‏إسرائيل تنحدر إلى البربرية‏

"إسرائيل تقتل الأطفال بقنابل أميركية.. أوقفوا الإبادة الجماعية" - (المصدر)
"إسرائيل تقتل الأطفال بقنابل أميركية.. أوقفوا الإبادة الجماعية" - (المصدر)

‏‏لورانس ديفيدسون‏* - (كاونتربنش)- 16/5/2024


الواقع‏

اضافة اعلان

 


ما لم تكن ضحية لضيق أفق أخلاقي (ويبدو أن هناك وباء من هذا العيب في الوقت الحاضر)، يجب أن يكون واضحًا لك أن إسرائيل قد انحدرت إلى البربرية.

 

لماذا البربرية؟ لأنه في إسرائيل، أصبح السلوك الوحشي، القاتل، والإجرامي في أي سياق آخر، سياسة الدولة. دعونا نراجع علامات هذا الانهيار:‏


‏* إقامة دولة فصل عنصري لإشباع عقيدة أيديولوجية عنصرية.‏
‏* ارتكاب إبادة جماعية "محتملة" في غزة.‏
‏* ارتكاب إعدامات جماعية في مستشفيات غزة، من بين أماكن أخرى.‏
‏* إصدار أوامر بإطلاق النار على المدنيين الفلسطينيين العزل.‏
‏* تعذيب وقتل المعتقلين الفلسطينيين.‏
‏* إحداث مجاعة مصنَّعة في غزة.‏
‏* منع المساعدات الإنسانية‏.
‏* التدمير المنهجي لمعظم البنى التحتية اللازمة لاستدامة الحياة البشرية في قطاع غزة.‏
‏* ارتكاب أعداد متزايدة من المذابح ضد القرى والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية.‏


كل هذا موثق في تقارير منظمات حقوق الإنسان المعروفة بالمصداقية (بما فيها منظمات إسرائيلية)، ووكالات الأمم المتحدة، وكذلك في قرارات "محكمة العدل الدولية".

 

ولنواجه الأمر، ليست هذه مسألة رأي أو منظور -سواء كان ذلك يتعلق بالرئيس بايدن أو أي شخص آخر. إنها مسألة حقيقة (متلفزة في أغلب الأحيان).‏


الأعذار‏

 


‏سوف يغضب اليهود الإسرائيليون حقاً، والصهاينة عموماً، عندما تستشهدُ بالحقائق المذكورة أعلاه من دون الإشارة إلى تبريراتهم. لذلك، دعونا نستعرض بعضها:‏

‏-‏‏ السلوك الإسرائيلي في غزة هو دفاع عن النفس، وكان رداً على الهجوم الذي شنته حماس في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023.‏


‏الطريقة التي يتحدث بها الإسرائيليون عن تحرك 7 تشرين الأول (أكتوبر) تأتي كما لو أنه لم يكن هناك أبداً 6 تشرين الأول (أكتوبر)، أو عندما يتعلق بغزة على وجه التحديد، الأعوام السبعة عشر السابقة التي تعود إلى العام 2006. ويساعد تاريخ تلك الأعوام في فضح الكذبة في ادعاء إسرائيل بالدفاع عن النفس.

 

في تشرين الأول (أكتوبر) من العام 2006 كانت هناك انتخابات وطنية تحت إشراف دولي في فلسطين. وبسبب الفساد المرتبط بحركة "فتح"، الحزب الذي سيطر على "السلطة الوطنية الفلسطينية"، وتعاون "فتح" مع الاحتلال الإسرائيلي، فازت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في الانتخابات.

 

وكانت سمعة "حماس" سمعة صدق وموثوقية، وقد أصرت دائمًا على استمرار المقاومة للاحتلال الإسرائيلي.‏


كان رد فعل إسرائيل على انتصار حماس هو اعتقال أعضاء الحكومة الجديدة المقيمين في الضفة الغربية. وطالبت الولايات المتحدة وقوى أوروبية أخرى حماس بمواصلة علاقة التعاون بين "السلطة الوطنية الفلسطينية" وإسرائيل. ورفضت حماس. وشرعت الولايات المتحدة، وإسرائيل، و"فتح" في التآمر على إبجاد طرق لإلغاء الانتخابات وتدمير حماس.

 

وبحلول العام 2007، فرضت إسرائيل، بالتعاون‏‏ ‏‏مع مصر، حصارًا على قطاع غزة. وكان الحصار معادلًا لعملية إحباط للتنمية، وأدت إلى إفقار أكثر من مليون شخص. وأدت التوغلات الإسرائيلية المسلحة الدورية في القطاع إلى إدامة واقع من التوتر الاضطهادي. وتحول قطاع غزة إلى "سجن في الهواء الطلق".‏


‏إلى هذه الصورة، يمكن أن تضاف حقيقة أن‏‏ جميع المحاولات السابقة للتفاوض بين إسرائيل والفلسطينيين تم تخريبها على يد إسرائيل،‏‏ لأن أي تسوية توفيقية كانت ستقوض التصميم الأيديولوجي الصهيوني على تحويل كل فلسطين إلى أرض "يهودية" مسيطر عليها.‏


‏في ظل هذه ا لظروف، كان الطرف الوحيد الذي مارس حقاً "الدفاع عن النفس" في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2024 هو الفلسطينيون تحت قيادة حماس وغيرها من جماعات المقاوِمة المتحالفة معها.‏


‏- "‏‏نحن نخوض حرباً وجودية".

 


هذا هو تأكيد يائير لابيد، رئيس حزب المعارضة الإسرائيلي. ليس لدى لابيد أي شك في أن حماس تريد قتل اليهود لأنهم يهود. وهو يشعر أن الإسرائيليين ليس لديهم سوى خيار واحد آخر غير خوض الحرب في غزة، وهو السماح "بقتلهم".‏


‏ويبدو لابيد مقتنعًا بأن الأميركيين الذين يعترضون على الكيفية التي تقاتل بها إسرائيل في غزة لا يفهمون تعقيد الوضع. وهذا يشمل "خيانة المثقفين. يعني مثقفي الغرب، أو بعضهم".‏
ويؤكد لنا أن "إسرائيل لا ترتكب إبادة جماعية. إن الجيش الإسرائيلي يتصرف بشرف. إن إسرائيل لا تفعل أي شيء سوى الدفاع عن نفسها في حرب لم نكن نريدها".‏


‏وأخيرًا، يحذر لبيد من أنكَ إذا سمعتَ أي نسخة أخرى من هذه القصة "فهي ليست النسخة الصحيحة. وأنا كنت منخرطًا، لذلك أعرف".‏


رُبي لبيد، كما يخبرنا، "وطنياً إسرائيلياً". وهذا يعني أن تنشأ في بيئة معلومات مغلقة خاضعة للرقابة. وهكذا، فإن وجهة نظره قابلة للتنبؤ بها، ولكنها أيضا تفتقر إلى سياق تاريخي غير متحيز.

 

لم يتعرض اليهود الإسرائيليون أبدًا لخطر ركلهم إلى البحر. لم تكن دولة إسرائيل أبدًا في خطر جدي بخسارة حرب. ما كان دائما موضع شك هو وضع إسرائيل كدولة ديمقراطية.

 

وكان ما يضع إسرائيل الصهيونية في خطر حقيقي هو الشكوك الدولية المتزايدة في هذا الصدد -حول شبه الدولة الصهيونية المتزايد مع دولة فصل عنصري مثل تلك التي كانتها جنوب إفريقيا. ومثل هذه الدول، كما يأمل المرء، ليس لها مستقبل طويل الأمد في العالم الحديث.‏


‏إن حرب "الدفاع عن النفس" التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين تظهر لبقية العالم فقط قدرة إسرائيل على الهمجية -وهي سلوك يبرره لبيد لأن "الأمور معقدة".‏


‏- ‏‏حرب غزة مثل الحرب العالمية الثانية.‏

 


‏هذا هو تأكيد رئيس الوزراء نتنياهو‏‏. وهو يعني بذلك أن إسرائيل تقاتل النازيين البديلين، وبالتالي فإن تحويل قطاع غزة إلى ‏‏دريسدن في شباط (فبراير) 1945‏‏ ليس جريمة حرب. ومثل هذه المذبحة ليست سوى مجرد نتيجة مؤسفة لـ"الدفاع عن النفس".‏


تعكس هذه المقارنة حقيقة أن معاداة السامية، بالتحديد في النسخة المتطرفة للهولوكوست، حددت منذ فترة طويلة وجهة النظر الإسرائيلية للدوافع والسلوك الفلسطيني. ومع ذلك، عند النظر إليه من الخارج، بموضوعية، فإن هذا يتاخم الوهم.

 

على سبيل المثال، أدى الهجوم الفلسطيني في 7 تشرين الأول (أكتوبر) (الذي من المفترض أن يظهر معاداة السامية القاتلة وغير القابلة للشفاء لدى الفلسطينيين) إلى مقتل ‏‏حوالي 1.200 إسرائيلي‏‏، مات عدد منهم نتيجة "النيران الصديقة" لطائرات الهليكوبتر الحربية والدبابات الإسرائيلية.

 

ونحن حقاً لا نعرف نسبة الإسرائيليين الذين قُتلوا على يد القوات الفلسطينية الغازية وأولئك الذين قتلوا على يد المستجيبين الإسرائيليين. وفي ردهم على ذلك، قتل الإسرائيليون حتى الآن بطريقة عشوائية إلى حد كبير حوالي 35.000 فلسطيني.‏


‏مهما كانت رغبة بعض الفلسطينيين في تخليص العالم من الصهاينة، فإنهم لا يملكون القدرة على القيام بذلك. وعلى الناحية الأخرى، يبدو أن هناك أجيالاً متعددة من الإسرائيليين الذين يريدون تخليص العالم (أو على الأقل الجزء الخاص بهم من العالم) من الفلسطينيين ولديهم القدرة على القيام بذلك.

 

إن ما يصفه رئيس الوزراء نتنياهو بأنه صراع مثل الحرب العالمية الثانية هو في الواقع الإسرائيليون، مقتنعين بوضعهم كضحايا، يشنون حرب تطهير عرقي ضد الفلسطينيين.‏


ما الذي على المحك؟‏

 

 


‏1. طبيعة إسرائيل اليهودية على المحك.‏

 


إن ما نشهده من حيث السلوك الإسرائيلي في غزة هو مثال آخر على التعصب المكتسب. هذا هو نوع التلقين العقائدي الذي سمح للإسرائيليين، كما ‏‏يلاحظ توماس سواريز‏‏، برؤية إرهابهم على أنه "دفاع عن النفس".

 

وسواء كانت قائمة على أسطورة دينية أو على رواية قصص متعددة الأجيال من صنع الدولة، فإن النظرة بين اليهود الإسرائيليين تم تحديدها مسبقا. وقد مهدت هذه النظرة الطريق للهمجية.

 

وهكذا، عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين، فإن الاختلاف في الأهداف السياسية ليائير لابيد، وبنيامين نتنياهو، وإيتمار بن غفير، والقائمين على اليمين، والأحزاب الدينية، وما إلى ذلك، هو اختلاف على فروق دقيقة -تنويعات ما هو بشكل أساسي ثيمة أبارتايد لمستقبل إسرائيل.

 

وليست هذه نظرة تم التوصل إليها من خلال التفكير المنطقي المستقل. إنها نظرة مدعومة من المجتمع، وتلقين لا يمكن التغلب عليه إلا بنوع من العلاج بالصدمة. ومن المؤكد أن نجاح "حركة المقاطعة" و"المحكمة الجنائية الدولية" في توجيه الاتهام إلى القادة الإسرائيليين سيكون بالتأكيد خطوات في الاتجاه الصحيح.‏


‏2. علاقة إسرائيل بالولايات المتحدة هي أيضًا على المحك.‏

 


‏إذا نحينا دونالد ترامب جانبًا، فإن من الصعب تخيل‏‏ ‏‏رئيس أميركي مستقبلي يمكن أن يتخذ الموقف نفسه المؤيد لإسرائيل بلا شروط مثل جو بايدن.

 

كما قضي الأمر بالنسبة للحزب الديمقراطي أيضًا -حتى لو أعيد انتخاب بايدن (وبالتأكيد إذا لم يتم إعادة انتخابه)، فإن النفوذ السياسي للوبي الصهيوني الأميركي لن يقف مرة أخرى من دون معارضة. ويجب أن تزداد المعارضة بما أن إسرائيل تفعل "ما يأتي بشكل طبيعي" من دولة فصل عنصري.‏


‏3. طبيعة النضال الفلسطيني على المحك.‏

 


إننا نشهد أيضًا تغيرًا هائلاً في موقف الشعب الفلسطيني. سوف يساعد المثال القوي الحالي للمقاومة العنيدة الآن في تحديد مصيرهم النهائي. وثمة مفارقة فظيعة في هذا، لأن الأمر تطلب التدمير شبه الكامل لقطاع غزة والمذابح المستمرة في الضفة الغربية لإقناع الكثير من العالم بأن إسرائيل لا يمكن أن تُخضع الفلسطينيين.

 

وهكذا، من خلال هذا الدمار الرهيب وضع الفلسطينيون أنفسهم في موضع البقاء على المدى الطويل. ويتعين على الغرب أن يتحمل قدرًا كبيرًا من المسؤولية عن هذا الثمن الباهظ.


‏4. من المؤكد أن طبيعة وشخصية الشعب اليهودي في جميع أنحاء العالم على المحك.‏
يقف الشعب اليهودي والدين اليهودي الآن على مفترق طرق. إن الصهيونية هي أيديولوجية سياسية أدى منطقها مباشرة إلى إنشاء دولة فصل عنصري "يهودية". وكما هو الحال مع الحقائق التي أدت إلى ممارستها للإبادة الجماعية والمذابح، فإن وضع الفصل العنصري لإسرائيل ليس مسألة رأي أو منظور. مرة أخرى، موثقة بعمل كل منظمة حقوق إنسان ذات مصداقية على ظهر هذا الكوكب، إنها مسألة واقعية.

 

ومع ذلك، يصرخ الصهاينة بإصرار من فوق أسطح المنازل بأن الصهيونية مرادفة للدين اليهودي والشعب اليهودي. ويبدو أنهم تمكنوا من جعل هذه الرسالة عالية الصوت مقبولة لدى نخب السلطة الأميركية من خلال تقديم مبالغ كبيرة من المال للسياسيين، أو التهديد بحجب هذه المبالغ عن الجامعات.

 

وبالنظر إلى شعار أن "الوسيلة هي الرسالة"، فإن هذا يشير إلى أن الصهاينة يريدوننا أن نقبل فكرة أن أموال الرشوة هي جزء لا يتجزأ من يهوديتهم (اقتراح معاد للسامية).‏


‏‏ضد هذه الهرطقة تقف المنظمات اليهودية التي تصر على أن الصهاينة لا يستطيعون أن يفعلوا هذا "باسمي". في الولايات المتحدة، وربما في أوروبا الغربية أيضًا، يشكل هؤلاء المعادون للصهيونية، الذين يهتمون بقيمهم العرقية والدينية، عددًا كبيرًا يعتد به من اليهود.‏


‏لا يخطئن أحد. ليس هناك مجال حقيقي حقاً للتوصل إلى حل وسط بين هذين الجانبين. إذا انتصر الصهاينة، فإن رئيس وزراء إسرائيل سيصبح معادلاً لبابا يهودي. أعرف أن هذا يبدو غريباً جداً!‏

خلاصة‏

 


‏كما هو مقترح أعلاه، ثمة شيء يمكن التنبؤ به بشكل مخيف حول السلوك الإسرائيلي في غزة. يمكنك في الواقع أن ترتب للناس (أي أناس) للتصرف بهذه الطريقة.

 

وليس عليك حتى القيام بذلك بوعي. إن الناس ينقسمون، غريزياً، إلى مجموعات: العائلات، دوائر الصداقة، القبائل، المجتمعات، الدول، إلخ.

 

ويبدو أن رسالة كل مجموعة؛ أنها "خاصة" بطريقة ما، تنهض بشكل مشترك على ما يبدو. واستغلال كل أنواع الساسة لهذه الرسالة هو أيضًا ثابت تاريخي. وبالنظر إلى هذه الدوافع، فإن العمل الحقيقي ليس حث الجماعات المحلية على أن تكون معادية "للآخر". إن العمل الحقيقي هو منعها من أن تفعل.‏


هذا هو، من بين أمور أخرى، ما يحاول العاملون في المجال الإنساني وغيرهم من التقدميين الحقيقيين فعلَه. لكن الأمر ليس سهلاً. لماذا هو كفاح صعب على هذا النحو؟ لأنه يبدو أن مشاعر الشك والخوف تأتي بطريقة طبيعية، وراثياً وبيئياً على حد سواء. ربما يكون هذا هو أفضل تفسير لحقيقة أن النضال من أجل العدالة يبدو وكأنه لا ينتهي أبدًا. أياً يكن، إنها حقيقة رائعة، وجميلة حقاً أن بعض الناس يكسرون النمط، وهم موجودون هناك لخوض هذا الصراع.

 

قبل حوالي 90 عامًا كانت القضية هي حق اليهود في الحياة والحرية. واليوم، أصبحت القضية هي الحقوق نفسها للفلسطينيين. إن التاريخ في الحقيقة يعيد نفسه.‏

‏*لورانس ديفيدسون‏‏ Lawrence Davidson: أستاذ متقاعد للتاريخ في جامعة ويست تشيستر في ويست تشيستر، بنسلفانيا.‏


*نشر هذا المقال تحت عنوان: Israel Descends Into Barbarism

 

اقرأ المزيد في ترجمات:

حكاية نفاق: الإبادة الجماعية الإسرائيلية والمحكمة الجنائية الدولية