الفشل العاطفي.. ما تأثيره على الثقة بالنفس وبناء علاقات جديدة؟

الفشل العاطفي
الفشل العاطفي

"أشعر أني غير محبوبة وغير مرغوب بوجودي حتى بين أهم وأقرب الناس لي، لا أجد نفسي في أي مكان.. العزلة بيتي الآمن، ومشاعر القهر والخوف تتملكني في كثير من الأوقات، ثقتي بذاتي مهزوزة وأراجع نفسي وأفعالي، هل أخطات في مكان ما لتكون هذه نتيجة أفعالي؟"، بهذه المشاعر المحبطة بدأت ياسمين عطا الله حديثها.

اضافة اعلان


ياسمين تعترف بأن كل هذه المشاعر جاءت بعد أن فشلت في علاقتها العاطفية قبل شهر من الزواج، حيث تم الانفصال لأسباب تبين أنها عادية وهي مجرد اختلاف في وجهات النظر. 


اعتقد خطيبها السابق أنها ستكون إنسانة صعبة ولا يستطيع أن يبدأ حياته معها. وفي الوقت ذاته، خسرت صديقتين رغم كل الأعوام التي قضتها معهما. كل تلك الأسباب زادت من حالة انهيارها النفسي بعد الانفصال، ولم تجد الدعم الذي توقعته، كما كانت معتادة أن تفعل معهما.


كان الحل النفسي والسليم لها هو الابتعاد عن الجميع، لأنها بوجهة نظرها ربما هي إنسانة مليئة بالأخطاء، لذلك يبتعد عنها الجميع، فما تشعر به يمكن أن يكون عبئا على أي شخص، حتى على الأقرباء، لكن في المقابل هذا زاد من شعورها بالقهر والحزن. وعدم تحمل المزيد مما تعيشه.


يؤكد اختصاصيون في علم النفس، أن الفشل في العلاقات العاطفية يمكن أن يؤدي إلى تراجع ملحوظ في مستوى الثقة بالنفس. 


عند انتهاء علاقة عاطفية بشكل غير ناجح، يبدأ الشخص غالبا في مراجعة نفسه وتحليل الأسباب التي أدت إلى الفشل. هذا التحليل الذاتي يمكن أن يكون قاسيا ويؤدي إلى شعور عميق بالنقص، حيث يعتقد الشخص أنه غير قادر على جذب شريك أو الحفاظ على علاقة مستقرة.


إلى ذلك، تتضاءل الثقة بالنفس عندما يكون الشخص مقتنعا بأن لديه عيوبا جوهرية تجعله غير مستحق للحب والاحترام، مما يؤثر على جوانب أخرى من حياته.


يؤكد اختصاصي علم النفس الدكتور موسى مطارنة، أن الشعور بقيمة منخفضة للعلاقة عند انتهائها، سواء كانت حباً أو زواجاً أو حتى صداقة، يمكن أن يجعل الشخص يشعر بأن الجهود والمشاعر التي بذلها كانت بلا جدوى. هذا الشعور يعزز إحساسه بأن العلاقات العاطفية عموما ليست ذات قيمة، وأن العلاقات الشخصية التي يسعى لبنائها ليست ذات أهمية كبيرة. الشعور بقيمة منخفضة للعلاقات يجعل الشخص مترددا في الدخول في علاقات جديدة أو الاستثمار في العلاقات القائمة، خوفا من تكرار الفشل.


ووفق مطارنة، فإن التأثير السلبي للعلاقات العاطفية الفاشلة يمكن أن يؤدي إلى عزلة اجتماعية تدريجية. فالشخص الذي يمر بتجربة فشل عاطفي قد يتجنب الأنشطة الاجتماعية والمناسبات التي تذكره بعلاقته السابقة، أو التي يمكن أن تعرضه للأسئلة المحرجة حول حالته العاطفية. هذا التجنب يقلل من فرص التواصل الاجتماعي والدعم من الأصدقاء والعائلة، مما يزيد من شعوره بالعزلة والوحدة، وبالتالي زيادة القلق والاكتئاب.


ويوضح أن العلاقات العاطفية الفاشلة يمكن أن تؤدي إلى زيادة مستويات القلق والاكتئاب، والفشل في العلاقة يمكن أن يكون محفزا لمشاعر الإحباط والخيبة، مما يؤثر على الحالة النفسية بشكل عام، فالقلق من تكرار تجربة الفشل يمكن أن يصبح معيقا للشخص، حيث يخشى الدخول في علاقات جديدة، هذا القلق المستمر يمكن أن يتفاقم بمرور الوقت إذا لم يتم التعامل معه بشكل صحيح.


وبحسب التربوية والمرشدة النفسية رائدة الكيلاني، فإن الإنسان ينمو من خلال تجاربه الشخصية، وإن ردود فعل الأشخاص تختلف بناءً على تربيتهم وأثرها على نفسياتهم. هذا يجعل بعض الأشخاص قادرين على التعامل مع ضغوطات الحياة وصدماتها، بينما يكون الآخرون ضعيفين نفسيا، حيث يضخمون الأمور في أذهانهم ويكون تأثيرها كبيرا على نفسيتهم.


وتؤكد الكيلاني أن مشاعر الإحباط والخيبة بعد تجربة الفشل في العلاقات العاطفية غالبا ما تترك الشخص محبطا وخائب الأمل. هذه المشاعر يمكن أن تنعكس على طريقة تفاعل الشخص مع محيطه الاجتماعي، حيث يصبح أقل استعدادا للمشاركة والانخراط في الأنشطة الاجتماعية. كما قد تجعل مشاعر الإحباط والخيبة الشخص يتبنى نظرة سلبية تجاه الحياة والعلاقات، مما يؤثر سلبا على جودة حياته بشكل عام.


كما أن مشاعر الإحباط والخيبة بعد تجربة الفشل في العلاقات العاطفية، وفق الكيلاني، غالبا ما تترك الشخص محبطا وخائب الأمل. هذه المشاعر يمكن أن تنعكس على الطريقة التي يتفاعل بها الشخص مع محيطه الاجتماعي، حيث يصبح أقل استعدادا للمشاركة والانخراط في الأنشطة الاجتماعية، كما ويتبنى نظرة سلبية تجاه الحياة والعلاقات، مما يؤثر سلبا على جودة حياته بشكل عام.


وتلفت الكيلاني إلى أن أحد أهم العوامل التي تؤثر على سير حياة هؤلاء الأشخاص، الخوف من تكرار تجربة الفشل، حيث يمكن أن يكون هذا الخوف عائقا كبيرا أمام بناء علاقات جديدة. ينبع هذا الخوف من القلق الناجم عن التعرض للألم العاطفي مرة أخرى. هذه الاستراتيجية الوقائية قد تحمي الشخص من الألم المؤقت، ولكنها في الوقت نفسه تعزله بشكل أكبر وتمنعه من تجربة السعادة والشعور العاطفي الحقيقي.


وأخيرا، يمكن أن يكون للفشل في العلاقات العاطفية تأثيرات سلبية عميقة على الثقة بالنفس والشعور بقيمة العلاقة، مما يؤدي إلى عزلة اجتماعية وزيادة القلق والاكتئاب. ومع ذلك، من المهم أن يدرك الأشخاص المتأثرون بهذه التجارب أن البحث عن الدعم النفسي والاجتماعي يمكن أن يساعدهم على تجاوز هذه الصعوبات واستعادة الثقة بالنفس، والانفتاح على علاقات جديدة وصحية.

 

اقرأ أيضاً: 

العلاقات المستنزفة.. كيف نحمي أنفسنا من الأذى؟