إضاءة حول تجربة برقان الإبداعية في ديوان "تحت سماء واحدة"

إضاءة حول تجربة برقان الإبداعية في ديوان "تحت سماء واحدة"
منتدى الرواد الكبار

عمان- أقام منتدى الرواد الكبار أول من أمس، أمسية شعرية للشاعر نضال برقان، حيث قدم إضاءة حول تجربته الإبداعية في ديوانه "تحت سماء واحدة"، الصادر بدعم من وزارة الثقافة عن دار "الآن ناشرون وموزعون".
الأمسية أدارتها المستشارة الثقافية للمنتدى القاصة سحر ملص، بمشاركة كل من: الدكتور أنور أبو الشعر والدكتورة دلال عنبتاوي، وبحضور لفيف من المهتمين بالشأن الثقافي والشعري.
مديرة المنتدى ورئيس جمعية الأسرة البيضاء هيفاء البشير، قالت: "في هذه الأمسية الشعرية نحتفي بديوان "تحت سماء واحدة"، والذي يحمل في طياته الكثير من المعاني والإشارات، إذ إن مجرد العنوان يثير في النفس تداعيات مختلفة، حيث يقدم كل المشاركين إضاءة حول هذا العمل الأدبي".
ورأت البشير، أنه "مهما تغير الزمن واضطربت الأحداث يظل للروح تحليقها، والبحث عن منبع صاف تستقي منه، ليكون الشعر ملاذها، ما أحوجنا في هذه الأيام العصيبة التي تمر بها غزة العزيزة وأمتنا العربية، من اضطرابات وحروب طاحنة تجعل النفس باحثة عن واحة من الجمال تلوذ إليها وتعيد لها اتزانها لذلك كله نحن الليلة هنا".
من جانبه تحدث د. أبو الشعر عن "الثيمات المهيمنة" في "تحت سماء واحدة"، لبرقان قائلا: "يحتوي على أربعة وعشرين نصًّا مما يطلق البعض عليها "قصيدة النثر"، وبعيدًا عن رؤيتي النقدية وعن الإشكالية الجدلية بين النقاد، سأقدم أعمال هذا الكتاب على أنها نصوص تجنبًا لخلق مزيد من الإشكاليات في التعامل معها، مبينا أنه يبحث في هذه الثيمات المهيمنة "ثيمة الحبيبة/ الوطن، وثيمة الحرية، وثيمة الحرب مع الكشف عن التقنيات الفنية والأساليب اللغوية والبلاغية التي وظفها الكاتب للتعبير عن رؤاه وأفكاره في هذه النصوص".
ورأى أبو الشعر، أن برقان يقدم في هذه النصوص رؤيته للإنسان والكون والحياة، وما فيها من تجاذبات الحب، والوطن، والحرية، والفرح، والحلم، والحرب، فجاءت الثيمات المهيمنة على النصوص "هي الحب/ الوطن، والحرية، والحرب"، كما اندمجت ثيمة الحب (الحبيبة) بثيمة الوطن، فعبر عن الوطن بالحبيبة، لافتا إلى أن برقان قدم أيضا نصوصًا على درجة عالية من الاتساق الموضوعي والفني: البلاغي واللغوي، فشهدت النصوص توظيفا للأساليب الآتية:
"توظيف اللغة العربية الفصيحة، توظيف أساليب لغوية متنوعة مثل: إسمية وفعلية وأخرى طلبية واستفهامية. كما غاير في طول الجمل بين الجملة القصيرة، ومتوسطة الطول، والطويلة. واستخدم أسلوب التكرار، ووظف معطيات الموروث الديني وما فيه من أفكار وتعابير، واستخدم الرموز في غير موضع، وظف الأساليب البلاغية كالتشخيص، والاستعارة، والتشبيه، والكناية، ورسم العديد من الصور، التي تمثل حالات الدمار والقتل الناجمة عن الحرب، وصورًا تعبر عن حنينه للحبيبة/ الوطن واشتياقه للقائها، وانتشرت دلالية في ثنايا النصوص وتعاريجها الألفاظ الدالة على القتل، والدمار، والحرب، إضافة إلى الألفاظ الدالة على الحبيبة/ الوطن.
فيما تحدثت الدكتورة دلال عنبتاوي، عن "ثنائية السماء والأرض"، في ديوان "تحت سماء واحدة"، مبينة أن هذه الثنائية هي عملية متجذرة في الإبداع الشعري، في تحمل جوهرها عنصر التضاد الذي يمكنه من خلق "التوتر"، "الفجوة" في النص، بحيث لا يجعله نصا إبداعيا سلبيا يقرر مجموعة أشياء وظواهر، بل نصا حركيا حديثا؛ فتجعله هذه الثنائية نصا يحدث "الهزة" ويخلق عنفا فكريا رؤيويا، كما أن هذه الثنائية تعد العنصر الأساسي وصاحبة الدور الفعال، في بقاء وخلود كثير من النصوص الإبداعية التي تحمل خاصية التضاد بين مجموعة من القضايا والظواهر، وتجسد تفاعل الذات الشاعرة بالذات الإنسانية وبواقعها، وتصبح إطارا تضمنيا لمواقف الإنسان الفكرية والفلسفية.
وأشارت عنبتاوي إلى صورة الغلاف، حيث تظهر فيه صورة السماء الواسعة وهذا الفضاء الذي يضم الجميع تحته وتبدو صورة الفضاء الأزرق والغيم الكثيف المتداخل ببعضه وتظهر صورة أخرى، مقابلة للصورة الأولى الأرض بكل مكوناتها وقد جاءت لتؤكد عنوان المجموعة الشعرية، فهي سماء واحدة تظلل الكل ونحن كلنا تحتها من إنسان وجبل ونهر وبحر وحيوان، مبينة أن الغلاف يشي بالثنائية وهي "ثنائية السماء والأرض". 
وأضافت عبنتاوي، الآن في ظل حرب الإبادة في غزة وطبول الحرب التي تقرع من حولنا ربما لا نتأكد أو نثق أننا "تحت سماء واحدة"، بسبب حجم الألم والقهر والظلم ومكابدة الحياة بكل أشكالها، وبسبب تسلط القوي على الضعيف الذي قد يغير ويلغي تفرد ووحدانية هذه السماء ويخلق منها سماوات عدة، من الظلم والتسلط والقهر.
وخلصت عنبتاوي، إلى أن برقان سعى في هذه المجموعة إلى تأكيد فكرته وهي، أن سماء واحدة فقط ونحن جميعا تحتها وأكد الانحياز والإيمان الشديد بالعدل والإنسانية والمحبة والحضور على هذه الأرض الثابتة. وأهمها أرضنا غزة الفلسطينية العربية.
ثم قدم الشاعر نضال برقان (شهادة إبداعية)، قال فيها: "انشغلت في ديوان "تحت سماء واحدة"، في تأمل الحرب بوصفها فعلا مجردًا، من دون أن تسجل انحيازا لأي طرف من المتحاربين، وكذلك تأمل تبعاتها في الذات المفردة والجمعية، وهنا كان الانحياز للحقيقية والعدالة، والبحث عن تلك المفردات.. الغائبة، أو الذاهبة بعيدًا في غيبها".
ثم تحدث في شهادة عن أسئلة القصيدة قائلا: "لم تبتعد عني في يوم من الأيام، ولم تخرج من مختبر الكتابة خاصتي لحظة، وفي الوقت الذي ينشغل فيه البعض بتعريف القصيدة، وتأطيرها، كنت انشغلت في تكسير تلك التعاريف، وتحطيم هاتيك الأطر". 
ثم قرأ مقطعا من قصيدة (تحتَ سماءٍ واحدة)، تقول القصيدة: "بينما تقفينَ في مهبِّ الموسيقا/على الجانبِ البعيدِ من الكرةِ الأرضيةِ/ تجتاحُ جسدَكِ أمواجُ قشعريرةٍ زرقاء/وبينما أقفُ على الجانبِ الآخرِ منها/أمواجُ القشعريرةِ ذاتِها ستضربُ جسدي/ كلما وقفتُ في مهبِّ الموسيقا/لعلنا لم نلتقِ بعدُ/وربما لن نلتقيَ يومًا/غير أن أغنياتِنا/التي نطلقُ عصافيرَها في عينِ الشمسِ كلَّ صباحٍ/من شتى أرجاءِ العالم/تحطُّ رحالَها لتستريحَ على شجرةِ المحبةِ نفسِها/قبلَ أن تشربَ من نهرِ الحبِ المقدّسِ/وأحلامُنا/مهما اختلفت لغاتُها/فإننا نطلقُها في الرياحِ ذاتِها/أنتِ من هناكَ.. أنا من هنا/وكلانا، دائمًا، تحتَ سماءٍ واحدة".

اضافة اعلان