كلمات في الصميم للرئيس الأميركي فرانكلين

يوسف عبد الله محمود
يوسف عبد الله محمود
في 4 فبراير 1998 استذكر الكاتب والباحث عرفان نظام الدين في مقال له على صفحات جريدة الحياة خطاب الرئيس الأميركي الحكيم بنيامين فرانكلين الذي وجهه إلى الشعب الأميركي. في خطابه حذّر شعبه من الخطر اليهودي. وماذا قال هذا الرئيس الذي لعله كان يتنبأ بما سيؤول عليه حال أميركا إذا أوسعت رحابها لليهود: "هناك خطر محدق بالولايات المتحدة الأميركية، هذا الخطر يتمثل في اليهود، إذا لم يجرِ استئصالهم من الولايات المتحدة فإنهم وبموجب الدستور وخلال مائة عام على الأقل، سيندفعون إلى هذه الدولة بأعداد ستمكنهم من تدميرنا عن طريق تغيير تركيبة حكومتنا التي –نحن الأميركيين- قد بذلنا الدماء وضحّينا من أجلها بحياتنا وممتلكاتنا وحريتنا الشخصية من أجلها. إذا لم نستأصليهم فإن أطفالنا خلال مائتي عام سيعملون في الحقول من أجل إطعامهم، بينما هم سيكونون في مكاتبهم يفركون أياديهم وقد أخذتهم النشوة. إني أحذّركم أيها السادة. إن أطفالكم وأطفال أطفالكم سوف يلعنونكم في قبوركم. إن قيمهم بعيدة عن قيمنا –نحن الأميركيين- على الرغم من أنهم يعيشون بيننا منذ عدة أجيال. إن النّمر لا يستطيع أن يغير جلده. سيعرضون مؤسساتنا ومجتمعنا للخطر. يجب استئصالهم بطريقة دستورية".اضافة اعلان
ما قاله هذا الرئيس الأميركي وأحد قادة ثورة الاستقلال الأميركية مع الأسف تجاهله الرؤساء الأميركيون الآخرون. لم يصغوا إلى تحذير الرئيس بنيامين فرانكلين. 
ضربوا به عرض الحائط، بل راحوا يعتذرون لليهود وللصهيونية عما ورد في هذا الخطاب ومنهم من اعتبره خطاباً مدسوساً!
إن هذا الخطاب الذي تؤكده وثائق ثورة الاستقلال الأميركية يستذكره أيضاً د. أنور عبدالملك الباحث المصري المعروف في مقال له بعنوان "لمن تدق الأجراس في الشتاء" منشور في كتابه "الوطنية هي الحل" ص222، الكتاب صادر عن مكتبة الشروق الدولية بالقاهرة 2007م. 
يفضح هذا الباحث أكاذيب وافتراءات الساسة الأميركيين على القومية العربية واعتبارها قومية عنصرية اقصائية. 
وتعليقاً على هذه الوثيقة التي تدفع الإمبريالية وحماتها يقول د. أنور عبدالملك: "إن غالبية القيادة المركزية في دولة الهيمنة لا تمثل بحال من الأحوال أصحاب المصالح الحقيقية في الولايات المتحدة ولا تاريخ أميركا الأصيل العظيم ولا طموحاتها المستقبلية كدولة عظمى في منظومة الدول العظمى التي تتشكل يوماً بعد يوم، وإنما هذه الدوائر القيادية الصهيونية تمثل مصالح أعداء أميركا باسم أميركا.
لقد دبّب الصهيونية العالمية أركانها في قلب جهاز القيادة الأميركية وراحت تُسمّم تحرّكه وتدفعه إلى المأزق". د. أنور عبدالملك، المرجع السابق ص224.
هذه الوثيقة لا شك أن رؤساء أميركا بعد فرانكلين قد اطلعوا عليها، ولكنهم دفنوها وآثروا تجاهلها لأنهم مع الأسف خضعوا للقيادة الصهيونية التي باتت تتحكم في مفاصل السياسة الخارجية الأميركية وبخاصة تجاه العرب وبالذات الفلسطينيين الذين يخوضون ثورة تحرّرهم ضد أعتى عنصرية عرفها التاريخ المعاصر.
في مقاله السابق يذكّرنا د. أنور عبدالملك بما ذكره الجنرال ديغول بعد حرب يونيو 1967 عن "تعالي اليهود عن بقية القوم". ويومها أثارت هذه الكلمات ضده ثورة اليهود في فرنسا واضطرته إلى الاستقالة عام 1969! المرجع السابق ص224.
إلى هذا الحدّ بلغ اللوبي الصهيوني في التغلغل في الحياة السياسية للدول العظمى كأميركا وفرنسا وبريطانيا.
ومع الأسف فإن الدول العربية اليوم تعيش أسوأ ظروف حياتها، اقتتال عربي/ عربي، "إرهاب" يتمسح بالإسلام والإسلام منه براء. 
هذا "الإرهاب" صنعته الإمبريالية العالمية في بداياته بحجة مقاومة الخطر الشيوعي آنذاك، والآن تريده حفاظاً على الدولة العنصرية الإسرائيلية. فمن المستفيد مما يحدث اليوم على الساحات العربية غير إسرائيل التي تتفرّج مسرورة!
ما يحدث عربياً كان بالإمكان تلافيه لو حسنت النوايا وتم حسم الخلافات الجانبية بالطرق السلمية.
أقول هنا نحن بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى مشروع قومي عربي بتنظيم جميع الكيانات العربية لمواجهة الخطر الإمبريالي/ الصهيوني.
لا يجوز تزييف "الرؤية الوطنية" ذرًّا للرماد في العيون.
نحن بحاجة إلى وقفة عربية صادقة مع الذات. نريد وفاقاً وطنياً صادقاً بعيداً عن المجاملات الوقتية!
لقد حَلّت بنا الهزائم ابتداءً من نكبة فلسطين 1948 وصولاً إلى هزيمة 1967 لأننا لم نصدق مع الذات شئنا أم أبينا. هذا يُخادع هذا! عواطفنا تسبق حكمة عقولنا! 
نحن بحاجة اليوم إلى عمل إستراتيجي حقيقي يلمّم الشعث العربي ويقضي على "النرجسية" لبعض القادة والحكام. هل نفعل؟
والله من وراء القصد.