية لزيارة دولة الكويت والاطلاع على التجربة النيابية وانتخابات مجلس الأمّة التي أقيمت في السادس من حزيران، لمستُ أهمية هذه الزيارة واستثمار الفرصة للاقتراب أكثر، والاطلاع على العملية الديمقراطية المشهود لها منذ عقود في هذا البلد.

اضافة اعلان


الأيام القليلة التي قضيتها في الكويت، كانت مليئة بالتجارب واللقاءات المهمة، تعرفتُ عن قرب على أفكار وتوجهات المرشحين والرموز السياسية البارزة، والصفات التي يبحث عنها الناخب في المرشح، والأولويات لدى الشعب الكويتي.

 

الانتخابات الأخيرة حدث مُهم شهد تنافسًا سياسيًا شديدًا بين عدة أقطاب، وأسفرت نتائج هذه الدورة عن فوز نواب المعارضة بـ29 مقعدا من بين 50 مقعدا.


خصوصية غاية في الأهمية، ولافتة إلى حد كبير يتمتع بها الكويت خليجيا، فهو يتيح صلاحيات فعلية لمجلس الأمّة، وتعتبر التجربة الديمقراطية التي بنيت عبر سنوات طويلة هي الأقدم في تلك المنطقة، بينما تطغى المشاعر القومية على مجمل العملية السياسية هناك.


في الانتخابات النيابية الأخيرة، كانت هناك تخوفات من عزوف الناخبين عن الذهاب لمراكز الاقتراع والإدلاء بأصواتهم، خصوصا مع حلّ أكثر من مجلس برلماني سابق خلال وقت قصير، والشعور لدى البعض بعدم جدية التغيير، وأن العملية السياسية التي يشاركون فيها لم تعد تلبي مطالبهم. ولكن، يبقى ذلك الحراك والمنافسة الفكرية الشديدة من المظاهر السياسية الصحية، وعبر ممارسات حقيقية، على أمل أن يكون القادم أفضل.


في المجلس الحالي عاد 25 نائبا إلى المقاعد النيابية من المجالس السابقة، ودخل 12 عضواً جديداً إلى تركيبة البرلمان، منهم 10 وجوه جديدة تدخل مجلس الأمّة للمرة الأولى، ويعوّل عليهم كثيرا في أن يكون لهم تأثير حقيقي في المجلس.

كما أعيد انتخاب كل من رئيس مجلس الأمّة، مرزوق الغانم، وأحمد السعدون، من جديد.


اهتمام كبير بهذه الانتخابات، وآمال بأن يتجاوز المجلس الحالي عقبات أزمات مجالس نيابية سابقة شابها الكثير من المواجهات والصدامات والمناكفات بين السلطتين؛ التنفيذية والتشريعية، تعطلت خلالها العديد من المصالح، ووصل بعضها إلى ما يشبه الاستعصاء السياسي. الأمل اليوم في أن يكرّس المجلس الجديد حالة استثنائية من التفاهم والانسجام، وأن ينجح في ترسيخ القواعد الأساسية، وأهمها خدمة الشعب الكويتي وتغليب المصلحة العامة على المصالح الصغيرة. كذلك، تجاوز الخلافات التي أثرت نوعا ما على عمر مجالس سابقة، فالانتخابات الأخيرة، جرت بعد أقل من عام على حل المجلس السابق بمرسوم أميري بعد أشهر قليلة من انتخابه؛ وعودة الذي قبله بحكم صدر مِن المحكمة الدستورية.


منذ استقلال الكويت في العام 1961، كانت الرسالة الحقيقية لهذه الدولة الخليجية الصغيرة بمساحتها والكبيرة بإنجازاتها، أن تؤسس لحالة فريدة من نوعها تشتمل على  سقف عال من الحرية المسؤولة، كل ذلك عبر حراك تشاوري. حالة خاصة عاشتها الكويت تحت قبة البرلمان منذ أكثر من 60 عاما، حيث يجمع هذا المكان مختلف الأطياف والألوان السياسية، ويشكل أنموذجًا للحوار الديمقراطي وتعزيز مشاركة المواطنين في صنع القرار.


السعي نحو التغيير سيبقى أمل الكويتيين لتحسين مستقبل بلادهم؛ سياسيا واجتماعيا، وتوفير حياة أفضل للمواطنين، وتعزيز الحوار والتعاون بين جميع الأطراف المعنية للعمل معًا من أجل استقرار سياسي دائم، وتحقيق تطلعات تتمثل للكويتيين باستمرار تقدم الديمقراطية، والصمود في مواجهة أي متغيرات.
تجربة مهمة اختبرتها خلال زيارتي للكويت، للاطلاع على التجربة السياسية هناك وتبادل الخبرات والمعرفة بعد مرور سنوات على زيارتي الأخيرة لها، وانتهزت وسط كل ذلك فرصة الاستمتاع بجمال هذا البلد العريق، والتعرف أكثر على شعبه الطيب والمضياف.

 

للمزيد من مقالات الكاتبة انقر هنا